هل تفرض ظروف الحرب انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان؟ يبدو السؤال خيالياً او من خارج الواقع. لكن بعض الحركة السياسية في الداخل، بالإضافة إلى بعض الإتصالات الديبلوماسية تحاول أن تفرض حلاً.
قيادة الجيش
داخلياً، برزت الحركة السياسية التي يقوم بها رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل. وهو خطوة لها أكبر من بعد.
البعد الأول هو نجاح باسيل بالمبادرة في سبيل تكوين موقف لبناني جامع يتصل بنقطتين. الأولى، تجنيب لبنان الحرب والانخراط بها. والثانية، الاستعداد لها في حال فرضها على البلد، وتشكيل موقف حاضن لحزب الله.
وبذلك ينجح باسيل في إعادة تعويم موقفه وترتيب علاقته مع الحلفاء، لا سيما حزب الله وتيار المردة.
البعد الثاني، يرتبط بالبحث عن حلّ لمسألة قيادة الجيش، خصوصاً في ظل المساعي القائمة لمنع الشغور في منصب القيادة، وهو ما تعززه أكثر التطورات الحاصلة في الجنوب. إذ أن هناك تقاطعاً لبنانياً خارجياً حول منع حلول الشغور في موقع القيادة، ولا يمكن ترك البت بهذا الأمر إلى اللحظة الأخيرة. وبما أن هذا الموقف أصبح معروفاً وواضحاً، داخلياً وخارجياً، يصبح هناك خيارات محددة، إما التمديد لقائد الجيش، وإما تعيين قائد جديد، أو تعيين رئيس للأركان سيكون من الطائفة الدرزية، فيما هناك معلومات تفيد بأن جنبلاط لا يريد لدرزي أن يقود الجيش في هذه الظروف. بعض المعلومات تقول إن باسيل يضع شرطاً أساسياً في حال وافق على التمديد لجوزيف عون، بأن يكون هناك تعهد من قبل الآخرين بعدم انتخابه رئيساً للجمهورية.
مع جنبلاط وبريّ
في ختام لقائه بجنبلاط، قال باسيل إنه لا يحبذ التمديد لقائد الجيش، ولكنه منفتح على تعيين رئيس للأركان. إلا أنه في المقابل هناك تشديد على ضرورة بقاء قائد الجيش في موقعه. أما اللقاء بمجمله، فقد تخلله بحث بكل الاحتمالات المطروحة حيال إمكانية توسيع الصراع وكيفية التعاطي مع الظروف القائمة.
وهنا كان التقاء على موقف موحد من التطورات وضرورة تكوينه وبلورته، بالإضافة إلى إمكانية الوصول لتوافق حول انتخاب رئيس للجمهورية. أما في اللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، فإن النقاش كان أيضاً مشتعباً حول تطورات الوضع في الجنوب، وفي مسألة قيادة الجيش، وحتى الانتخابات الرئاسية. يبقى لزيارة باسيل إلى بري وسليمان فرنجية رمزية إيجابية، قد لا تتصل بأن الرجل يتخذ موقفاً إيجابياً تجاه ترشيح رئيس تيار المردة، لكنه يعيد وصل الخطوط المنقطعة. فيما بعض المعطيات تقول إن برّي تمنى لباسيل أن يوفق في زيارته لسليمان فرنجية، وهو ما يفسره البعض بأن ينجح فرنجية في إقناع باسيل بالموافقة على انتخابه.
زيارة باسيل إلى فرنجية لها دلالات كثيرة، خصوصاً أن الرجل يجريها بعد اتصال حصل بينه وبين أمين عام حزب الله، السيد حسن نصرالله، والذي كان قد طلب من باسيل الموافقة على انتخاب فرنجية مقابل أن يكون هو الضمانة لكل مطالبه. في ذلك يعيد باسيل وصل ما انقطع، علماً أنه في ذكرى 13 تشرين كان واضحاً في قوله: “لا يراهن أحد على الأحداث الحاصلة في غزة أو الجنوب لفرض رئيس للجمهورية”. هنا تقول بعض مصادر التيار الوطني الحرّ، إن باسيل لا يزال يراهن على الوصول إلى تفاهم على مرشح للرئاسة غير قائد الجيش وغير فرنجية. من هنا، يدور كلام كثير حول البحث الجدي في انتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً مع تسجيل زيارة أجراها المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان الأسبوع الفائت إلى دولة قطر، حيث التقى المسؤولين هناك للبحث في تحييد لبنان عن دائرة الصراع وفي إمكانية الوصول إلى توافق حول انتخاب.