أخذت شخصية نيابية بارزة لها علاقاتها المتينة والتاريخية مع عدد من عواصم القرار نفساً عميقاً قبل أن تُجيب في جلسة خاصة يوم الأحد الفائت على سؤال حول إمكانية انتخاب رئيس للجمهورية خلال الشهرين المقبلين لتقول: “للأسف الكلّ يتسلّى في الوقت الضائع. لا انتخاب لرئيس للجمهورية في هذه المرحلة، ولا مؤشّرات إلى إمكانية حصول ذلك دولياً ولا داخلياً”.
حرّك رأسه مستهزئاً ثمّ تابع كلامه: “نعيش حرباً عالمية بكلّ ما للكلمة من معنى. العالم برمّته يشتعل عسكرياً وهناك غارات إلكترونية لا تقلّ شأناً عن الغارات العسكرية، ونحن هنا نتسلّى بالكلام عن انتخاب رئيس للجمهورية. للأسف الجميع يدرك أنّه لا يملك أيّ تأثير فعليّ في المعركة الرئاسية، لكنّه يحاول إدخال دُبّ كبير من خرم الباب معتمداً على المراهم وبعض المنزلقات، لكنّ الأمر مستحيل. من يفعل ذلك يدرك الاستحالة، والدُبّ بدوره يدرك الحقيقة، حتى خُرم الباب يدرك هذه الحقيقة. الشرق الأوسط بات اليوم “بلقان العالم” حيث تخاض الحروب العالمية فيه وتنطلق منه، وكلّ تفصيل في المنطقة لا يمكن فصله بأيّ شكل من الأشكال عمّا يحصل في هذه الحرب الكبرى”.
ثمّ أنهت تلك الشخصية النيابية حديثها: “لدى المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان مهمّة أشبه بوظيفة في المملكة العربية السعودية، وزياراته للسعودية لا تعني أنّ هدفها لبنان وانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان. للرجل أعمال كثيرة في السعودية، وتحديداً في نيوم، تفوق أهميّةً الملفّ اللبناني. يُشعرني البعض في لبنان أنّ الانتخابات الرئاسية عامل استقرار دولي فيما الحقيقة أنّ لبنان ليس أولوية عند أحد. العالم مهتمّ بشبعا ومزارعها أكثر من بيروت. الوضع الأمني على الحدود فقط أولوية دولية، وهذا الأمر قراره عند إسرائيل والحزب ومن خلفهما فقط لا غير”.
يرتاب البعض في الداخل اللبناني من صفقة بين الولايات المتحدة الأميركية والحزب تقايض الهدوء على الحدود الجنوبية برئاسة الجمهورية بحيث يُقدّم الحزب الهدوء الأمني على الحدود مع إسرائيل مقابل انتخاب مرشّحه سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية
لا مساومة على رئيس
يرتاب البعض في الداخل اللبناني من صفقة بين الولايات المتحدة الأميركية والحزب تقايض الهدوء على الحدود الجنوبية برئاسة الجمهورية بحيث يُقدّم الحزب الهدوء الأمني على الحدود مع إسرائيل مقابل انتخاب مرشّحه سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
ارتياب مشروع لكنّه غير منطقي. هو مشروع لأنّ ذلك البعض اعتاد على الأميركي أن يبيع كلّ شيء من أجل أمن إسرائيل، وسوابقه في ذلك كثيرة كثيرة. إلا أنّه غير منطقي لأنّ الأميركي وإن كان مستعدّاً للبيع والشراء فإنّ الحزب وفقاً لكثير من المؤشّرات غير مستعدّ لذلك لسببين رئيسيَّين:
1- إشعال جبهة الجنوب ضمن قواعد الاشتباك كما يقول الحزب وأمينه العامّ حاجة استراتيجية أيديولوجية للحزب تتجاوز منطق الخسائر البشرية والمادّية وموقف اللبنانيين من هذه الحرب. هي حاجة لتثبيت الهويّة التي لطالما تفاخر بها الحزب، وهي مقاومة إسرائيل، حيث لا يمكن تبرير الانكفاء خلال معركة كبرى كالتي تحصل في غزة.
2- يرى الحزب أنّ الأميركي يحاول أن يقدّم ما لا يملك، وتحديداً في ملفّ رئاسة الجمهورية. الحزب قادر وفقاً لأوساطه على تأمين ما يكفي لانتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية إن قرّر ذلك، وفي أسوأ الأحوال الحزب قادر على منع انتخاب أيّ رئيس غير سليمان فرنجية، وبالتالي المساومة على فرنجية مع الحزب تفتقر إلى شروط الحاجة والقدرة.
طابور الانتظار
مرجعية سياسية عندما سُئلت عن موافقتها على التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون لمدّة عام وما إن كان هذا التمديد هو تمديد له كمرشّح لرئاسة الجمهورية، قال: “هو تمديد للحكومة كي تُعيّن رئيساً للأركان في الجيش”.
لبنان حكومةً ومجلساً نيابياً وما بقي من مؤسّسات الدولة ليس أمامه سوى العمل على المحافظة على ما بقي من هذه المؤسّسات لتوفير ما يمكن توفيره لصمود اللبنانيين في أزماتهم المتراكمة سياسياً واقتصادياً وتربوياً، وذلك بانتظار أن ترمي حروب المنطقة بأثقالها. أمّا على صعيد انتخاب رئيس للجمهورية لنقف جميعاً في طابور الانتظار الطويل.