الرئيسيةمقالات سياسيةبرّي إلى الرياض... على بركات بكين

برّي إلى الرياض… على بركات بكين

Published on

spot_img

بعد الإعلان في بكين عن التوصّل إلى اتفاق بين الرياض وطهران يوم الجمعة الماضي، لمعاودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين خلال شهرين من تاريخ إعلان الاتفاق، كانت لافتة الإطلالة الأولى للسفير السعودي في لبنان وليد البخاري، من عين التينة، بعد 3 أيام من الحدث.

فلماذا قرّر سفير المملكة أن يزور بداية رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل أيّ مسؤول آخر؟

بعد الإعلان في بكين عن التوصّل إلى اتفاق بين الرياض وطهران يوم الجمعة الماضي، لمعاودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين خلال شهرين من تاريخ إعلان الاتفاق، كانت لافتة الإطلالة الأولى للسفير السعودي في لبنان وليد البخاري، من عين التينة

نبوءة برّي

بكلّ تأكيد، لم تكن زيارة السفير البخاري لمقرّ الرئاسة الثانية لشرب القهوة فقط، بل لهدف محدّد. فقبل أن ينطلق الدبلوماسي السعودي في اتصالاته غداة التطوّر الصيني، أشارت المعلومات في نهاية الأسبوع إلى أنّ لقاء مرتقباً قيد التحضير بين الرئيس برّي والسفير البخاري. وقد توسّعت هذه المعلومات لتشير إلى تطوّرات مرتقبة في العلاقات بين رئيس البرلمان والرياض في فترة مقبلة لن يطول حدوثها.

لم تفُت الرئيس برّي الإشارة إلى هذه التطوّرات غداة استقباله سفير المملكة عندما صرّح قائلاً: “التواصل كان قائماً وسوف يتواصل، وقد حصل قبل هذا اللقاء لقاءات عدّة”.

بدا الرئيس برّي الشهر الماضي وكأنّه ينافس العرّافين عندما تحدّث عن العلاقات بين السعودية وإيران. ففي الكلمة التي ألقاها خلال الاحتفال بافتتاح المبنى الجديد للسفارة الإيرانية في بيروت، قال: “نتطلّع بأمل كبير بأن يكون هذا اليوم الذي ندشّن فيه مبنى جديداً للسفارة الإيرانية في بيروت بارقة أمل ليست ببعيدة، فنحتفل بعودة العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع محيطها العربي والإسلامي، وخاصة مع المملكة العربية السعودية في سياقها الطبيعي…”.

لم يطُل الوقت حتى بدا أنّ “نبوءة” برّي قد أخذت طريقها إلى الوجود ولو من الصين. وهنا سأل نقيب الصحافة الأستاذ عوني الكعكي رئيس البرلمان مباشرة: “هل كنت تعلم بأنّ هناك اتفاقاً بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية”، فأجابه فوراً: “كلا، ولكن حسب تحليلاتي وقراءتي للأمور ارتأيت أنّه لا بدّ من اجتماع بين الطرفين… وهذا هو الحلّ الوحيد لأكبر مشكلة بالنسبة للمسلمين.. باستثناء المشكلة الكبرى التي هي الاحتلال الإسرائيلي لقسم من جنوب لبنان، والاحتلال الصهيوني لفلسطين”.

الرياض- طهران

لكن ما لم يتطرّق إليه رئيس مجلس النواب هو الاتصالات التي تولّاها بتكليف منه معاونه السياسي النائب علي حسن خليل، فزار هذا الشهر مرّتين السفير البخاري. فهل كان هناك في اللقاءين ما يشير إلى تطوّر سيحدث في العلاقات بين المملكة والجمهورية الإسلامية؟

استناداً إلى المعلومات، صار متوقّعاً في أيّ لحظة أن يُعلَن عن زيارة رسمية يقوم بها الرئيس برّي للرياض ليُجري محادثات رفيعة المستوى تتناول آفاق التعاون بين بيروت والرياض

لا مبالغة في القول إنّ برّي، منذ أن دخل المعترك السياسي في ثمانينيات القرن الماضي، كان يضع كلّ رهانه على البعد العربي في معالجة الأزمة اللبنانية التي بدأت جلجلتها عام 1975. وإذا كان من أمر يشتهر به زعيم حركة “أمل” قبل أن يصبح رئيساً للبرلمان، فهو رهانه على معادلة “س. س”، أي “سوريا – السعودية”. لكن بعدما خرجت سوريا من لبنان عام 2005، ثمّ من الجامعة العربية بعد الثورة السورية عام 2011، أدخل برّي تعديلاً على هذه المعادلة فصارت “الرياض- طهران”. وهذا يعني أنّ رهانه ما زال قائماً على الدور العربي، ولو جاء من ينافسه من بلاد فارس.

يعلم الرئيس برّي علم اليقين أنّ الصراع بين طهران والرياض الذي بلغ أشدّه في حرب اليمن عام 2015 وانعكاسه على لبنان يجعلان من الرهان على معادلته الأخيرة أشبه بمن يسير في حقل ألغام، فلا يعلم متى ينفجر به لغم مدسوس بعيداً عن الأنظار. لكن وفق ما تشير إليه الأعوام الصعبة بعدما استتبّ ميزان القوى لمصلحة “حزب الله” الذي يمثّل رأس حربة النفوذ الإيراني في أربع عواصم عربية، في مقدّمها بيروت، لم يسقط الرهان على محور الرياض – طهران.

الثقب الأسود

في كتاب “الثقب الأسود” يروي الرئيس نبيه برّي لنبيل هيثم وقائع عدّة تظهر أنّ السعودية تقوم بدور توفيقي. فيقول برّي مثلاً: “قال لي السفير السعودي عبد العزيز خوجة بعد سلسلة تحرّكات في بيروت ومناطق عدّة (خصوصاً خلال أحداث 7 أيار 2008) إنّ المملكة العربية السعودية متوجّسة جداً ممّا يجري، وهي حريصة على تهدئة الأمور. وبصراحة إنّنا نعوّل على دور تلعبه أنت يا دولة الرئيس، لمعاودة الحوار بين الأطراف”. كان خوجة يؤكّد له أنّ السعودية ليست مع طرف في 14 ضدّ آخر في 8 آذار، وإنّما تسعى إلى التوفيق بين الجميع.

استناداً إلى المعلومات، صار متوقّعاً في أيّ لحظة أن يُعلَن عن زيارة رسمية يقوم بها الرئيس برّي للرياض ليُجري محادثات رفيعة المستوى تتناول آفاق التعاون بين بيروت والرياض. وهذه الزيارة ستكون غير مسبوقة منذ زمن طويل بعد التدهور الذي شهدته العلاقات الثنائية في العهد السابق وتداعيات توتّرات حرب اليمن. ووفقاً للمعلومات ستكون زيارة الرئيس برّي لعاصمة المملكة زيارة سياسية بامتياز. بمعنى أنّها لن تكون تحت عنوان زيارة دينية، خصوصاً مع اقتراب شهر رمضان، من دون تجاهل واجب أداء العمرة.

إذاً: الرئيس برّي إلى الرياض… على بركة بكين.

أحدث المقالات

باريس تعود من نافذة “الضغط قبل حزيران”

يبدو أنّ تسريب خبر قدوم الموفد الأميركي آموس هوكستين إلى بيروت، قد خرّب الاحتمال...

اللاءات الأربع للحــزب تفرمل الخماسية..

في مقابل الحراك الدولي والداخلي الناشط بكلّ الاتّجاهات، جنوباً ورئاسيّاً ونزوحاً سوريّاً، تؤكّد أوساط...

تشظية القوى المسيحية: “الحــزب” يصنع بدائل سياسية وانتخابية

لا يمكن النظر إلى “التشظي” الذي تعيشه الساحة المسيحية حالياً، باعتباره مشهداً عابراً أو...

إمتعاض على خلفية فصل بو صعب… ماذا عن موقف نواب “التكتل”؟

ليس معلوماً بعد كيف سينتهي خلاف رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ونائب رئيس...

المزيد من هذه الأخبار

“اتفاق هوكشتاين” المؤجل: من انتظار غــزة إلى انتظار إيران

لدى لبنان تجارب كثيرة وخطرة في آن، مع مسارات التفاوض في معالجة الأزمات العسكرية...

وريقة صغيرة من نتنياهو إلى بايدن: إلزاميّ واختياريّان!

لم يتصرّف نتنياهو حيال الردّ الإيراني الصاروخي، كما لو أنّ ما حصل مجرّد تمثيلية،...

لبنان ما زال في بوسطة عين الرمّانة!

مرّت ذكرى 13 نيسان. لا يزال شبح بوسطة عين الرمّانة مخيّماً على الحياة السياسيّة...

لبنان بعد الردّ الإسرائيلي على إيران؟

لا يمكن الاستسهال في التعاطي مع الردّ الإيراني على استهداف القنصلية في دمشق. بمجرّد...

الجبهة الجنوبية تحرق الـ1701: مصير اليونيفيل واليوم التالي للمعركة

كل يوم تطول فيه الحرب المندلعة في الجنوب بين حزب الله وجيش الإحتلال الإسرائيلي،...

السُّنّة وانتخابات المهندسين: رحم الله رفيق الحريري

إن كانت خسارة القوات اللبنانية في انتخابات نقابة المهندسين في طرابلس وبيروت يمكن النقاش...

حين “يسكر” جبران باسيل بالنصر

سيخضع تحالف انتخابات نقابة المهندسين الذي أعاد النبض إلى علاقة رئيس «التيار الوطني الحر»...

الحزب لباسيل: الكلمة للميدان!

لم تلقَ رسالة النائب جبران باسيل إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن أيّ ردّ...

نار الجنوب تستعر: صواريخ “الحــزب” وأنفاقه هدف إسرائيل الاستراتيجي

كل الأجواء الآتية من تحركات الجيش الإسرائيلي، ووضعية “الجبهة الداخلية” وخصوصاً الشمالية، تشير إلى...

“حــزب الله” يفصح عن معطيات جديدة في الملف الرئاسي

مصادر على صلة بحزب الله لا تستبعد اطلاقا ان يكون الثنائي الشيعي قد تلقّى...

تقارب بري – باسيل: هل تكون “المهندسين” نموذجاً لتوافق رئاسي؟

ظَهّرت نتائج انتخابات نقابة المهندسين التي انتهت إلى فوز مرشح «التيار الوطني الحر» علاقة...

“الحــزب” يغيّر تكتيكاته الهجومية.. والإسرائيليون يتجهّزون لتوسيع المعركة

يتجدد النشاط السياسي والديبلوماسي لبنانياً، بعد عطلة الأعياد. تتنوع الاهتمامات بين الداخل والخارج. حكومة...

فريدمان: إيران أخطأت.. وعلى إسرائيل ألا تحذو حذوها!

حذّر المحلل والكاتب السياسي الأميركي توماس فريدمان من “الانبهار بالطريقة التي أسقطت بها الجيوش...

حرب “الهيبة” بين إيران وإسرائيل: استباحة السماء والأرض العربية

إنها حرب “الهيبة” في الشرق الأوسط. وحرب بين المشاريع المختلفة. سرعان ما ظهر التضافر...

نامَت بيروت على حرب واستفاقت على Hiking العاقورة!

أتت استجابة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي للزلزال العسكري الذي ضرب خطّ طهران-تل أبيب متأخّرة...