يتجدد النشاط السياسي والديبلوماسي لبنانياً، بعد عطلة الأعياد. تتنوع الاهتمامات بين الداخل والخارج. حكومة بصيغة لقاء تشاوري، تركّز البحث حول مقاربة ملف اللجوء السوري. فكل ما تشهده الساحة اللبنانية من انهيارات وأزمات اقتصادية وسياسية، ومشاكل أمنية تُلقى على عاتق اللاجئين السوريين، فهم الذين يتحملون المسؤولية في كل أزمة! ربما هي الطريقة الأنسب للهروب من المسؤولية، أو لإشاحة النظر عن انعدام قدرة الحكومة والسلطة ككل على مواكبة تطورات الوضع في الجنوب، الذي يعيش على إيقاع حرب إقليمية. اعتزلت الحكومة اللبنانية مهام السياسة والديبلوماسية المتصلة بتطورات الوضع في الجنوب. فهي فقط تقوم بلقاءات ديبلوماسية عادية، لكنها تعلم أن القرار خارج لبنان ومناط بمساع دولية كبرى.
ينصب الاهتمام على اللاجئين، فيما هناك مهجّرون لبنانيون من قراهم الجنوبية لا أحد يسمع بهم. وهذا العدد مرشح للتزايد في ظل احتمالات تصاعد وتيرة العمليات العسكرية، ما قد يحول مئات آلاف من الجنوبيين إلى مهجرين ولاجئين، في وقت تصب الدولة اللبنانية اهتماماتها على اللاجئين السوريين. فتارة تطالب بمساعدات مالية لتحمل أعباء اللجوء، وطوراً تطالب بالعمل في سبيل إعادتهم.
عملياً، ووسط هذه الملهاة، لا تزال المنطقة تعيش تبعات الرد الإيراني على اسرائيل، وتترقب ما سيجري في المرحلة المقبلة، في حال قرر الإسرائيليون الردّ باتجاه إيران أو باتجاه حلفائها.
لقاءات الخماسية
سياسياً، تجدد اللجنة الخماسية نشاطها في لقاءات مع المزيد من رؤساء الكتل النيابية هذا الأسبوع. فستكون هناك لقاءات مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، ورئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، وكتلة المردة، وكتلة الاعتدال. كما سيعقد لقاء للسفراء الخمسة اليوم الثلاثاء، في منزل السفير المصري في دوحة الحص.
يأتي هذا التحرك في إطار زيادة المساعي للوصول الى تفاهمات سياسية على رئاسة الجمهورية. السفيرة الأميركية ليزا جونسون استبقت هذه التحركات بزيارة إلى عين التينة واللقاء مع الرئيس نبيه برّي، وسط معلومات تفيد بأن الأميركيين سيعملون على تولي الملف السياسي والرئاسي، وسيتقدمون المشهد بالتعاون مع القوى الأخرى، في ظل معطيات تفيد بأن واشنطن ستزيد من ضغوطها ومساعيها للوصول إلى تسوية رئاسية، في موازاة السعي للوصول إلى تفاهمات في الجنوب.
سياسة الأرض المحروقة؟
في موازاة التحركات السياسية والديبلوماسية، الترقب لا يزال سيداً في الجنوب وعلى الجبهات المختلفة. ففي تطورات الجنوب، برزت مؤخراً عمليات تفجير ألغام على الحدود، وآخرها انفجار لغم بدورية للجيش الإسرائيلي، ما أدى إلى سقوط 4 جرحى من لواء غولاني.
حسب ما تشير مصادر متابعة، فإن عملية تفجير حزب الله لإحدى المركبات التي يستقلها جنود من لواء غولاني، هي تطور نوعي في عمليات الحزب. وتشير المعطيات إلى أن الحزب نفذ عملية تسلل لزرع العبوات. وقد فجر العبوة لدى مرور المركبة الإسرائيلية، في إشارة إلى قدرته التسللية، وحضوره على الحدود وحيوية حركته، واستمرار قدرته على البقاء والتمركز هناك للمراقبة والرصد والتفجير. والأهم، أن المركبة انفجرت في الأراضي اللبنانية المحتلة، أي بالمعنى الواقعي هي منطقة خاضعة لسيطرة الإسرائيليين. والمنطقة تقع في القطاع الغربي ويطلق عليها اسم “تل اسماعيل”، قريبة من بلدة الضهيرة وموقع الجرداح الإسرائيلي، وهو الموقع الذي تعرض في أوائل المواجهات لعمليات تسلل من قبل عناصر من كتائب عز الدين القسام، الذين تسللوا باتجاه الموقع الإسرائيلي.
تشير هذه العملية إلى أن حزب الله بدأ يغير من تكتيكاته العسكرية وينتقل الى مرحلة جديدة، باستهداف الجنود الإسرائيليين بشكل مباشر. هذا بلا شك سيدفع الإسرائيليين للاستنفار أكثر، وسينقل المواجهات إلى مرحلة جديدة، خصوصاً أن الإسرائيليين يواصلون إجراء المناورات العسكرية التي تحاكي حرباً مع لبنان أو مع جبهات مختلفة.
وهذا ينذر بالمزيد من التصعيد أيضاً. خصوصاً في ظل المعلومات التي تتحدث عن تلقي لبنان المزيد من الرسائل الإسرائيلية عبر قنوات مختلفة، حول اعتماد سياسة الأرض المحروقة. وهو ما بدأ يحصل في بعض قرى الجنوب، من خلال استهداف طرقات عامة وقطعها، كما حصل بين الضهيرة وعلما الشعب، ويارين، وحولا وغيرها.
وتتضمن الرسائل أيضاً تهديدات إسرائيلية جديدة حول توسيع المعركة، وأن إسرائيل ستصعد من عملياتها العسكرية النوعية، من خلال تكثيف غاراتها الجوية، في حال عدم الوصول إلى صيغة حل، وهو ما حصل باتجاه النبي شيت، أو أعالي جزين، كما حصل في اليومين الماضيين في جبل صافي، وجبل الريحان، وسجد.
حزب الله يضع هذه الرسائل في خانة التهديد والتخويف، لكنه في الوقت نفسه يتحضّر ويتخذ كل الاستعدادات اللازمة تحسباً لحصول تطور.