“تتناسل” أزمة التمديد لقائد الجيش أزمات إضافية ستُؤجَّل “مواكبتها” رسمياً، بعد جلسة “البصم” الحكومية على قانون رفع سنّ التقاعد لثلاثة ضبّاط، إلى بداية العام المقبل حيث دخلت البلاد منذ الآن “جوّ الأعياد”.
وفق أوساط السراي “لا جلسة لمجلس الوزراء قبل نهاية العام، وهو ما يعني ترحيل التعيينات العسكرية إلى كانون الثاني المقبل حيث يُنقل عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إصراره على بتّها في أوّل جلسة مقبلة، مع أو من دون وزير الدفاع موريس سليم”. يعني ذلك إمّا من خلال الآلية الدستورية التي تحكم التعيين برفع اقتراحات بالتعيين من جانب وزير الدفاع أو “سيتصرّف مجلس الوزراء”.
هنا يقول مصدر قانوني واكب مرحلة اجتماعات حكومة تصريف الأعمال: “ما لم تستطع فعله حكومة ميقاتي حيال إقرار تأجيل التسريح هي عاجزة عن فعله في التعيينات عبر القفز من فوق توقيع وزير الدفاع. وأيّ إجراء معاكس لذلك، قد يدفع الوزير إلى تقديم مراجعة طعن أمام مجلس الشورى. فنكون أمام طعن بالتمديد أمام المجلس الدستوري وطعن بالتعيين أمام مجلس الشورى”.
“تتناسل” أزمة التمديد لقائد الجيش أزمات إضافية ستُؤجَّل “مواكبتها” رسمياً، بعد جلسة “البصم” الحكومية على قانون رفع سنّ التقاعد لثلاثة ضبّاط، إلى بداية العام المقبل حيث دخلت البلاد منذ الآن “جوّ الأعياد”
مقاطعة المجلس الدستوريّ؟
فور سريان مهلة الخمسة عشر يوماً لنشر قانون رفع سنّ التقاعد “لمن يحمل رتبة عماد ولواء من قادة الأجهزة الأمنيّة لعام واحد” في الجريدة الرسمية سيكون الفريق النيابي للنائب باسيل جاهزاً لتقديم الطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري، فيما كان لافتاً تحذير أحد نواب رئيس التيار الوطني الحر ناجي حايك من “احتمال مقاطعة قضاة لجلسات المجلس الدستوري بهدف تطيير النصاب”.
ميقاتي: وزير الدفاع انتهى بالنسبة لي
الوجه الآخر لمرحلة التشنّج التي فرضها التمديد تُرجِم من خلال كشف الفريق الإعلامي لميقاتي جزءاً من مداخلة رئيس الحكومة في جلسة الثلاثاء حيث قال: “في اللحظة التي حضر فيها الوزير سليم إلى السراي وعلا صراخه، اعتبرتُ أنّه انتهى بالنسبة إليّ والتعاطي معه سيكون رسميّاً من خلال الكتب”.
الوزير سليم الذي نادى بـ “التوافق الوطني” كمدخل طبيعي لإجراء التعيينات، وللمفارقة هو الموقف نفسه لميقاتي تحت شعار “عدم تحدّي أحد”، قَصَدَ بكلامه تأمين التوافق السياسي على قرار التعيين وانتظار نتائج الطعن بالقانون.
أمّا لناحية الأسماء فهي محسومة: لرئاسة الأركان العميد حسان عودة، في المديرية العامّة للإدارة العميد رياض علّام، وفي المفتشية العامّة العميد منصور نبهان.
قائد جيش “الحملة الرئاسيّة”
هكذا ستبقى تداعيات التمديد لقائد الجيش تتحكّم بمفاصل مرحلة ما بعد 15 كانون الأول على وقع “الحرب الكبرى” على رئاسة الجمهورية التي ستُجنّد لها أساطيل الدعم من الخارج، بغضّ النظر عن هويّة الرئيس، تماماً كما حصل في ملفّ التمديد.
لم يكن اللقاء “العائلي” الذي جَمَعَ سليمان فرنجية بقائد الجيش عشيّة التمديد سوى “التدشين” الرسمي لهذه الحرب المتعدّدة الاتّجاهات والتي لن تحكمها المعايير نفسها والاصطفافات التي واكبت إقرار قانون التمديد.
تشير مصادر متابعة إلى أمرَين أساسيَّين يرتبطان بلقاء القائد و”بيك” زغرتا:
1- ما حاول “جنرال اليرزة” طوال الفترة الماضية التستّر عليه بات مُعلناً. قائد الجيش الرافض للتمديد، بحسب أقواله، والذي لا يريد شيئاً لنفسه والمُمتَعض من عدم تعيين رئيس أركان ينوب عنه عند الشغور، بات “يشتغل سياسة” على رأس السطح وكان ساعياً إلى تمديد يُبقيه الرقم الأصعب في ماراتون الرئاسة.
لا شيء يُبرّر إطلاقاً دعوة قائد جيش، مصير التمديد له على المحكّ، لزعيم مناطقي يملك مفتاح النصاب في الحكومة وقادر على رفع عدّاد الأصوات في مجلس النواب وخصم لخصمه الأوّل جبران باسيل والمرشّح الأوّل المنافس له على رئاسة الجمهورية والمُسهّل لتعيين رئيس أركان، سوى محاولة فتح صفحة سياسية معه كان سيطر عليها الجفاء طوال السنوات الماضية وعبّر فرنجية عن فحواها على طريقته: “ما عندي مشكل بالتمديد لقائد الجيش، بس يحكي معنا. أنا ما بشتغل عنده”.
2- ثمّة معادلة يصعب جدّاً على فرنجية أن يجتهد في طرحها والالتزام بها من دون موافقة الحزب. فتلويحه بإمكانية انسحابه من السباق الرئاسي من أجل جوزف عون، استناداً إلى شكل التسوية التي ستركب، تُشبه بالسياسة انسحاب الحزب نفسه من أجل القائد. فحتّى لو لعبت التموضعات الإقليمية ضدّ “بيك زغرتا” فهذا لا يعني إطلاقاً حسم الرئاسة سلفاً لقائد الجيش. وبهذا المعنى، سيكون فرنجية الحليف الثابت والاستراتيجي للحزب ملتزماً بكلمة الضاحية في ملفّ الرئاسة، وانسحابه من أجل القائد لا يقرَّش بالسياسة قبل حسم الحزب كلمته.
لم يكن اللقاء “العائلي” الذي جَمَعَ سليمان فرنجية بقائد الجيش عشيّة التمديد سوى “التدشين” الرسمي لهذه الحرب المتعدّدة الاتّجاهات والتي لن تحكمها المعايير نفسها والاصطفافات التي واكبت إقرار قانون التمديد
عون المُنقِذ
بمطلق الأحوال، تصوير العماد جوزف عون بوصفه “المُنقِذ” الوحيد للجيش في هذه المرحلة و”الشيطنة” التي حصلت لتعيين خلف له على رأس القيادة العسكرية وتصوير الأمر وكأنّ الضابط المعيَّن سيصدر قرار تعيينه من الضاحية، كلّها تسريبات أساءت كثيراً للمؤسّسة العسكرية ومعنويات العسكر وللعديد من ضبّاطه المُدرَجين على لائحة المُرشّحين المحتملين لقيادة الجيش.
يكفي أنّ التمديد قطع “فرصة” الجلوس على كرسيّ القائد لعدد من هؤلاء الضبّاط، فيما قائد الجيش يعلم تماماً أنّ التمديد له هو سياسي قبل أن يكون أيّ شيء آخر، والضغط الخارجي بهذا الاتجاه كان فاضحاً، وإحالته إلى التقاعد لن تمنع المؤسّسة العسكرية من الاستمرار وفق “سيستم” قائم إلا إذا اعتبر مؤيّدوه أنّ هذا “السيستم” كان سينهار لحظة خروجه من اليرزة، والعسكر لن يقبض رواتبه، والتراتبية العسكرية التي تسيّر آلية العمل بين العسكر “سَتَفرط” وتُفتح “دكاكين الإمرة” داخل المؤسسة.
أمّا لناحية العلاقة مع الدول الداعمة فالأخيرة تتعامل بالتأكيد مع مؤسّسة وليس مع أشخاص، لكنّ “الاستقتال” الدولي الذي واكبه اللبنانيون لفرض التمديد كاد أن يتحوّل إلى عامل شبهة سيلعب حتماً ضدّ عون في معركة رئاسة الجمهورية وليس لمصلحته.