ما من خرقٍ في الملف الرئاسي. يفصلنا وقتٌ قصير كي يُعلَن الموت الرسمي لمبادرة تكتّل الاعتدال. اجتماع وفد التكتّل مع كتلة الوفاء للمقاومة سيكون سلبيّاً. في هذه الأثناء، تبدو العلاقة بين التيّار الوطني الحر وحزب الله أسيرة هذا الملف، أو، إن شئنا الدقّة، ضحيّته.
يسمع مجالسو النائب جبران باسيل كلاماً سلبيّاً عن العلاقة مع “الحزب”. يقارب باسيل هذه العلاقة من باب عدم مساندة “الحزب” لـ “التيّار” في عمليّة بناء الدولة. هذا في الشكل، أمّا في المضمون، الذي لا يعلن عنه باسيل، فالمقاربة ترتبط بدعم حزب الله لترشيح سليمان فرنجيّة وبتراجع شعبيّة “التيّار” في الشارع المسيحي، كثمنٍ يدفعه لتحالفه مع “الحزب”. آخر ما عبّر عنه باسيل، علناً، هو كلامه عن رفض توريط لبنان في حربٍ لا علاقة له بها. كلامٌ سُمع في حارة حريك، ولم يُردّ عليه.
يقول نائبٌ في فريق ما كان يُعرف بـ 8 آذار “إنّ حزب الله أخذ قراراً، منذ اندلاع المواجهة مع العدو الإسرائيلي في تشرين الأول الماضي، بعدم الدخول في سجالاتٍ داخليّة، وهو لم يردّ على الكلام الذي صدر عن سمير جعجع، فكيف بالحريّ على من هم ليسوا في خانة الخصوم، كباسيل”.
ويرى النائب، في مقاربته للعلاقة، أنّ جوهر الخلاف رئاسي وسياسي داخلي، يبدأ من دعم ترشيح فرنجيّة، الى المشاركة في جلسات الحكومة وما يصدر عنها، والمشاركة في جلسات مجلس النوّاب التشريعيّة، في حين أنّ موضوع غزة ليس خلافيّاً بدليل أنّ موقف باسيل لم يُعلن في تشرين الأول، حين اندلعت الحرب، بل تأخّر أكثر من خمسة أشهر”.
هناك من يفسّر موقف باسيل الأخير بالخوف من التسوية، خصوصاً أنّها قد توصل العماد جوزيف عون الى الرئاسة، انطلاقاً من الدور الذي سيؤدّيه الجيش في المرحلة المقبلة، أو قد توصل فرنجيّة إذا قرّر الأميركيّون تقديم هديّة الى “الحزب” مقابل تنازلٍ في مكانٍ آخر.
ويعتبر النائب أنّ “ما يقوم به باسيل هدفه تحسين صورته مسيحيّاً، ما يجعله نسخة تايوانيّة عن جعجع، بينما يفضّل الثنائي الشيعي عندها التعامل مع الأصلي”.
ما يعبّر عن عمق الخلاف بين باسيل و”الحزب” ما تسمعه في الغرف المغلقة، وممّن يتواصلون مع الفريقَين. تشعر بأنّ “الحزب” تعب من مطالب باسيل “الذي يريدنا أن نشتغل عنده، وإن لم نمشِ معه في خيارٍ قامت قيامته”.
وتشير المعلومات الى أنّ باسيل انزعج كثيراً من قرار تعيين رئيس للأركان في الجيش، وقد رفع من سقف كلامه عن “الحزب” بعد هذا القرار، علماً أنّه فهم من قرار التمديد لقائد الجيش رسالةً له، بشكل طعنة في الظهر، ما جعل العلاقة بين الفريقَين بعد التمديد غير ما قبله.
قد يؤدّي هذا التدهور في العلاقة الى إعادة نظر من قبل حزب الله في العلاقة مع عددٍ من الحلفاء، من طوائف مختلفة، أُهملوا، وأحياناً “ضُربوا”، إكراماً لباسيل. كما أنّ الحزب ليس بوارد العودة الى العلاقة السابقة مع باسيل، في حال عدم انتخاب فرنجيّة، بل ستكون “على القطعة”، بعيداً عن أيّ التزامات.
أمّا من جهة باسيل، فيراهن على سقوط ترشيح فرنجيّة لإعادة وصل ما انقطع، علماً أنّ متابعين لمواقف باسيل، بعيداً عن الإعلام، يؤكّدون أنّه لم يرسم بعد خارطة طريق لهذه العلاقة، وهو لم يتّخذ لا قرار الطلاق ولا غيره، بل ما يزال في مرحلة الضغط لإعادة “الحزب” الى “بيت التفاهم”، أو ما تبقّى منه.
ويبقى السؤال: هل يجد حزب الله بديلاً عن جبران باسيل يؤمّن له غطاءً، خصوصاً في الشارع المسيحي، وهل يجد باسيل بديلاً عن حزب الله يؤمّن له ما كان يؤمّنه الحزب من مكاسب سياسيّة وانتخابيّة، أم تستمرّ العلاقة، بالمفرّق، بحكم المصلحة فقط لا غير؟