عمليات التدمير الممنهج لقطاع غزة لن تمحو وصمة الهزيمة عن جبين نتانياهو وحكومته ودولته، حرب الإبادة الجماعية التي تمارسها الغارات الإسرائيلية الوحشية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، لن تُعيد إسطورة «الجيش الذي لا يُقهر»، للمؤسسة العسكرية الصهيونية، والإستنجاد بحاملة الطائرات الأميركية الأضخم، لن يُنقذ الثقة المنهارة تحت أقدام المقاومين الفلسطينيين، الذين إجتاحوا بجسارة الحواجز الأمنية، واحتلوا ثكنات ومراكز عسكرية، ووصلوا إلى عمق المستوطنات، وأسروا العديد من الضباط والجنود الصهاينة.
تكرار رئيس الحكومة الإسرائيلية أكثر من مرة، خلال اليومين الماضيين، بأننا نمر بأيام عصيبة، يعكس حالة الإرباك والذعر التي تعيشها الدولة العبرية، بمواجهة أخطر حرب تواجهها منذ قيامها.
هي المرة الأولى التي تدور فيها المعارك داخل الحدود، على الأرض الفلسطينية مباشرة، وليس خارج الحدود، وعلى أراضي دول عربية مجاورة، كما حصل في حربي ١٩٦٧ و١٩٧٣ ، والحروب التي جرت مع لبنان. وهي المرة الأولى التي يقع فيها هذا العدد الكبير من القتلى والأسرى في صفوف الإسرائيليين في اليوم الأول للحرب. وهي المرة الأولى التي يستولي فيها الفلسطينيون على آليات عسكرية إسرائيلية. كما هي المرة الأولى التي تتفوق فيها التكنولوجيا العسكرية الفلسطينية على كل التقدم التكنولوجي للجيش الإسرائيلي.
ويبدو أن العدو يحاول تحويل الإهتمام عن جبهة غزة والوحشية التي يُدمر فيها مدن القطاع الصامد، عبر التحرش على الحدود اللبنانية، وإيهام حلفائه الأميركيين والغربيين بأن ثمة جبهة ثانية في طريقها إلى الإشتعال،. ذلك من خلال قصفه الليلي على البلدات الحدودية، والتي أوقعت إصابات قاتلة في عدد من عناصر حزب الله، من أبناء المنطقة.
قيادة الحزب تدرك أكثر من غيرها أن العدو يحاول إستدارجها لحرب وفق أجندته، وبما يعزز الدعم الأميركي والتأييد الغربي له، وبالتالي فكل المؤشرات تدل على فشل هذه المناورة الإسرائيلية، لأن الحزب إحتفظ بحق الرد والثأر لشهدائه، في التوقيت المناسب، وبالطريقة التي يختارها.
ثمة إجماع لبناني شامل على موقف إبعاد البلد عن نيران غزة، لأن الوضع اللبناني المتدهور يفتقد إلى أبسط مقومات الدخول في حرب جديدة، إلا أن ذلك لا يعفي أصدقاء لبنان الدوليين من توفير مظلة ردع ديبلوماسية ضد أية مغامرة متهورة لنتانياهو…، حتى لا يكون ثمة مبرر لإستخدام قوة ردع المقاومة.