يترقّب المعنيون بالمفاوضات بين حماس وإسرائيل المساعي التي تُبذل للوصول إلى الهدنة المفترض أن تكون وشيكة علىى الرغم من كلّ التصعيد. لكنّ السؤال المطروح هو إمكانية انسحاب هدنة غزة على لبنان إذا حصلت. ولكلّ احتمال حساب لدى الحزب. وكما كلّ الطرق تؤدّي إلى روما فكلّ الحسابات ستؤدّي إلى مفاوضات سمّاها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بـ”مفاوضات رمضان” بين الحدود والرئاسة.
انطلقت فكرة المفاوضات التي طرحها ميقاتي في مقابلته الأخيرة على قناة الجديد من أنّ هدنة غزة ستنسحب على لبنان. وبناء على ذلك سيجلس لبنان حتماً إلى طاولة المفاوضات للبحث في تطبيق الـ1701 من الجهتين. وبالتالي شهر رمضان بحسب ميقاتي لن يكون هادئاً في السياسة، بل سيكون شهر العمل على الصعيدين الأمنيّ والسياسي.
الحزب: مفاوضات رمضان لا تزال افتراضيّة
في الوقت الذي تُبحث فيه الهدنة في غزة، يتصاعد القصف الإسرائيلي على المناطق اللبنانية من دون رادع. في الرسائل التي تحرص إسرائيل على إيصالها أنّها لا تلتزم بأيّ قواعد اشتباك مع لبنان. هي جاهزة لاستباحة أيّ منطقة يوجد فيها الحزب. بالتالي الحزب متروٍّ جداً في جوابه على أيّ اقتراح حول التفاوض. لا بل رفع سقف خطابه عالياً، مهاجماً الموفد الأميركي آموس هوكستين، بعدما كان من أكثر المرحّبين بمهمّته. إذ تبيّن للحزب أنّ الأخير لم يحمل سوى أفكار غير قابلة للتطبيق منذ اللحظة الأولى وسط التصعيد الإسرائيلي. ثمّ عاد في زيارته ليحمل ما اعتبره الحزب “تهديدات إسرائيلية” بأنّ الحرب ستكون مدمّرة، محمّلاً الحزب مسؤولية إعادة إعمار لبنان.
وعليه، فإنّ جواب الحزب الرسمي “لا تفاوض قبل وقف إطلاق النار في غزة. فإذا انسحب ذلك على لبنان سنبدأ بالبحث بفتح باب التفاوض. وإذا استمرّت إسرائيل بعدوانها سنستمرّ بالمواجهة ولا تفاوض حينها تحت النار”.
رئاسياً يتحدّث المطّلعون على موقف الحزب عن أنّه مستعدّ للتعاون مع أيّ مبادرة جدّية تراعي كلّ الخصوصيات
الحزب منفتح على تسوية تحمي ظهر المقاومة
يشدّد الحزب في كلامه الداخلي على تمسّكه بانتخاب رئيس يحمي ظهر المقاومة. فهو يدرك أنّ المرحلة المقبلة هي مرحلة ذات عنوان أمني أكثر منها ذات عنوان سياسي. لذلك المرحلة المقبلة استثنائية انطلاقاً من دور الرئيس المقبل في إيجاد صيغ “عادلة” ومتوازنة للسير بين ألغام الخارج والداخل الأمنيّة والسياسية. لكنّ الحزب في الوقت عينه يبدو أحرص على العمق الداخلي من أي وقت آخر. لذلك زار وفد من كتلة الوفاء للمقاومة الرئيس ميشال عون في الرابية للوقوف على رأيه وموقفه التصعيدي من الحرب في الجنوب. لا سيما أنّ صوت المرجعية المارونية في بكركي عالٍ جداً هذه الأيام ضدّ خيار الحرب.
مفاوضات رمضان
تأتي هذه الزيارة بعد مقطع فيديو سُرّب لرئيس التيار جبران باسيل يشنّ فيه أعنف هجوم له على الحزب منذ وقت طويل. وفي المعلومات عن لقاء عون مع وفد الحزب أنّ الرئيس عون سمع تطميناً من الحزب إلى أن ليس في نيّته توسيع الحرب. لكنّه جاهز لها في حال أرادت إسرائيل ذلك. كما سمع منه ما سبق أن قاله نصرالله عن المصلحة الوطنية التي تعلو حسابات الحزب. في اللقاء كما في الخطاب، فصل الحزب بين الحرب والرئاسة. ولكن هل تنسحب إيجابية اللقاء على خطاب باسيل؟ هذا بحث آخر.
دعم الحزب لفرنجيّة ثابت
رئاسياً يتحدّث المطّلعون على موقف الحزب عن أنّه مستعدّ للتعاون مع أيّ مبادرة جدّية تراعي كلّ الخصوصيات. فهو حتى الساعة يدعم حليفه سليمان فرنجية دعماً مطلقاً ما دام فرنجية لم يسحب ترشيحه. والحزب لن يطلب من فرنجية سحب ترشيحه، لكنّه في المقابل لن يطلب منه الإبقاء على ترشيحه. وسيكون على الرئيس بري أن يبتدع مبادرة جدّية تجيب على حجم الضغوطات الموضوعة عليه. وسيكون على زعيم زغرتا أن يعيد تقويم ميزانه الانتخابي ويقرّر: إمّا يبقى واثقاً من أنّ التسوية آتية لمصلحته، وإمّا يترك البلاد في فراغ، وإمّا ينسحب لمن يراه مناسباً فيكون بذلك شريكاً في صناعة الرئيس المقبل.
كلّ الطرق تؤدّي إلى روما فكلّ الحسابات ستؤدّي إلى مفاوضات سمّاها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بـ”مفاوضات رمضان” بين الحدود والرئاسة
الخماسيّة في السّفارة القطريّة
تباعاً اجتمع سفراء الخماسية تأكيداً لوحدة موقفهم. فبعد اجتماعهم في دارة السفير السعودي وليد البخاري. ثمّ في قصر الصنوبر بضيافة السفير الفرنسي. يأتي هذا الاجتماع المنعقد في السفارة القطرية الذي يليه لاحقاً اجتماعان في السفارتين الأميركية والمصرية. وخلاصة الاجتماع ثلاث رسائل:
1- تأكيد وحدة الموقف والدفع لانتخاب رئيس.
2- حصوله في السفارة القطرية يأتي تأكيداً لعودة قطر إلى الموقف الموحّد بعد تغريدها خارج السرب سابقاً.
3- توقيت الاجتماع بعد زيارة الموفد الأميركي آموس هوكستين يأتي ليؤكّد أنّ متابعة الملفّ الرئاسي محصورة باللجنة الخماسية وليس بأيّ موفد آخر.
هل تكون مفاوضات رمضان المقبلة فاتحة خير على المفاوضات في الملف اللبناني؟ وهل تسبق هذه المفاوضات العدوان المحتمل على لبنان أو تأتي بعده؟ هي أسئلة تشغل الوسط السياسي الغارق في غموض هذه المرحلة.