في موازاة المواجهات التي يخوضها المقاتلون في قطاع غزة ضد الاعتداءات الإسرائيلية ومحاولات التوغل، يبقى في لبنان إيقاع آخر لمواكبة التطورات.
هذا الإيقاع يرتبط بموقف الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله. في أوساط حزب الله من يعتبر أنه سيتم تحديد مسار الأحداث وفق توقيت “ما بعد كلمة نصرالله غير ما بعده”. خصوصاً في حال لم تصل كل الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار الإسرائيلي والتراجع عن الاجتياح البري. ما يضعه حزب الله وإيران، هو عنوان واضح: ممنوع كسر حركة حماس، وممنوع تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وممنوع إحداث أي تغيير في واقع القطاع. وبحال أصر الأميركيون والإسرائيليون على أهدافهم تلك، فإن قوى محور المقاومة ستتدخل عسكرياً بقوة.
مهلة أخيرة؟
حسب ما تقول مصادر متابعة، فإن تحديد موعد كلمة نصرالله يوم الجمعة لم يكن عن عبث، إنما حدد التوقيت، بما يتضمنه كمهلة أعطيت للأميركيين والإسرائيليين في سبيل الوصول إلى وقف لإطلاق النار وتكريس هدنة إنسانية. أما بحال أصر الإسرائيليون بغطاء أميركي على تنفيذ المزيد من المجازر والعمليات العسكرية، بالإضافة إلى التوغل البري، فإن المهلة ستنتهي يوم الجمعة، وبعدها سيكون هناك تدخل كبير من قبل حزب الله.
حسب المعطيات، فإن هذه المهلة أصبحت معروفة في الأوساط الدولية، وربما هي التي تدفع بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لزيارة إسرائيل. لا سيما أن طهران وحزب الله يخاطبون الأميركيين لا الإسرائيليين، ويطالبوهم بوقف التصعيد في غزة، وإلا فإن الحرب ستتحول إلى إقليمية. أما بحال استمرار العمليات وإبقاء الغطاء ممنوحاً لإسرائيل، فإن بعض المصالح الأميركية في المنطقة ستكون أهدافاً متاحة بالنسبة إلى تلك القوى. هذا على الأقل ما يتم التداول به في الكواليس التي تتناقلها الأوساط السياسية والديبلوماسية.
تثبيت الردع
عملياً، سيركز نصرالله في خطابه على جملة مسائل، أولها تأبين الشهداء، وتثبيت معادلة الردع من خلال إفتداء حزب الله وهؤلاء الشهداء لبنان كله، لمنع الإسرائيليين من التوغل أو التفكير بتنفيذ اعتداءات أعمق. وهذا سيثبت معادلة توازن الردع التي يحققها سلاح الحزب. من جهة ثانية، فإن نصرالله سيرسم الخطوط الحمر للمرحلة المقبلة، وسيضع في كلمته معادلات جديدة، تمنع على الأميركيين والإسرائيليين تنفيذ ما يريدونه في غزة. وبحال إصرارهم فإن الحرب ستكون مطروحة بقوة.
بناء عليه، فإن كلمة نصرالله ستكون استثنائية، وذات سقف مرتفع جداً. وتؤكد المعلومات أن يوم الجمعة هو مهلة أعطيت، وبعدها سيتم رسم الحدود، وفي حال اندلعت المواجهة فستكون مع الأميركيين، خصوصاً في ظل وجهة نظر تعتبر أن مجيء الأميركيين هو بنية هجومية وليس بنية ردعية أو دفاعية. وفي حال أصر الأميركيون والإسرائيليون على استمرار العمليات العسكرية، فإن المواجهة ستكون حتمية وواسعة، وربما قد تنطوي الكلمة على تحديد ملامح المرحلة المقبلة وآلية عمل محور المقاومة ككل، خصوصاً أن نصرالله سيتحدث كقائد لهذا المحور وليس لحزب الله فقط.
قآاني في بيروت؟!
في هذا السياق، جرى التداول في لبنان بمعلومات تتعلق بوصول اسماعيل قاآني إلى بيروت، فيما معلومات أخرى تشير إلى أن قآاني موجود في لبنان منذ أيام، ووصل إليه بعد عملية طوفان الأقصى بأيام قليلة، وغادر بعدها ومن ثم عاد، فيما لا أحد يمكنه تأكيد هذه المعلومات. خصوصاً أن مثل هذه الزيارات تكون في غاية السرية. ولكن في حال صحت المعلومة، فلا بد من الحديث عن تفعيل عمل غرفة العمليات العسكرية المشتركة تحضيراً لما بعد يوم الجمعة، وفي حال فشلت كل محاولات وقف العدوان الإسرائيلي على غزة.
هنا لا بد من العودة بالذاكرة إلى مرحلة حرب تموز. ففي خلالها لم يكن لأحد أن يعلم بوجود قائد فيلق القدس في حينها قاسم سليماني في لبنان، ويعمل على المشاركة في إدارة العمليات العسكرية. وتم كشف النقاب عن مثل هذه المعلومات بعد اغتيال سليماني. وقد تحدث نصرالله أكثر من مرة عن كيفية معايشته مع سليماني كل أيام الحرب.