كتبت النهار
هل يحتمل لبنان وجود سفراء جدد لكل من الولايات المتحدة وفرنسا وقطر ومصر ، وهي اربع دول من الدول الخمس التي اجتمعت اخيرا في الدوحة بعد اجتماع اولي في باريس في شباط الماضي ، لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة من الازمة الراهنة ؟
هذه المصادفة لافتة اقله على صعيد التوقيت المتزامن . لا ينطوي السؤال على تشكيك باهلية السفراء او قدراتهم ولكن يثيره البعض من زاوية ان السفراء الجدد حتى لو كانوا من الملمين او المتابعين للوضع في لبنان وغالبا ما يصلون على اطلاع وثيق على اخر التطورات فانهم يحتاجون الى اشهر قليلة للتعارف وللتأقلم مع تفاصيل الوضع اللبناني ايا تكن خبرتهم ، فيما ان هذا الاخير يمر بمراحل دقيقة وخطيرة يحتاج فيها الى مبادرات وانخراط ديبلوماسي كبير . كما يثار السؤال من زاوية ان الاشهر الستة المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة للبنان حيث ستظهر سلسلة من الفراغات في القيادة الامنية بعد حاكمية المركزي .
البعض لا يرى اي اشكالية في ذلك في ظل تولي ديبلوماسي مخضرم هو الوزير الفرنسي السابق جان ايف لودريان مهمة المساعدة في ايجاد الحلول علما ان كثيرين يرون انه وما لم يكن يترجم دعما قويا حصل عليه في الاجتماع الاخير للجنة الخماسية ، فان الولايات المتحدة لا يمكن ان تبقى في المقعد الخلفي لا سيما في ظل شغور حاكمية المصرف المركزي من جهة وقرب احتمال مرحلة شغور قيادة الجيش وكلاهما باهمية كبيرة بالنسبة الى الولايات المتحدة . وفيما تفيد معلومات ان المسؤولين في واشنطن ارتاحوا للنائب الاول للحاكم وسيم منصوري ابان زيارته الاخيرة لواشنطن تحضيرا للمرحلة المقبلة ، فان علامات استفهام يظللها هذا الالتصاق الاخير بالمرجعية السياسية التي تدير على نحو صريح الامور فيما ان لا مشكلة للاميركيين في الجوهر مع نبيه بري باعتباره المرجعية السياسية للمنصوري، ولكن الاشكالية ان ذلك لن يوحي بالثقة في المرحلة المقبلة للداخل ايا تكن المواصفات التي يتصف بها الرجل. وكثر يأخذون عليه ذلك فيما تأخذ مرجعيته السياسية مداها في تحديد السقف رفضا لتسلم المهام التي يتعين عليه القيام بها كما يأخذون عليه تردده فيما ان المحك الاساسي يكمن في تسلم الامور في المراحل الصعبة وليس في ازمنة الرخاء والازدهار . والسؤال نفسه ينسحب على شغور محتمل في قيادة المؤسسة العسكرية التي استثمرت فيها الولايات المتحدة الكثير ولا تزال بحيث يرى كثر ان واشنطن لا يمكن ان تواصل البقاء على الحياد وعدم الانخراط جديا في الضغط على القوى السياسية لانهاء الشغور الرئاسي في الدرجة الاولى تمهيدا لانجاز تعيينات الفئة الاولى . فالمشكلة التي يواجهها لبنان في موضوع انتهاء ولاية حاكم المصرف المركزي رياض سلامه هي من تداعيات عدم انجاز انتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية حزيران الماضي فيما ان الامر شكل خيبة لواشنطن التي كانت تتوقع او تأمل ذلك . فلا يمكن لايران ان تفوز في نهاية الامر بالاستمرار في استرهان لبنان لحساباتها في مقابل اللجنة الخماسية اذا كانت المواقف موحدة او وجهات النظر متقاربة . وهذا لم يكن موجودا على اثر اجتماع باريس للجنة الخماسية فيما يؤمل ان يكون عبر البيان الذي صدر عن اللجنة في اجتماعها الثاني من الدوحة حمل التعبير الكافي عن موقف موحد . فاذا كانت الكلفة على البلد ليست مهمة للقوى السياسية فانه يجب اعتماد مقاربة الكلفة المتصاعدة من التعطيل على كل من القوى السياسية المعرقلة او المعطلة .وفيما تقول مصادر ديبلوماسية انه هذا بالتحديد المغزى من التلويح باجراءات عقابية كما بالفائدة التي يجنيها هؤلاء عبر الجزر الذي وعدوا به في المقابل ، فان شغور موقعي الحاكمية وقيادة الجيش يمكن ان يسرعا في انزلاق لبنان اكثر فاكثر الى ان يكون دولة فاشلة حاملا تهديدات ليس على نفسه بل على دول المنطقة كذلك . ففي نهاية الامر ، المسألة تكمن في مخاوف اللبنانيين من اطاحة ما بقي من مؤسسات قائمة كانت حتى الامس القريب ملاذ اطمئنان لهم ولا تزال نسبيا كما هي الحال بالنسبة الى المؤسسات الامنية ولا سيما الجيش اللبناني .
وهناك اعتقاد بان الاستقرار الامني لا يزال يحظى بالارجحية على رغم الحوادث المتفرقة وقد تابع ديبلوماسيون عن كثب مفاعيل الدعوة التي وجهها الامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله يوم الخميس الماضي الدول العربية والاسلامية إلى سحب سفرائها من السويد وطرد سفراء السويد لديها مثلما فعل العراق ردا على خطة لحرق القرآن في ستوكهولم . كما دعا المسلمين للحضور بكثافة إلى المساجد في اليوم التالي والاعتصام أمامها “وهم يحتضنون القرآن”. وقال أنّ المطلوب من الشعوب العربية والإسلامية أن “تضغط على دولها لطرد سفراء دولة السويد من دولهم، وسحب سفراء بلدانها من السويد”، مطالباً الحكومة اللبنانية بسحب السفير أو القائم بالأعمال من السويد، وبطرد السفير السويدي من لبنان. لكن بقيت ردود الفعل مضبوطة وقد اقتصرت على مناطق سيطرة الحزب ولم يحصل ما حصل في العراق فيما ان الدولة اللبنانية لاذت بالصمت وذلك علما ان ايران نفسها استدعت السفير السويدي وابلغته اعتراضها واعلنت عدم نيتها تعيين سفير جديد لها في السويد . وردود الفعل المضبوطة على دعوة نصرالله قد يعتبرها البعض لافتة وجديرة بالمتابعة لمن اعتبر قبل اكثر من عشر سنوات انه يقود الرأي العام العربي . ولكن هذا موضوع اخر . والاجراءات المهمة التي اتخذها الجيش اللبناني ساهمت في ذلك فيما انه وكما المخاوف متعاظمة من شغور موقع الحاكمية وهو ما يعبر عنه نواب الحاكم بالذات ، فان الخوف سيتعاظم مع الشغور المحتمل في قيادة الجيش