كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق في الهرب من نهاية حياته السياسية ومحاكمته. إيران عالقة في حصارها وعدم قدرتها على مواجهة الضغط الدولي. سوريا عالقة بين المملكة حيث مصالحها الاستراتيجية وبين إيران التي حوّلت الشام إلى عاصمة أخرى لها. لبنان عالق بين قرار الحزب بالحرب وقرار غالب القوى السياسية باللاحرب، وعالق في أزمة اقتصادية مرجّح أن تنفجر قريباً في مزيد من انهيار الليرة.
وسط هذا المشهد المعقّد، وفى نتنياهو بعهده الدائم بالاحتفال استذكاراً للشهداء وإحياءً لذكرى استقلال إسرائيل عن البريطانيين والمسلمين في 14 أيار 1948. نشر نتنياهو صورة تقليدية له وهو يصلّي مجدّداً الوعد. تزامناً تقول مصادر مطّلعة على المسار الذي يضعه نتنياهو إنّه يحضّر لمفاجأة.
كثرت التكهّنات حول هذه المفاجأة بدءاً من اغتيال يحيى السنوار أو قيادات عسكرية أخرى من حماس بالتعاون مع الاستخبارات الأميركية وصولاً إلى تصعيد نوعي يمكن أن يؤدّي إلى انهيار المفاوضات بعد حصول نتنياهو على فوز واضح.
في المقابل، تعمّ الخلافات الكنيست الإسرائيلي حول اليوم الثاني لغزة، بين من يريد إبقاءها محتلّة من إسرائيل وبين من يريد تحويلها إلى ما يسمّى المنطقة “أ”، أي تكون ذات نظام يشبه حكم الضفة الغربية التي يسيطر على مفاصلها أمنيّاً الاحتلال.
أيّاً يكن الخيار الذي سيُعتمد فهناك ثابتة واحدة، وهي أنّ الإرادة الدولية والعربية تشترك في تحييد أيّ من قيادات حماس عن الحكم.
هذا هو اليوم التالي الذي سيمهّد للكلام عن دولتين كما تريد السعودية. أمّا لبنان فشأن آخر.
لبنان عالق بين قرار الحزب بالحرب وقرار غالب القوى السياسية باللاحرب وعالق في أزمة اقتصادية مرجّح أن تنفجر قريباً
لبنان: تصعيد ثمّ رئيس ثمّ اتّفاق حدوديّ
في زيارة الموفد الأميركي آموس هوكستين الأخيرة لعين التينة، نقلنا في موقع “أساس” عنه في حينه كلامه المباشر إلى الرئيس بري: “أميركا تستطيع تأخير الحرب على لبنان لا إلغاءها”. ويحرص هوكستين في لقاءاته على إعادة تأكيد هذه العبارة. هذه المرّة قال للنواب الذين التقاهم: “لا تستبعدوا تصعيداً إسرائيلياً على لبنان. فأمام نتنياهو موعد التزم به لإعادة المستوطنين قبل الصيف للتحضير للموسم الدراسي الجديد. لذلك المتوقَّع الذي يُفترض أن يحرّك الساحة اللبنانية هو تصعيد أمنيّ تتداعى على خلفيّته دول العالم إلى احتواء توسّعه إلى حرب كبرى، فيصبح الملفّ اللبناني ملفّاً أمنيّاً سياسياً يشبه ملفّ غزة.
من هذا المنطلق عادت السفيرة الأميركية ليزا جونسون من واشنطن مصمّمة على حلّ الأزمة الرئاسية أوّلاً. هذه المرّة لن تكون لهجة الخماسية كما اعتادتها القوى اللبنانية. بل قد ترفع العصا في اللهجة ليكون الأمر واضحاً. بعد الانهيار السياسي، يلوح انهيار اقتصادي مقبل في الليرة اللبنانية، وهو أمر يعرفه المسؤولون جيّداً. كما يعرفون أن لا أموال من دون التزام مع الخماسية بخريطة طريق. انتخاب رئيس ثمّ تشكيل حكومة تزامناً مع بدء التفاوض الجدّي الذي أصبحت فيه معالم الاتفاق شبه معروفة.
لكنّ ما تتجاهله القوى السياسية عن قصد أنّ الاسم الذي لا يمثّل خريطة الطريق التي بدأت في نيويورك منذ ثلاثة أعوام، وحطّت في الرياض في قطار النهضة، لن يرفع لبنان من حضيضه.
تقول كلّ المصادر الدبلوماسية المعنيّة بالشأن اللبناني إنّ الرئاسة ستحصل في حزيران أو تموز، وبالتالي قبل الصيف. ليكون الرئيس قائد المفاوضات الثمينة التي ستجعل من الحدود الجنوبية حدوداً مستقرّة لسنوات طويلة. لذلك العين الخارجية على رئيس يُنهي الحرب ويبدأ التفاوض ويوقّع اتفاقاً يكون تاريخياً.