يؤكد حزب الله أنه لا يريد توسيع الحرب. غالبية مسؤولي حزب الله يشددون على معادلة “جبهة الإسناد”، وربط توقف العمليات انطلاقاً من جنوب لبنان بوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
هذه المعادلة هي نتاج للكثير من النقاشات والمداولات بين حزب الله والإيرانيين. فهناك قرار إيراني واضح بعدم توسيع الحرب في هذه المرحلة، وضبط النفس إلى أقصى الدرجات، ريثما تنضج ظروف الهدنة الإنسانية في قطاع غزة. هذا الموقف ترجمه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله على طريقته، بالقول إن المسألة تحتاج إلى بعض الوقت، وأنه لا بد من الصبر والتحمل لأن الانتصار سيكون حليفاً للقادرين على التحمل.
الخط الأحمر
عملياً، يبرز الرهان الإيراني ولدى حزب الله على المساعي الأميركية، والضغوط التي يفترض بإدارة جو بايدن ممارستها على إسرائيل لوقف الحرب ومنع اتساعها. إلا أن الحكومة الإسرائيلية لديها حسابات أخرى، وأهمها إطالة أمد الحرب قدر الإمكان.
في جوانب المداولات بين حزب الله والإيرانيين، يمكن الوصول إلى نتيج واضحة، وهي عدم الرد على الضربات الإسرائيلية بشكل يؤدي إلى الدخول في حرب واسعة، مهما بلغت الاستفزازات والاستهدافات الإسرائيلية، ومهما بلغ التصعيد.
حسب المعلومات، فإن الإيرانيين يضعون خطاً أحمر جديداً، وهو لجوء الإسرائيليين إلى تنفيذ عمليات برية أو محاولات تسلل إلى داخل الأراضي اللبنانية. فحينها تسقط المحرمات ويرد الحزب بتصعيد أكبر. دون ذلك، فإن مسار العمليات الإسرائيلية سيكون مستمراً وطويلاً.
أمام هذه الوقائع، لا أحد في لبنان ولا خارجه قادر على التكهن أو التوقع بما سيقدم عليه الإسرائيليون، وخصوصاً بنيامين نتنياهو. فهم حتى الآن يرفضون كل الصيغ المقترحة للتسويات. بينما تتسرب إلى لبنان أجواء نقلاً عن الإسرائيليين بأنه لا ثقة لديهم بأن قوات اليونيفيل والجيش سيكونان قادرين على ضبط الوضع في جنوب نهر الليطاني، ومنع حزب الله من مراكمة عمليات التسلح والتجهيز. وبالتالي، هناك خشية إسرائيلية من أن يقود أي اتفاق للعودة إلى ما كان عليه الوضع بعد حرب تموز 2006. اذ لم يتمكن القرار 1701 من منع حزب الله من التسلح، واستمر في تخزين الأسلحة وإدخالها إلى لبنان والجنوب.
اللحظة المناسبة
هناك من يعتبر أن الإسرائيلي سيبقى مصراً على توجيه ضربات قاسية ضد الحزب، إلى أن يجد الحزب نفسه أمام لحظة اتخاذ القرار بالتصعيد الكبير. هذه اللحظة يريدها الإسرائيليون لتكون نقطة استدراج للأميركيين، للانخراط إلى جانبهم، والاستفادة من دعم واشنطن. بينما بالنسبة إلى حزب الله، فهو يريد أن يختار التوقيت الذي يراه مناسباً، خصوصاً أن إطالة أمد الحرب في غزة، وانعدام القدرة على الوصول إلى اتفاق سياسي وديبلوماسي لترتيب الوضع في الجنوب، ستجعله أمام خيار التصعيد من جهته، ووفق توقيته، ضد الإسرائيليين. واللحظة التي سيختارها ستكون في ظل تشتت وتضعضع قوة الجيش الإسرائيلي، وفي حالة إنهاك. عندها سيلجأ إلى تنفيذ عمليات وضربات لإلحاق أذى كبير بالإسرائيليين.
يراهن الحزب على توتر أميركي إسرائيلي، وعلى إجراءات أميركية جدية ضد حكومة نتنياهو، لإلزامها بوقف الحرب. وهذا ما عبّر عنه نصرالله صراحة، حين قال إن الرئيس بايدن يستطيع بشحطة قلم أن يوقف الحرب على غزة، وبالتالي تتوقف المواجهات في كل المنطقة. كما يراهن على الإرهاق الداخلي الإسرائيلي والنقمة على نتنياهو واستمرار الحرب وخسائرها. كما الرهان على الانقسامات الداخلية كلها، ما سيدفعه إلى اختيار لحظة التصعيد في حينها، بهدف استعادة معادلة توازن الردع، لتحسين موقفه الدفاعي بالهجوم، والذهاب بعدها إلى مفاوضات جدية.