تطوّران رئاسيّان أساسيّان سُجّلا في الساعات الماضية. السفيرة الفرنسية آن غريو أبلغت رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ مقايضة فرنجية-سلام التي طرحها الثنائي على باريس التي طرحتها بدورها على اللقاء الخماسي، أصبحت خارج الصلاحية بعد إسقاطها من المملكة العربية السعودية. أمّا التطوّر الثاني فتمثّل في لقاء المرشّح الرئاسي جهاد أزعور مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد والتقدّم الطفيف الذي حدث خلال اللقاء.
آن غريو وإسقاط المقايضة
من يعرف السفيرة الفرنسية آن غريو عن قرب يعرف أنّها مقرّبة من النواب “التغييريين” أكثر بكثير من قربها من الفريق الذي سعى إلى تسويق مقايضة فرنجية-سلام. في الخليّة الفرنسية الخاصة بلبنان رأى مسؤولون فرنسيون في هذه المقايضة، التي طرحها عليهم الثنائي الشيعي عبر السفيرة، مخرجاً من الأزمة اللبنانية ومدخلاً إلى عودة الانتظام السياسي وإدارة الأعمال. اليوم يبدو أنّ كلّ المحاولات الفرنسية اصطدمت برفض سعودي أوّلاً وعدم رضى أميركي ثانياً. ففي نهاية المطاف يعرف القاصي والداني أن لا قرار لفرنسا في لبنان، وأنّها ليست أكثر من صلة وصل ووسيط بين صاحب القرار الأساسي وفريق من اللبنانيين، وتحديداً حزب الله الذي يحافظ على خيط العلاقة واللقاء مع المسؤولين الفرنسيين.
في معلومات “أساس” أنّ آن غريو أبلغت بري نتائج اجتماع باريس ورفض المملكة العربية السعودية للطرح الفرنسي المدعوم من الثنائي، أي معادلة فرنجية-سلام
وعليه جاءت لقاءات آن غريو الأخيرة، ولا سيما في عين التينة، لتقفل الباب على ما اعتُبر “مخرجاً فرنسياً من الأزمة اللبنانية”. بالتزامن مع ذلك كانت مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف تؤكّد في أثناء جولتها في لبنان على مسار الإصلاحات أولاً وانتخاب رئيس يعكس هذا المسار. وأكثر ما كان لافتاً في جولتها لقاؤها خمسة من النواب السُّنّة غير المحسوبين على الثنائي الشيعي وهم وضاح الصادق، عبد الرحمن البزري، ابراهيم منيمنة، فؤاد المخزومي، بلال حشيمي.
تبليغ برّي رسميّاً بخلاصة اجتماع باريس
في الاجتماع بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والسفيرة الفرنسية كان الحديث واضحاً. ففي معلومات “أساس” أنّ آن غريو أبلغت بري نتائج اجتماع باريس ورفض المملكة العربية السعودية للطرح الفرنسي المدعوم من الثنائي. وفي المعلومات أيضاً أنّ مسؤولين في السفارة خلال لقائهم مع عدد من النواب، أشاروا إلى أنّ باريس لا تتبنّى المقايضة، لكنّ طرحها أتى على خلفيّة طلب الثنائي وانطلاقاً من السعي إلى إيجاد مخرج من دون محاولة فرض رئيس على اللبنانيين. وبالتالي وصلت رسالة إلى النواب مفادها “ما تفهمونا غلط”. هذه الرسالة أتت أوّلاً على خلفية نقاش فرنسي فرنسي في صوابية هذه المحاولة، ولا سيّما أنّها تعارض كلام الرئيس الفرنسي عشيّة 4 آب عن فساد الطبقة الحاكمة، وثانياً على خلفيّة امتعاض مجموعة من النواب اللبنانيين من السلوك الفرنسي وربطه بمصالح فرنسا الاقتصادية والنفطية في لبنان. وبالتحديد، هذا ما سمعته ليف في لقاءاتها مع عدد من النواب. في المقابل، ليف التي كانت مستمعة أكثر منها متحدّثة، خلصت في نهاية جولتها إلى تأكيد رفض المقايضات، والتمسّك بالإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الذي لا مخرج من الأزمة في لبنان إلا عبره.
في كواليس الأزمة الرئاسية اللبنانية كلام عن وقت ضائع ورهان على الاتفاق السعودي الإيراني. وعليه ليس الوقت مناسباً بعد لإجراء أيّ تسوية رئاسية أو اتفاق ما دامت الملفّات المرتبطة بالتفاهم الإقليمي لم تتبلور بعد
أما على الجانب الفرنسي – برّييتم تداول معلومات عن أنّ الرئيس الفرنسي اتصل شخصياً بالرئيس برّي وطلب منه إعلان ترشيح فرنجية للرئاسة.
أزعور يقدّم ضمانات لحزب الله
بالحديث عن صندوق النقد، وبالتوازي مع وقف عجلة المسعى الفرنسي باتجاه فرنجية، كان الوزير السابق جهاد أزعور المعروف بحسن علاقته مع القوى اللبنانية المختلفة، قد التقى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد مقدّماً له مجموعة من التفاهمات، أهمّها عدم المسّ بسلاح المقاومة وعدم طعنها بظهرها، مشيراً إلى أنّ عمله سيقتصر على الاقتصاد والتفاوض مع صندوق النقد. وكان رعد مستمعاً، فلم يجِب على طرح أزعور، ولا سيما أنّ الحزب ما يزال يعتبر أنّ مرشحه الوحيد هو سليمان فرنجية.
في كواليس الأزمة الرئاسية اللبنانية كلام عن وقت ضائع ورهان على الاتفاق السعودي الإيراني. وعليه ليس الوقت مناسباً بعد لإجراء أيّ تسوية رئاسية أو اتفاق ما دامت الملفّات المرتبطة بالتفاهم الإقليمي لم تتبلور بعد. الأولوية اليوم هي لملفّات أكثر سخونة بالنسبة لإيران والسعودية، ويعتقد البعض أنّه متى يحين الوقت فسيأتي دور لبنان، وعندها يمكن إعادة طرح اسم سليمان فرنجية للرئاسة انطلاقاً من تفاهمات مقبلة محتملة.
رسالة سعوديّة إلى ماكرون
لكن ما يجدر التوقّف عنده في وقت الانتظار هذا، هو الموقف السعودي الذي يتكرّر دائماً، والثابت في الملفّ اللبناني. ففي المعلومات أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طرح فكرة زيارة المملكة العربية السعودية قبيل زيارته الصين، فرحّبت أوساط المملكة بالزيارة مع التأكيد أنّ ما سيسمعه ماكرون من الملك هو نفسه ما سمعه المسؤولون الفرنسيون من مستشار الديوان الملكي نزار العلولا، وهو الموقف السعودي الثابت تجاه الاستحقاق الرئاسي اللبناني.
بانتظار انتهاء شهر رمضان والانتقال إلى مرحلة مختلفة، قد يكون الأجدى اليوم مراقبة موقف الثنائي ومقاربته للملفّ الرئاسي. ما هي الرسائل وكيفية ربطها بالمرحلة المقبلة؟ لهذا الحديث صلة في وقت لاحق.