الرئيسيةمقالات سياسية“اتفاق هوكشتاين” المؤجل: من انتظار غــزة إلى انتظار إيران

“اتفاق هوكشتاين” المؤجل: من انتظار غــزة إلى انتظار إيران

Published on

spot_img

لدى لبنان تجارب كثيرة وخطرة في آن، مع مسارات التفاوض في معالجة الأزمات العسكرية والأمنية التي يشهدها، إما على حدوده الجنوبية أو في الداخل. محطات تفاوض كثيرة واتفاقات أكثر، لطالما جرى الإعلان عنها وما لبثت أن انهارت أو أسقطتها الظروف والوقائع الميدانية والتطورات السياسية الإقليمية.
لطالما أوحى الإسرائيليون بأنهم يريدون التفاوض مع لبنان ويسعون إلى توقيع اتفاقيات، لكن سرعان ما يتم الانقلاب عليها، لأسباب متعددة.

ثقة مفرطة
مناسبة التذكير بتك المحطات هي ثقة لبنانية مفرطة بعدم توفر أي ظروف حربية إسرائيلية على لبنان تحاكي الحروب السابقة. معطوفة على ثقة لبنانية بالمسار الأميركي الذي يكرسه المبعوث آموس هوكشتاين للوصول إلى تفاهم. يزهو بعض اللبنانيين بنجاحهم في إقناع هوكشتاين بأن معادلة جنوب لبنان مرتبطة بجبهة غزة، وأن المبعوث الأميركي أصبح على يقين بأن لا وقف للعمليات العسكرية في الجنوب اللبناني قبل الوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزة. لكن المسؤولين المتابعين لمسار التفاوض يؤكدون أن “الاتفاق ناجز” وأصبح معروفاً، ولكن لا تطبيق له قبل وقف النار في غزة. قوام الاتفاق هو ثلاث مراحل. الأولى، وقف العمليات العسكرية. الثانية، تعزيز وجود الجيش اللبناني وإدخال قوات جديدة له، بناء على توفير دعم خارجي من دول متعددة لزيادة عديده. بالإضافة إلى تعزيز وجود قوات الطوارئ الدولية، اليونيفيل. وتؤكد مصادر متابعة لبنود الاتفاق أنه لن يتم ذكر انسحاب حزب الله أو قوات الرضوان من جنوب نهر الليطاني. ولكن هذه ستكون نتيجة فعلية بمجرد وقف المظاهر المسلحة وإدخال الجيش وتعزيز اليونيفيل. أما المرحلة الثالثة، فهي مرحلة التفاوض على الانتهاء من تثبيت الحدود البرّية.

تحذيرات فرنسية
لكن مسألة جديدة تطرأ على أدبيات بعض الساسة اللبنانيين، وهي تتصل بالانتقال من مرحلة انتظار الحرب على غزة وتوقفها، إلى انتظار مآلات الصراع بين إيران وإسرائيل، لأنها تنعكس على لبنان بشكل مباشر. خصوصاً في ظل وتيرة التصعيد المتزايدة للمواجهات بين حزب الله واسرائيل في الأيام الماضية، وتحديداً بعد الضربة الإيرانية على إسرائيل وتعهد تل أبيب بالرد، وسط محاولات أميركية لثنيها عن هذا الردّ ضد ايران، مقابل محاولة إسرائيلية لانتزاع غطاء أميركي لاستكمال عملية رفح، والرد على إيران في ساحات أخرى قد يكون لبنان من بينها.
لذا، يقتنع اللبنانيون أن أي تسوية أو حل لأزماتهم السياسية والعسكرية هو مرتبط بتسوية شاملة في المنطقة من غزة إلى إيران.
دون ذلك، يستسهل اللبنانيون القدرة على الوصول إلى تفاهم واتفاق يعتبرونه منجزاً لدى الأميركيين، في مقابل سماعهم لتحذيرات فرنسية بعدم الإفراط بالثقة، لأن الوقائع قابلة للتغير. ولطالما كان هناك اتفاقات حصلت في لبنان سرعان ما جرى الانقلاب عليها. خصوصاً أن هناك حالة هستيرية في إسرائيل، ونزعة دائمة لتصعيد المواجهات العسكرية.

الذاكرة والتجارب
ثمة من يعود بالذاكرة إلى تجارب لبنانية كثيرة، ففي أواخر العام 1976 أطلق على الحرب اللبنانية تسمية “حرب السنتين”. ومع انتخاب الياس سركيس حصلت حوارات كثيرة لوقف الحرب ووضع اتفاق دستوري. لكن الحرب استمرت 15 سنة. وسنة 1976 حصلت لقاءات بين كمال جنبلاط وبشير الجميل للاتفاق على ورقة إصلاح سياسي ودستوري. لكن سرعان ما تم ضرب هذا المسار باغتيال كمال جنبلاط.
في العام 1978 شن الإسرائيليون عملية الليطاني لإنشاء حزام أمني، وجاء انتشار قوات الأمم المتحدة، أملاً بإبعاد الفلسطينيين عن الحدود وانسحاباً إسرائيلياً بالمقابل، لكن ذلك لم يحقق المطلوب، وصولاً إلى اجتياح العام 1982. وعلى الرغم من خروج منظمة التحرير من لبنان إلا أن المقاومة استمرت، ومعها تم إسقاط اتفاق 17 أيار 1983. وفوق ذلك أتت كل الأوراق والأفكار والمؤتمرات من مؤتمر مدريد للسلام، إلى حرب تصفية الحساب 1993، فحرب عناقيد الغضب في العام 1996 وما بينهما من مطالبات لبنانية ودولية بتطبيق القرار 425، وصولاً إلى التحرير عام 2000، والذي بقي ناقصاً باستمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ لبنانية، وعدم انجاز عملية ترسيم الحدود البحرية والبرية بشكل نهائي، والتي لا تزال مستمرة إلى اليوم، بما شهدته من نزاعات عسكرية وسياسية تفاوضية منذ عملية الترسيم البحري.
كل هذه التجارب لا تشير إلى إمكانية الثقة في أي اتفاق قد تطيح به الوقائع على الأرض.

أحدث المقالات

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

المزيد من هذه الأخبار

الحزب أسير “نصرة” غــزّة.. وبرّي قلق من إلحاق لبنان بها

هل تعتمد طهران على الخلاف الأميركي الإسرائيلي حول مفاوضات الهدنة واقتحام معبر رفح من...

التّلويح الإيرانيّ بالنّوويّ حلٌّ لمشكلة أم تعقيدٌ لها؟

لوّحت طهران مرّتين في أسبوع واحد بتغيير عقيدتها النووية، الأمر الذي فُسّر بأنّها باتت...

“تيك توك” بريء… ويدعم اقتصاد لبنان بـ150 مليون$ سنويّاً

ما إن كُشف عن فضيحة “تيك توك” حول اغتصاب الأطفال وكرّت سُبحة التوقيفات بهذا...

الانقسام في إسرائيل ولبنان: صيحات الانفصال وطبول الحرب

تحتاج قراءة الواقع الإسرائيلي إلى النظر من زوايا مختلفة، لتكوين صورة أوضح حول الخلافات...

حقيقة النّزوح السّوريّ وفق حسابات “الدّكّنجيّ”!

حسناً، احسبوها على طريقة حساب الدكّنجي. هناك نحو 7 ملايين سوري نازح خارج سوريا. غالبيّتهم الكبرى...

انقلاب داخل التّيّار؟

فَتَح باسيل “المَشكَل” على مصراعيه مع النواب الصقور داخل حزبه في توقيت مريب يُجمِع...

من رحم النكبة وُلدت ولهذه الأسباب تريد إسرائيل التخلص منها.. قصة الأونروا حتى الحرب على غزة

وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أسستها الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل 74 عاماً،...

مواسم الهجرة من لبنان… العامل الاقتصادي يفوق الأمني بأضعاف

الهجرة ليست حكراً على الدول الفقيرة أو المأزومة. معظم الدول، بما فيها المتطورة اقتصادياً،...

ما بعد طرد ألان عون

سواء تمّ طرد النائب ألان عون بشكل رسمي، وعلني من الحزب الذي كان واحداً...

عدوان 7 أيّار.. حان وقت العودة من الدّوحة

بعد أحداث 7 أيار 2008 بأسبوع واحد، شهدت منطقة المصيطبة في بيروت حراكاً مكثّفاً...

“الجبهة اللبنانية” بعد رفح أو الهدنة: معركة بلا مساندة

تتعدد القراءات والتقديرات للإصرار الإسرائيلي على الدخول إلى شرق رفح. لا سيما أنه جاء...

أزمنة التّحوُّل الغربي العنيف؟

تواجه قيم التنوير والدولة الحديثة تحدّيات تتمثّل في بروز فئات من المثقّفين والشباب تخاصم...

48 ساعة مفصليّة تحدّد مسار المنطقة

هي لعبة عضّ أصابع. أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس موافقتها على صيغة “وقف إطلاق...

إذا فشلت مفاوضات غــزة.. فالخوف الأعظم على لبنان

الإفشال المتعمد الذي يقوم به رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لكل مسارات التفاوض حول...

هل يدفع الحــزب رئاسيّاً… ليحمي ظهره بعد “التسوية”؟

ليست المواجهة في المشهد اللبناني بين الحزب وإسرائيل فقط. لأنّ الأميركيين منذ ما قبل...