الرئيسيةمقالات سياسيةسامي الجميل.. كمالة عدد

سامي الجميل.. كمالة عدد

Published on

spot_img

يصرّ رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» سامي الجميل على استحضار نفور الرأي العام منه، فما أن يكاد الناس ينسون «محاسن» مواقفه، حتى يعاجلهم بجديد منها، ليجدّد وتيرة نفورهم منه والنقمة عليه.

يعترف الكتائبيون الأقحاح انّ حزب «الكتائب اللبنانية» ايام «الجيل السامي» (نسبة إلى سامي) بات في الدَرك الأسفل من الأحزاب بعدما كان في الصف الاول منها، بل كان الحزب الأول يوم لم يكن في لبنان من احزاب.

فحزب «الفالانج» كما كان يحلو لمؤسسه الراحل الشيخ بيار الجميل أن يسمّيه، صار في عهد رئيسه الشاب «فالانجات»، بعضها معلوم والبعض الآخر كامن او مكتوم، بعدما كان ولاّدة أحزاب وقيادات حزبية، فمن رَحَمه خرجت «القوات اللبنانية» حزباً قوياً، وبعدها «التيار الوطني الحر» القوي ايضاً، وصار حزب «الكتائب» الأضعف و»لا يذكر خالقه أيام شبابه».
فلا صدقية لقيادة الحزب في كل ما يقول ويفعل، بل نفاق ومنافقة دائمين، لأنّ المصلحة الشخصية والخاصة تغلب لديها على المبادئ والقيم التي تربّى عليها الكتائبيون ايام جيل المؤسس وما تلاه من مؤسسين، وينطبق عليه قول الشاعر العربي معروف الرصافي:
«لا يخدعنّك هتاف القوم بالوطن
فالقوم في السرّ غير القوم في العلن»
فما يقوله سامي في العلن هو غيره في السرّ.. وفي الحزب لا يعلو صوت الّا صوت «السامي»، فهو «العارف بكل شيء» وهو «الفهيم الحكيم»، وعلى الآخرين البصم، ومن لا يبصم يكون مصيره التهميش والفصل، ومن فُصلوا واستُبعدوا من الحزب كثيرون ومعروفون، وهم من الجيلين الحزبيين.

وفيما يتطرّف «التيار» و»القوات» في الموقف إزاء انتخابات رئاسة الجمهورية برفض ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، يحاول سامي «الكلّي القدرة» ان يجد لنفسه مقعداً في قطار الرفض لأجل الرفض واشياء أخرى سوف تأتي..، فلا حظوظ لوصول كتائبي جديد إلى رئاسة الجمهورية، علماً انّه في حال حصلت تسوية رئاسية ووافق عليها سيكون «كمالة عدد»، وإن عارضها سيكون ايضاً «كمالة عدد»، ما يعني انّه بات «ظاهرة صوتية» في كل استحقاق ليس اكثر، لأنّ زمن «الكتائب» الجميل قد ولّى، ليعود حزب العائلة يلتف حوله المحظيون برضى العائلة فقط، متخصّصاً بخوض المعارك الفاشلة التي يقودها حلفاؤه منذ ان خرجوا من الرحم الكتائبي او تمرّدوا عليه.
كسبُ المال سواء كان «أعطية» او «تشبيحاً» هو هدف القيادة «السامية»، سواء مقابل شتم الآخر وافتعال خلافات معه، او الضرب على وتر فتنة يعتقد خطأً انّ المُشغّل يريدها، ويطير معها شعار «الله والوطن والعائلة» ليحلّ محله «المال والبنون» و«من بعد حماري ما ينبت حشيش».

الصراخ ورفع الصوت في الاحتفالات او في الجلسات النيابية وإثارة الغبار السياسي في المناسبات لا تصنع رجولة ولا فروسية ولا زعامة، فكل ذلك هو مجرد كلام في البرّية ليس له إلاّ رجع الصدى، بل مجرد تعبير عن «مُركّب نقص» إزاء تفوّق الآخرين في «ساحات الوغى» السياسية وحتى البلدية والاختيارية..
فكتلة من اربعة نواب لا تغيّر في المعادلات شيئاً، والسيادة المدّعاة لا تكون بالتبعية او الاستتباع، وليست بالإمعان في سياسة إلغاء الآخر وممارسة العنصرية ضدّهم والتعامل معهم بمنطق الدونيّة. أهكذا تحمي «كتائب السامي» المسيحيين وحقوقهم ووجودهم، بعدم الاعتراف بالآخر حتى ممن هم من بني جلدتها…
من قال إنّك سيادي يا سامي «غير السامي»، ومن أعطاك وكالة حصرية بالسيادة حتى تصنّف الآخرين غير أسياد او سياديين؟ وهل انت الأحرص على السيادة اللبنانية اكثر من غيرك؟ انّها كذبة كبرى اخترعتها لتقول «انا موجود»، فيما القاصي والداني يعرف انك تستكمل حملة القضاء على حزب تاريخي كان مدرسة حزبية عريقة، وكان المعبّر عن ضمير وطني بجعل كل مسيحي يعتز بمسيحيته وبانتمائه إلى وطن كان المسيحيون أبرز صنّاعه، وإذ بك تحوّله منصّة لقنص إنجازات الآخرين الذين حفظوا ناسك الذين تخليت عنهم وخدموهم بأشفار عيونهم..

انّ حزب «الكتائب» اليوم الذي تحوّل «بفضلك» شلّة من محاسيبك وأزلامك، لا تأثير له يُذكر في الحياة السياسية، لأنك حوّلته منصّة للابتزاز و«القبض»، فحسب حجم الشتيمة وطبيعة المشتوم تكون قيمة الفاتورة لدى المشغل.. و«الشهر ورا الباب»…
لم يُسجّل للكتائب منذ توليك رئاستها إلّا كيل الشتائم والتحريض وإثارة العصبية الطائفية في وجه الآخر القريب والبعيد، وافتعال المظلومية واستحضار ماضٍ لم يكن مشرفاً لك وللجميع، وبينهم بعض حلفائك الحاليين وخصومك السابقين.
كتائبك يا سامي، ما عادت الكتائب التي طمح اليها شقيقك الشهيد بيار، الذي سعى لتوسيع انتشارها في كل البلد وإخراجها من الانعزال والفئوية، فجئت انت لتعيدها إلى القوقعة بأسلوب «حضاري» ومعاصر. ففيما الجميع يعودون او عادوا من الحرب، ها أنت تذهب اليها. فالكتائبيون قبل غيرهم باتوا يدركون جيداً انّ التجارة بالطائفية والعصبيات لم تعد رابحة، وانّ من يشتريك اليوم يبيعك غداً. وها انت اليوم في زمن تغيير الدول تعيش الحيرة والضياع، تبكي مُلكاً مُضاعاً لم تحافظ عليه كالرجال.

قريباً سيُنتخب رئيس جمهورية جديد، واياً كان شخص هذا الرئيس، لن يكون لك فضل في وصوله، سواء كان من كنف من تتحالف معهم، او من كنف الفريق الآخر، فتمثيلك لا يقدّم ولا يؤخّر في انتخابه، لأنك فقدت الصدقية لكثرة ما نافقت ولا تزال تنافق، ولشدّة ما تتلون مواقفك بين ليلة وضحاها، فما تقوله لست بمقتنع به، ولكن «آخر الشهر» عندك يغلب الطبع والتطبّع، لأنك صرت في تنافس مع أمثالك على الكسب السريع الذين تحوّلت وإيّاهم «حيتان مال».. ومن بعدكم الطوفان…

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...