في الأمن، تستمرّ إسرائيل بغاراتها الجوّية التي سقطت فيها طفلة الستّ سنوات أمل الدر شهيدة. في السياسة جولة لوفد الكونغرس الأميركي ترافقه السفيرة ليزا جونسون على القوى السياسية لمراجعة تطبيق الـ1701، وفي الداخل حراك مسيحي ضدّ الحرب بدأ في بكركي وانتهى في حليف الحزب، ومبادرتان: خارجية في حركة السفراء المقبلة، وداخلية في قلب ساحة النجمة، وما بين خيوط هذا المشهد، بعيداً عمّا يحكى عن أنفاق جبيل للحزب، محاولة لنزول الجميع عن الشجرة.
بكركي والتيار الوطني الحرّ وما بينهما من قوى مسيحية يبدو لسانهم واحداً. لا للحرب ولا لربط لبنان بهذه الحرب. قد يبدو الموقف طبيعياً بالنسبة إلى خصوم الحزب. أمّا موقف التيار فيحتاج إلى قليل من القراءة المتأنّية، لا سيما بالعودة إلى مواقفه السابقة في حرب تموز وفي حرب سوريا.
بعيداً عن العاصفة
يقول مرجع سياسي إنّ موقف الرئيس ميشال عون ورئيس التيار جبران باسيل من الحزب هذه المرّة، ليس تفصيلاً. أوّلاً في بداية الحرب كان خطاب التيار مختلفاً ومؤيّداً للمقاومة في أيّ اعتداء. اليوم قرّر التيار التصعيد في منتصف الطريق. في منتصف الحرب، رفع الصوت “لا لربط لبنان بأيّ حرب أخرى”، في ردّ مباشر على الأمين العامّ للحزب السيد نصرالله.
في عودة سريعة إلى حرب تموز وحرب سوريا استمرّ موقف التيار متضامناً وملتصقاً بموقف الحزب إلى نهاية الطريق في لحظة سياسية إقليمية كان فيها الحزب الحلقة الأقوى. اليوم يبدو موقف التيار، معطوفاً على موقف أكثر من فريق، انعكاساً لتغيّرٍ في ميزان القوى ولمشهد سياسي مختلف بعيداً عن الحسابات السياسية المحلّية الضيّقة. وعليه قرّر الجميع أن يحيدوا عن أنفسهم في قلب العاصفة التي ستظهر نتائجها تباعاً.
في الأمن، تستمرّ إسرائيل بغاراتها الجوّية التي سقطت فيها طفلة الستّ سنوات أمل الدر شهيدة
عليه، ليس من قبيل الصدفة اختيارُ عون وباسيل هذه اللحظة تحديداً، لأنّ موقفهما هو آخر المواقف المسيحية التي يمكن أن تؤيّد هذه الحرب. وهو ردّ مباشر وصريح على كلام نصرالله الأخير عن وجود مسيحيين في لبنان مناصرين للمقاومة.
مبادرتان خارجيّة وداخليّة
في الوقت الذي قرّرت فيه اللجنة الخماسية على مستوى السفراء أن تقفز فوق اختلافاتها في مقاربة الملفّ اللبناني وتقوم بجولة على القوى السياسية في المرحلة المقبلة تحضيراً لزيارة الموفد جان إيف لودريان، كان الأخير يعقد لقاءات مع ممثّلي الدول الخمس، وآخرها لقاء عقده في باريس الأسبوع الماضي مع مساعدة وزير الخارجية الأميركية باربرا ليف للاتّفاق على خريطة طريق رئاسية.
الأمن
بانتظار ما سيأتي من الخارج قرّر تكتّل الاعتدال الوطني ومعه مجموعة من النواب القيام بمبادرة داخلية بدأت من عين التينة. وفي معلومات “أساس” أنّ الرئيس برّي بارك هذه المبادرة قائلاً لزوّاره: “أيّ مسعى خارجي أنا معه، أيّ مسعى داخلي أنا معه، أيّ جلسة تشاور أو اجتماع أو لقاء في المجلس أنا معها”. الواضح أنّ هذه الحركة السياسية أتت لمواكبة حراك خارجي لضمان “سيادة الحراك الرئاسي”، وفق وصف مرجع نيابي في التكتّل.
مبادرة النزول عن الشجرة
لا شكّ أنّ أكثرية القوى السياسية المتمسّكة بمتاريسها بحاجة إلى مراجعة موقفها. يقول المرجع النيابي إنّ هذه المبادرة انطلقت بعد كلام نصرالله الذي عبّد الطريق إلى حلّ الأزمة الرئاسية.
يقول مرجع سياسي إنّ موقف الرئيس ميشال عون ورئيس التيار جبران باسيل من الحزب هذه المرّة، ليس تفصيلاً
عليه سيلتقي التكتّل القوى المختلفة وبدأ جولته مسيحياً على أن يختمها مطلع الأسبوع المقبل بلقاء مع الحزب، وعلى أن يدعو الكتل إلى انتداب ممثّلين عنها ليجتمعوا في مجلس النواب في لقاء أو جلسة لا يرأسها أحد، يجري فيها النقاش الرئاسي وتكون محطّة أساسية يعود برّي بعدها للدعوة إلى جلسة انتخابية، كما يقول المرجع .
يريد التكتّل، ومعه الرئيس بري الذي عبّر عن تعويله على هذه المبادرة لملاقاة الضغوط المقبلة من الخارج، أن يحرّك الساحة الداخلية لتكون جاهزة عندما تحين الساعة.
متى تحين الساعة؟ يُجمع أكثر من مرجع سياسي أنّ الوقت يداهم لبنان أمنيّاً واجتماعياً وسياسياً، وتحديداً مع سقوط آخر المظلّات المسيحية عن الحزب في إنذار باحتقان اجتماعي وطائفي وسياسي أصبح واضحاً في البلاد. ولأنّ لبنان بحاجة إلى مظلّة سياسية تجنّبه تصدّعات المرحلة المقبلة ثمّة من يقول إنّ ساعة بعبدا ليست بعيدة جداً، وإلّا فإنّ أحداً لا يمكن أن يحتوي التصعيد الأمنيّ المرتقب.