لا يترك سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري مناسبة، إلا ويعبر خلالها عن رغبة بلاده بالإسراع في إنجاز الانتخابات الرئاسية، بعد دخول الشغور القاتل شهره السابع. وهي رغبة تتشاركها الرياض مع المجتمع الدولي، على ما قاله بخاري بعد زيارته وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب . وهذا إن دل على شيء، فعلى أن المملكة والمجتمع الدولي ينظران بكثير من القلق إلى استمرار الشغور، وعدم حصول توافق حتى الآن بين المكونات اللبنانية، سعياً لإجراء الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت . باعتبار أن السعودية ومعها الدول الخليجية والعربية تستعجل انتخاب رئيس لبناني جديد، بعدما نأت هذه الدول بنفسها عن الملف الرئاسي، وبات القرار بأيدي اللبنانيين وحدهم، في وقت تتجه الأنظار إلى مواقف رئيس رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، في ما يتصل بهذا الملف، بالنظر إلى أن أصوات كتلة “اللقاء الديمقراطي” التي تشكل “بيضة القبان” إزاء هذا الاستحقاق .
ومع استمرار رفض جنبلاط تأييد فرنجية، إلا أن ما رشح من معلومات يشير إلى رئيس “التقدمي” من داعمي انتخاب أزعور الذي يحظى بقبول من جانب المعارضة ونواب التغيير . لكن يبدو أن جنبلاط لن يبادر إلى تحديد موقفه من الملف الرئاسي بشكل نهائي، قبل توحد القوى المسيحية على أحد المرشحين، لأنه حريص على عدم السير عكس الإرادة المسيحية، بما يتصل بالانتخابات الرئاسية . ولهذا فإن الكثيرين من المراقبين يعتبرون أن الكرة أصبحت في ملعب المعارضة التي عليها أن تختار مرشحها، لتضع “الثنائي” أمام الأمر الواقع، وتدفعه إلى تحمل مسؤولياته على هذا الصعيد .
ومن هنا وعلى أهمية الحراك الدبلوماسي الدائر، إلا أن الغموض لا يزال يلف مصير الاستحقاق الرئاسي، دون أن تتمكن المعارضة ونواب التغيير حتى الآن من التوافق على اسم محدد، لمواجهة مرشح “الثنائي الشيعي” سليمان فرنجية، وإن أشارت معلومات إلى أنه قد يتم التوافق على قائد الجيش العماد جوزف عون أو الوزير السابق جهاد أزعور، بانتظار ما سيرشح من نتائج عن اللقاء الذي سيجمع، رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بالمسؤول الأمني في “حزب الله” وفيق صفا، وما يمكن أن يتركه من تداعيات على الملف الرئاسي .
ووسط الكثير من التساؤلات عن الأسباب التي دفعت “حزب الله” إلى إعادة وصل ما انقطع مع “العوني”، إلا أن هناك مخاوف تبديها قوى معارضة، من أن يكون الهدف من زيارة صفا إلى باسيل، أن يقوم الحزب بمحاولة الضغط على “الوطني الحر” من أجل دفعه إلى عدم التوافق مع القوى المعارضة بشأن أحد الاسماء المرشحة للرئاسة الأولى في مواجهة فرنجية الذي لايزال “الثنائي” متمسكاً به . وهذا بالتأكيد في حال حصوله، سيعيد خلط الأوراق من جديد، وإن كانت المؤشرات في معظمها، تشير إلى أن مرحلة ما بعد القمة العربية المقررة في جدة الجمعة المقبل، ستحدد ملامح المسار الذي سيسلكه الاستحقاق الرئاسي بشكل كبير.
وتعرب أوساط دبلوماسية خليجية عن اعتقادها، أن ” البيان الختامي لقمة جدة العربية، سيكون حاسماً في حث القيادات اللبنانية على اعتبار انتخاب الرئيس الجديد، أولوية الأولويات ليستقيم عمل المؤسسات في لبنان، ويشكل ذلك مدخلاً للدول العربية والمجتمع الدولي، لفتح أبواب الدعم والمساعدات للعهد الجديد، لإنقاذ لبنان من الانهيارات الواسعة التي تتهدده بأفدح الخسائر على مختلف المستويات” .