الرئيسيةمقالات سياسيةمن الحدود إلى الرئاسة وملف اللاجئين: فرص لبنان الضائعة

من الحدود إلى الرئاسة وملف اللاجئين: فرص لبنان الضائعة

Published on

spot_img

يبقى لبنان بلد الفرص الضائعة. يمكن استعادة الكثير من المحطات التي أهدر فيها السياسيون فرصاً كثيرة، كان يمكنها أن لا تسمح بكل هذا الانهيار والتداعي. ليس الأمر بداعي التنظير هنا، بل الدافع وراء استعادة تلك الفرص هو الإعلان الأوروبي عن منح لبنان مليار يورو كمساعدات بين العامين 2024 و2027، تتعلق بملف اللاجئين.
ستكون هذه المساعدات مخصصة لتعزيز القوات البحرية في الجيش، بالإضافة إلى الأجهزة الأمنية الأخرى، لمنع تسرب اللاجئين باتجاه أوروبا، بالإضافة إلى تخصيص هذه المساعدات لجوانب طبية، وبنى تحتية وغيرها.

الضغط على الأوروبيين
استبق الإعلان عن الخبر بالحديث عن انتظار اللبنانيين لرشوة من أجل تخفيف موجة الهجوم على اللاجئين، أو الدعوات التي خرجت على ألسنة مسؤولين ووزراء، تتعلق بفتح الحدود وجعل الآلاف يتوجهون بشكل منظم إلى اوروبا.
عرف لبنان كيف يضغط على الأوروبيين، بالتلويح تارة، وباستباق مؤتمر بروكسل المخصص للبحث في ملف اللاجئين، أو بجعل ملف اللجوء عنواناً لمشاريع وتوجهات سياسية. قبل فترة أعلن رئيس الحكومة أنه يعمل على خطة جدية تتعلق بمعالجة ملف اللاجئين، وأن اللبنانيين سيلمسون سريعاً نتائجها. كان ذلك قبل زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية برفقة الرئيس القبرصي.
بالتزامن تضج الساحة اللبنانية بأوراق تخص ملف اللاجئين وتستمر الضغوط، وسط قناعة رسمية بأن هناك تفهماً فرنسياً وأوروبياً عاماً لوضع لبنان، والذي يحتاج إلى تخفيف أعباء اللجوء عنه. في هذا السياق، جدد لبنان مطالبة الأوروبيين بتغيير موقفهم من النظام السوري وإعادة الانفتاح عليه، والتنسيق معه أمنياً لحل ملف اللجوء في لبنان، وإبعاد مخاطر التسرب عن أوروبا. أما داخلياً، فتتجدد الانقسامات حول هذا المبلغ المالي بين من يرحب بالاهتمام الأوروبي حرصاً على لبنان ككيان ودولة، وبين من يوجه الاتهامات للأوروبيين بأنهم يقدمون رشوة لتجنب أي أعباء لجوء باتجاه الدول الأوروبية.

الانقسام اللبناني وهدر الفرص
ليست المرة الأولى التي تنقسم فيها المواقف اللبنانية بهذا الشكل. فمنذ العام 2020 وانفجار مرفأ بيروت، بعد أشهر على دخول لبنان في حقبة الانهيار الكبير، استمر اللبنانيون على انقساماتهم التي أجهضت كل مساعي “المبادرة الفرنسية” والتي أيضاً يتحمل جانب من المسؤولية بشأن إجهاضها الفرنسيون وطريقة إدارتهم لها. لكن الانقسام اللبناني كان عنصراً أساسياً في إضاعة الفرصة، تماماً كما أضيعت فرص كثيرة من قبل، تتصل بضبط الحدود وترسيمها أو تحديدها مع سوريا، ولا يزال لبنان يدفع ثمنها منذ العام 2006 إلى اليوم.
فرصة أخرى أضاعها لبنان في عدم استكماله تطبيق القرار 1701، والعودة إلى الانخراط بالواجهات العسكرية حالياً، وسط انتظار أي مبادرة خارجية يمكنها أن تسهم في تخفيف التصعيد وإعادة إرساء الاستقرار، ووفق أي صيغة وعلى أي أساس.
ليست الفرص المهدورة تتصل بالملفات السياسية ذات الارتباط الإقليمي فقط، إنما أيضاً تشمل ملفات مالية واقتصادية، كانعدام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، أو من خلال الموازنة المالية الموضوعة أو كل آليات العمل المالي والاقتصادي في البلد، والتي وصفها البنك الدولي أخيرة بأنها “فرصة ضائعة”.

وصاية دولية؟
بعد حرب تموز عام 2006 تم تعزيز قوات اليونيفيل في الجنوب، مع دخول الجيش اللبناني. فأصبحت هذه القوات الدولية رمزياً هي المشرفة على ضبط الأمن والاستقرار. وهي تفشل حيناً وتنجح أحياناً، ولكن ليس لديها أي قدرة فعلية على التأثير أو التقرير. واليوم، في ظل المواجهات القائمة لا يزال يطرح السؤال حول الدور الذي سيناط باليونيفيل لضبط الوضع وتوفير الاستقرار المستدام بعد وقف إطلاق النار.
أيضاً، بعد اندلاع الثورة السورية وأزمة اللجوء في لبنان، أصبح هذا الملف من صلاحيات جمعيات ومجتمع دولي في ظل عدم تقديم الحكومات اللبنانية أي رؤية أو خطة جدية لمنع تفاقم هذا الملف، ولعدم وضع اللاجئين في مواجهة اللبنانيين. ولا يزال لبنان عاجزاً عن معالجة هذه المعضلة، فيما يداويها بـ”مراهم الدراهم” التي تأتيه على شكل مساعدات خارجية.
في العام 2020 وإثر انفجار مرفأ بيروت، لم ينجح لبنان لا في إجراء تحقيقات ولا في الوصول إلى نتيجة، ولا في إعادة إعمار المرفأ. مع لحظة وقوع الانفجار فتحت السواحل والشواطئ اللبنانية لفرق تحقيق من دول وجنسيات مختلفة، أخذت العينات وأجرت التحقيقات، ولم ينجح لبنان في الحصول على أي معطى جدي، فيما التحقيق الداخلي معطل.
أما الفراغ الرئاسي المستمر منذ أشهر، فيظهر العجز اللبناني عن ملئه بالوصول إلى توافق لانتخاب رئيس. إذ ثمة من ينتظر الخماسية، وآخرون ينتظرون موازين القوى التي ستتشكل مع انتهاء الحرب على غزة.
كل الفرص لبنانياً مهدورة، فيما المؤشرات كلها تفيد بأن لبنان إما يبقى في مثل هذه الدوامة، وإما أن تأتيه جهات خارجية تنتدب الإدارة والتحكم فيه وفي مساراته، والتي يحاول البعض التسويق لها وتسميتها بـ”الوصاية الدولية”.

أحدث المقالات

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

المزيد من هذه الأخبار

نصاب رئاسيّ في جلسة النّزوح: الحزب بانتظار آموس

يكتمل النصاب “الرئاسي” بعد غد الأربعاء في جلسة مجلس النواب حضوراً وتصويتاً بالثلثين من...

ملف اللاجئين: مشكلة شعبين معاً وتتجاوز الديموغرافيا والأيديولوجيا

تقدّم ملف اللاجئين السوريين في لبنان على ما عداه من الملفات. ويكاد يتقّدم على...

النّازحون السّوريّون: أزمة كيان وانقسام وطن

“هبة المليار يورو” وما حصل بحقّ بعض السوريين إثر مقتل المسؤول القوّاتيّ باسكال سليمان...

الحزب أسير “نصرة” غــزّة.. وبرّي قلق من إلحاق لبنان بها

هل تعتمد طهران على الخلاف الأميركي الإسرائيلي حول مفاوضات الهدنة واقتحام معبر رفح من...

التّلويح الإيرانيّ بالنّوويّ حلٌّ لمشكلة أم تعقيدٌ لها؟

لوّحت طهران مرّتين في أسبوع واحد بتغيير عقيدتها النووية، الأمر الذي فُسّر بأنّها باتت...

“تيك توك” بريء… ويدعم اقتصاد لبنان بـ150 مليون$ سنويّاً

ما إن كُشف عن فضيحة “تيك توك” حول اغتصاب الأطفال وكرّت سُبحة التوقيفات بهذا...

الانقسام في إسرائيل ولبنان: صيحات الانفصال وطبول الحرب

تحتاج قراءة الواقع الإسرائيلي إلى النظر من زوايا مختلفة، لتكوين صورة أوضح حول الخلافات...

حقيقة النّزوح السّوريّ وفق حسابات “الدّكّنجيّ”!

حسناً، احسبوها على طريقة حساب الدكّنجي. هناك نحو 7 ملايين سوري نازح خارج سوريا. غالبيّتهم الكبرى...

انقلاب داخل التّيّار؟

فَتَح باسيل “المَشكَل” على مصراعيه مع النواب الصقور داخل حزبه في توقيت مريب يُجمِع...

من رحم النكبة وُلدت ولهذه الأسباب تريد إسرائيل التخلص منها.. قصة الأونروا حتى الحرب على غزة

وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أسستها الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل 74 عاماً،...

مواسم الهجرة من لبنان… العامل الاقتصادي يفوق الأمني بأضعاف

الهجرة ليست حكراً على الدول الفقيرة أو المأزومة. معظم الدول، بما فيها المتطورة اقتصادياً،...

ما بعد طرد ألان عون

سواء تمّ طرد النائب ألان عون بشكل رسمي، وعلني من الحزب الذي كان واحداً...

عدوان 7 أيّار.. حان وقت العودة من الدّوحة

بعد أحداث 7 أيار 2008 بأسبوع واحد، شهدت منطقة المصيطبة في بيروت حراكاً مكثّفاً...

“الجبهة اللبنانية” بعد رفح أو الهدنة: معركة بلا مساندة

تتعدد القراءات والتقديرات للإصرار الإسرائيلي على الدخول إلى شرق رفح. لا سيما أنه جاء...

أزمنة التّحوُّل الغربي العنيف؟

تواجه قيم التنوير والدولة الحديثة تحدّيات تتمثّل في بروز فئات من المثقّفين والشباب تخاصم...