الرئيسيةمقالات سياسيةكيف سيُسدّد ثمن سليمان فرنجيه؟

كيف سيُسدّد ثمن سليمان فرنجيه؟

Published on

spot_img

رغم تمنيات حلفائه، لم يعقد رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجيه، إلى الآن مؤتمراً صحافياً يعرض فيه برنامجه الرئاسي. هي خطوة لا بدّ منها ليقف الرجل بشكل رسمي على الحلبة الرئاسية. والأكيد سيفعلها، لكنه حتى اللحظة يتحفّظ على التوقيت. يدرسه بعناية. ربطاً بتطوّر جوهري، وهو التأكد أنّه صار على مقربة أمتار من قصر بعبدا.

لا يعبّر تردّده في إطلاق برنامجه، عن تشكيك في موقف الثنائي الشيعي منه، بعدما جاهر رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله بدعمهما له، واندفاعهما باتجاه تأمين 65 صوتاً تمكّنه من تحصيل لقب الفخامة، لا بل يقود رئيس البرلمان بـ»قوته الناعمة»، وسطوة حنكته وخبرته معركة ترئيس القطب الزغرتاوي»على راس السطح»… لكن الأخير ملدوغ أكثر من مرة، حيث بلغت ملعقة الرئاسة حلقه وسحبت منه بقرار من حلفائه، لا خصومه. ولذلك هو يفضّل ألا يقدم على أي خطوة رسمية وعلنية اذا لم تكن معركته مضمونة. ولذا تراه متريثاً، خشية من «سيناريو شيطاني» يعيده إلى الصفوف الخلفية إذا ما فشلت مساعي حلفائه، وأنزِل «الحلّ الوسطي» بمظلة التفاهم السعودي – الإيراني.

فعلياً، يحاول الثنائي الشيعي إسقاط تجربة ميشال عون في خوض معركته الرئاسية على سليمان فرنجيه، من خلال شطب «الخطة ب» من جدول نقاشاته وحواراته مع الآخرين، وهؤلاء لا يزالون محصورين بالمسؤولين الفرنسيين الذين يسعون بشتى الطرق إلى تدوير الزوايا. يقلّص الثنائي، وتحديداً «حزب الله» خياراته الرئاسية برئيس «تيار المرده»، ليبقي دائرة مفاوضاته مقفلة على هذا الاسم، وحوله يمكن التفاوض، بمعنى حول رئاسة الحكومة وحاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش وما إلى ذلك من مواقع نفوذ موضوعة على طاولة النفوذ.

بالتوازي، يبدي الثنائي ارتياحه لواقع أنّ خصومه عاجزون عن التفوق عليه في حيثيتهم الرئاسية، أي أنّه، حتى لو لم يتمكن فرنجيه حتى اللحظة من تأمين 65 صوتاً، لكن في المقابل تعترض طريق الكتل المعارضة عقبات كثيرة تحول دون نجاحها في تجميع «سكور» لأي مرشح تؤيده، قد يتجاوز «سكور» رئيس «تيار المردة». حتى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط يحاذر التصويت لمرشح مرفوض من جانب «الثنائي». فيما رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الذي قرر الانفصال عن الثنائي في خياراته الرئاسية لم ينجح في إحراجه بأي مرشح قد يشكل تقاطعاً بينه وبين الثنائي. ولا يزال باسيل في منطقة وسطى، بين الخروج عن خيارات «حزب الله» وبين عدم تقبّل المعارضة له. الطرح المقابل لطرح فرنجيه، ضعيف، والبديل غير متوفر.

ولذا يعتمد «الثنائي» استراتيجية إقفال باب الترشيحات الرئاسية على فرنجيه، ليفتح باب الحوار حول البنود الأخرى. ولكن ما سرى على ميشال عون قد يصعب إسقاطه على سليمان فرنجيه، بفعل تمادي الانهيار الاجتماعي وتعمّقه. وللخراب محاذيره. وهذه نقطة ضعف تسجّل عليه، وتراهن عليها المعارضة التي تعتقد أنّ الوقت ليس عاملاً مساعداً لـ»حزب الله».

بناء عليه، يقول المواكبون إنّ ترشيح فرنجيه يواجه عقبة واحدة لا ثانية لها، وهي تأييد السعودية. في حال تمّ تأمين شراكتها، تصير مسألة تأمين النصاب القانوني تفصيلاً، وأكثرية الـ65 صوتاً مهمة بسيطة. ولأنّ استحقاق العام 2023 لا يشبه في حيثياته استحقاق العام 2016، بسبب الأزمة المالية – الاقنصادية المتفاقمة، يريد الثنائي الشيعي شراكة السعودية في تأمين مظلة للعهد الجديد. لا بل هو حاول جاهداً استدراج اهتمام السعودية من خلال تمسكه بسعد الحريري أولاً ومن ثمّ إعادة نجيب ميقاتي إلى السراي الحكومي ثانياً رغماً عن إرادة رئيس الجمهورية آنذاك ميشال عون، وهو رفض تكرار تجربة حسان دياب المقطوع الأوصال الإقليمية.

إذاً، لا مصلحة لفرنجيه ولحلفائه في إبقاء الرياض خارج منظومة التفاهم الرئاسي، لأنّ ذلك يعني تمديداً للانهيار وحكماً بالإعدام مبكراً على العهد الجديد. لكن السعودية لا تزال تتعاطى بمنطق غير المكترث أبداً بالملف اللبناني رغم الجهود التي يبذلها الفرنسيون فيما الإدارة الأميركية تنأى بنفسها حتى اللحظة عن لعبة الأسماء.

وحدهم الفرنسيون منخرطون في متاهة الترشيحات والمعادلات الحسابية القائمة على الثنائيات التي تراوحت بين جوزاف عون – نواف سلام، جوزاف عون – نجيب ميقاتي، سليمان فرنجيه – نواف سلام وسليمان فرنجيه – نجيب ميقاتي، والتي اصطدمت إلى الآن بعقبتين: الأولى تمسك الثنائي بفرنجيه، والثانية تحفّظ السعودية على تلك المعادلات… لينتقل البحث وفق بعض المواكبين إلى الضمانات التي قد تريح السعوديين ليكونوا شركاء في واحدة من هذه المعادلات.

بالخلاصة يقول هؤلاء إنّه بعد أكثر من أربعة أشهر على الشغور الرئاسي، يمكن القول إنّ المشهدية الرئاسية باتت على الشكل الآتي:

– الثنائي الشيعي يقفل الباب على ترشيح سليمان فرنجيه، وينتظر العروض التفاوضية ليبني مظلة سياسية تحمي عهد حليفه. وهو بحاجة ماسة إلى هذه المظلة.

– السعودية والولايات المتحدة الأميركية لم تقدّما إلى الآن أي عرض أو دفتر شروط للقبول بترئيس فرنجيه.

وعليه يصير السؤال: كيف سيُسدّد «حزب الله» ثمن ترئيس انتخاب فرنجيه؟ وما هي الفاتورة؟

أحدث المقالات

الخماسية – “الحــزب”: لا رئيس قبل تسوية غــزّة

يُفترض عدم التقليل من أهمية اجتماعات سفراء الدول الخمس بالافرقاء المناوئين لحزب الله. بيد...

جعجع “يهتدي” بخصومه: الهجوم على السوريين كعدو سهل ومربح

يحدث أن تتبدّل مواقف وسياسات قوى أو دول أو أنظمة. ما يقود إلى ذلك...

هل يزور البخاري فرنجية قريباً؟

يلتقي سفراء اللجنة الخماسية الرئيس نبيه برّي مجدّداً بداية الأسبوع المقبل لوضعه في حصيلة...

جعجع يُخفق في الاستراتيجيا و”لا يبدو شاطراً في التكتيك”!

من جريمة مقتل القيادي في القوات اللبنانية باسكال سليمان إلى الإشتباك الحالي بين القوات...

المزيد من هذه الأخبار

تقارب بري – باسيل: هل تكون “المهندسين” نموذجاً لتوافق رئاسي؟

ظَهّرت نتائج انتخابات نقابة المهندسين التي انتهت إلى فوز مرشح «التيار الوطني الحر» علاقة...

“الحــزب” يغيّر تكتيكاته الهجومية.. والإسرائيليون يتجهّزون لتوسيع المعركة

يتجدد النشاط السياسي والديبلوماسي لبنانياً، بعد عطلة الأعياد. تتنوع الاهتمامات بين الداخل والخارج. حكومة...

فريدمان: إيران أخطأت.. وعلى إسرائيل ألا تحذو حذوها!

حذّر المحلل والكاتب السياسي الأميركي توماس فريدمان من “الانبهار بالطريقة التي أسقطت بها الجيوش...

حرب “الهيبة” بين إيران وإسرائيل: استباحة السماء والأرض العربية

إنها حرب “الهيبة” في الشرق الأوسط. وحرب بين المشاريع المختلفة. سرعان ما ظهر التضافر...

نامَت بيروت على حرب واستفاقت على Hiking العاقورة!

أتت استجابة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي للزلزال العسكري الذي ضرب خطّ طهران-تل أبيب متأخّرة...

الحرب الأهليّة… لحظة لم تغادر

نصف قرن تقريباً مضى على اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية في 13 نيسان 1975. إلا...

مكمن “ماليّ” نصبته امرأة… تفاصيلُ جريمةٍ ببصمات “الموساد”!

أكد مصدر أمني لبناني أن ملف اغتيال الصرّاف محمد سرور يأتي في سياق الجرائم...

الرقص الإسرائيليّ والإيرانيّ على حافة الهاوية

تتقاطع حسابات إيران وإسرائيل في تقدير الموقف من ثأر الأولى المحتمل لضربة قنصليّة دمشق...

انكشاف أمني وتحذيرات دولية: الانقسام اللبناني في ذروته الحرجة

أصبحت التحذيرات الدولية الموجهة إلى المسؤولين اللبنانيين متنوعة. ولم تعد تقتصر فقط على تطورات...

عن باسكال وهواجس “الحــزب” وجعجع: سرقة لكن لكن ولكن…

مفهومٌ جداً أن يأتي ردُ فعل “الحزب” على اغتيال باسكال سليمان، فجّاً بهذا الشكل....

الموساد في بيروت: استجوَب محمد سرور.. حتّى الموت

لم يعد سرّاً أنّ قتل الصرّاف محمد إبراهيم سرور في بيت مري يحمل بصمات...

جنبلاط وبرّي يراسلان الحــزب: لتسوية مقبولة… أو الخراب

في عاداته التي أصبحت معروفة، يستطيع زعيم المختارة وليد جنبلاط استشعار هبوب الرياح. سوابقه...

حسابات الثّأر الإيرانيّ تريح الحزب… وتربك خطابه

بعد 24 ساعة على نفي الأمين العامّ للحزب حصول تفاهمات بين إيران وأميركا، انتقل...

تحديد موعد “البلدية” يُعزّز فرضية تأجيلها

كمن يؤدي واجبه ويبرّئ نفسه من كرة اللهب أو تحمّل مسؤولية التأجيل، وقّع وزير...