حضر لبنان في قمة القطرية الفرنسية التي شهدتها العاصمة باريس خلال زيارة الدولة التي يجريها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وقد جرى البحث في الإستحقاق الرئاسي، وتطورات الوضع في الجنوب، وتقديم المساعدة للجيش اللبناني. وهنا تشير مصادر ديبلوماسية فرنسية الى أن تفاهماً تاماً تم تكريسه في هذه الزيارة حول جملة ملفات. وهو ما انعكس في بيان قصر الإيليزيه والذي جاء فيه:” أكد زعيما البلدين مجدداً التزامهما بحل المشاكل السياسية والاقتصادية التي تؤثر على لبنان، حيث لا يزال السكان يعانون. وشددا على مدى ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وتعهدا بمواصلة التنسيق حول هذا الموضوع. وأشارا إلى ضرورة قيام لبنان بسرعة بتشكيل حكومة كاملة وتنفيذ الإصلاحات الأساسية لوقف الأزمة. وأشادا بالمساعدات والدعم الذي تقدمه كل من فرنسا وقطر للسكان والجيش اللبناني. وشددا على خطر التصعيد الإقليمي وضرورة ممارسة جميع الأطراف المعنية أقصى قدر من ضبط النفس. وأكدا من جديد تمسكهما بسيادة لبنان واستقراره ورغبتهما في المساهمة في وقف التصعيد، الأمر الذي يجب أن يشمل الامتثال الكامل لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701.
كما أكدا استعداد بلديهما لمواصلة دعمم القوات المسلحة اللبنانية في هذا السياق، ولا سيما من خلال تنظيم مؤتمر دولي في باريس. وأخيراً، أكدا من جديد دعمهم الكامل لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، فضلاً عن ضرورة الحفاظ على حرية تنقلها وقدرتها على تنفيذ ولايتها.
وبحسب المعلومات من باريس فإن فرنسا تعمل مع كل شركائها الدوليين والإقليميين ومنهم قطر لسد الفراغ الرئاسي في لبنان، كما أنها تواصل جهودها لتجنب التصعيد في المنطقة خصوصاً في لبنان، وأن فرنسا تمرر الرسائل على أعلى المستويات إلى إيران من خلال كثير من الاتصالات بما فيها ما بين ماكرون والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي. تراهن باريس بحسب المصادر على دور قطر الأساسي والفعال في ملف غزة وعلى صعيد المفاوضات للتهدئة ولإطلاق سراح الرهائن خصوصاً أن هناك 3 رهائن فرنسيين لدى حماس.
كانت فرنسا تنوي عقد مؤتمر خاص بدعم الجيش اللبناني بالتزامن مع زيارة أمير قطر الى باريس، لكن المؤتمر تأجل ولم تتوفر ظروف انعقاده، وفيما تقول مصادر ديبلوماسية فرنسية إن التأجيل يرتبط ببعض الأمور اللوجستية وأنه يحتاج الى المزيد من الوقت كي تنضج ظروف نجاحه، تشير مصادر ديبلوماسية غربية أخرى إلى أن أميركا رفضت عقد المؤتمر حالياً ورفضت المشاركة به، لأنها تعتبر أن الوقت لم يحن للبحث بهذه النقطة حالياً، ولا بد من انتظار الوصول الى تسوية لوضع الحدود وهذا يرتبط بمسار التطورات في قطاع غزة. وتشير مصادر ديبلوماسية عربية إلى أن الأميركيين أبلغوا القطريين بأن رفض واشنطن لمؤتمر دعم الجيش لا يستهدف الدوحة وغير موجه ضدها، إنما هو رسالة موجهة للفرنسيين الذين يحاولون التمايز عن أميركا في ملفات متعددة، خصوصاً بعدما تقدمت فرنسا باقتراح لمعالجة الوضع في الجنوب والحد من التصعيد وإرساء الإستقرار، بينما تريد أميركا أن يكون هذا الملف لديها حصراً، فيما هي التي تختار توزيع الأدوار.
في هذا السياق، من الواضح أن دور قطر يتقدم على أكثر من صعيد، خصوصاً بعد التطورات الحاصلة في غزة، ورهان الأميركيين على المساعي القطرية لوقف إطلاق النار، واطلاق سراح الرهائن، والبحث عن رؤية سياسية للمرحلة المقبلة، الإلتقاء الأميركي القطري لا يقتصر على هذا الملف فقط، بل سبقته تقاطعات كثيرة من أفغانستان الى إيران وما بينهما من ملفات وعلاقات مشتركة، يمكن لها أن تنعكس ايضاً على لبنان لا سيما أن الدوحة تتمتع بعلاقة مع غالبية القوى اللبنانية والقوى الإقليمية وقادرة على تحقيق خروقات وتقدم في سبيل حل الأزمة السياسية القائمة.