الرئيسيةمقالات سياسيةباريس: مسار فرنجية لا يُوقفه إلا تفاهم “الترويكا المارونية”!

باريس: مسار فرنجية لا يُوقفه إلا تفاهم “الترويكا المارونية”!

Published on

spot_img

هل من مُتغيرات استجدت على موقف فرنسا من أزمة الإستحقاق الرئاسي اللبناني، وما هي مقومات تصور باريس للخروج من هذه الأزمة المستعصية بعد مضي حوالي ستة أشهر على فترة الشغور في قصر بعبدا؟ شهدت نهاية الأسبوع الماضي (أيام الجمعة والسبت والأحد) في باريس سلسلة من المشاورات والاتصالات الديبلوماسية والسياسية تمحورت حول السبل الكفيلة بالخروج من أزمة الشغورالرئاسي. فقد عاد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الى باريس، يوم الجمعة الماضي، بعد أن كان غادرها إلى مدينة مونتون في الجنوب الفرنسي، حيث ألقى محاضرة في معهد العلوم السياسية، كما تابع النائب سيمون أبي رميا عضو تكتل “لبنان القوي” ورئيس مجموعة الصداقة اللبنانية – الفرنسية في مجلس النواب اللبناني اتصالاته ـ على غرار الجميل ـ مع الخلية الرئاسية المهتمة بالملف اللبناني ومع المعنيين بالملف اللبناني في وزارة الخارجية والجمعية الوطنية (البرلمان) ومجلس الشيوخ. ما هي حصيلة هذه الاتصالات والمشاورات وهل من تطورات طرأت واستجدت بالنسبة للموقف الفرنسي؟ توفرت مع بداية الأسبوع الجديد، ومن أكثر من مصدر فرنسي ولبناني، المعطيات الآتية: أولاً؛ لا تغيير ظاهراً حتى الآن بالنسبة للتصور الفرنسي للخروج من مأزق الشغور في رئاسة الجمهورية اللبنانية والقائم على صيغة الاختيار الثنائي المتلازم لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء. ثانياً؛ السير بهذا الخيار الرئاسي الثنائي قائم، كما أوضحته الخلية الرئاسية للمتصلين بها، على أساس “الواقعية السياسية” مع الأخذ في الإعتبار “موازين القوة” على الأرض في الداخل اللبناني ومع مراعاة “معادلات” الخارج وخصوصا الدول الإقليمية وأولها السعودية. فمحاولة “طمأنة” حزب الله ترافقها محاولة “طمأنة” الجانب السعودي ومن دون هذين الشرطين المتلازمين هناك صعوبة في الوصول إلى مخرج عملي ومقبول. ثالثًاً؛ فرنسا، كما تُشدّد لمحاوريها، هي “الوحيدة” التي تضع في صلب اهتماماتها الخارجية الوضع اللبناني “الغائب” عن الأولويات الإقليمية والدولية. وهذا الاهتمام نابع من تخوف جدي من تبعات الانهيار الشامل على مختلف الصعد في حال استمرار الشغور في المؤسسات الدستورية مترافقاً مع تدهور خطير في الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية. وتذهب باريس بعيداً في اعتبارها أن فرنجية ليس “المرشح الأمثل” إلا أن هذا الخيار هو الوحيد المتوفر حالياً بعد 6 أشهر من الإنتظار بات يُخشى معها من إنزلاق لبنان نحو المزيد من الانهيار. تأخذ باريس على القيادات الحزبية المسيحية عدم القدرة على الاتفاق على مرشح رئاسي واحد يمكن ان يلتقي حوله فرقاء آخرون من الاحزاب الأخرى والمجموعات المستقلة والتغييرية. وتقول باريس بصريح العبارة إن “التفاهم الماروني الثلاثي” هو الوحيد الذي يستطيع فرض نفسه على المعادلة الداخلية – الخارجية المؤيدة لخيار فرنجية رابعاً؛ اندفاعة باريس نحو السير بصيغة خيار رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية جاءت بعد صدور ما تم اعتباره “إشارة سعودية” من خلال القول إن “لا مشكلة لديها تجاه شخص فرنجية” وأن المملكة تُركّز على “المواصفات الجدية والالتزامات الإصلاحية العملية”.. ويبدو أن الرياض تُشدّد على “أن الحكم ليس على النوايا بل على الأفعال” وأن “التعامل مع المرشح ومن ثم الرئيس حتى لو كان حليفًاً وصديقاً لها محكوم بقدرته على تنفيذ ما يلتزم به”، علماً أن هذه “الإشارة السعودية” الأولى من نوعها ليست واضحة تماماً وغير كافية وينقصها تبلور موقف صريح ونهائي غير متوفر حتى الآن، وفي الوقت نفسه، تريد الرياض “التزامات صريحة مقرونة بآلية تنفيذها” من قبل المرشح و”ضمانات أكيدة” من قبل الراعي الأبرز لهذا الترشيح (أي حزب الله). خامساً؛ وعي فرنسا الكامل لحجم المعارضة في الداخل اللبناني لخيار فرنجية وفقدانه للدعم المسيحي. وهنا تُحمّل باريس قيادات الأحزاب اللبنانية الثلاثة (القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب) مسؤولية تشرذم صفوفهم وعدم قدرتهم على تجاوز خلافاتهم والتشبث بأطماعهم واحقادهم الشخصية وعدم تغليبهم المصلحة العليا لطائفتهم ووطنهم على انانيتهم ومصالحهم الضيقة. وتأخذ باريس على القيادات الحزبية المسيحية عدم القدرة على الاتفاق على مرشح رئاسي واحد يمكن أن يلتقي حوله فرقاء آخرون من الأحزاب الأخرى والمجموعات المستقلة والتغييرية. وتقول باريس بصريح العبارة إن “التفاهم الماروني الثلاثي” هو الوحيد الذي يستطيع فرض نفسه على المعادلة الداخلية – الخارجية المؤيدة لخيار فرنجية. سادساً؛ بعدما تردد أن ثمة تمايز لا بل تباين حول كيفية التعامل مع الملف اللبناني بين الخلية الرئاسية الفرنسية من جهة وممثلي “الادارة العميقة” (الدوائر الديبلوماسية والمراجع الامنية الفرنسية) من جهة أخرى، وهذا الواقع لم تنفه المصادر، وضعت باريس كلام الناطقة باسم وزارة الخارجية، يوم الخميس الماضي، رداً على سؤال صحافي في إطار “تهدئة” ردود الفعل السلبية داخل البيئة المسيحية (أجمعت كل التقارير حول شدتها وعدائيتها ضد الإدارة الفرنسية الحالية) حيال سير فرنسا بخيار فرنجية. كما كان الهدف منها تخفيف الاندفاعة الفرنسية استجابة لدعوات قيادات المعارضة المسيحية من أجل إعطائها مزيداً من الوقت للمساعي القائمة لتقريب وجهات النظر والانتقال من مرحلة الاتفاق السلبي برفض ترشيح فرنجية والنظر العملي في طرح مرشح موحد وبالتالي “الانتقال من مرحلة التنسيق إلى خيار التوحيد”. وقد وصلت إلى باريس من بيروت، في الأيام الاخيرة، معلومات تشير إلى أن اتصالات بعيدة عن الأضواء تتم بشكل غير مباشر بين قيادات الاحزاب الثلاثة ويتولاها نواب ينتمون الى هذه الأحزاب مع الرغبة في عدم اظهارها الى العلن طالما لا تقدم جديا فيها، ويبدو أنه لا نتائج عملية حتى الآن. وهنا تحدثت المعلومات عن تسجيل حالة من التململ لدى عدد من النواب الحزبيين بسبب عدم تجاوب قياداتهم مع هذه المساعي وقد يُعوّل على هذا الوضع المقربون من فرنجية لاستمالة أصواتهم وقت تدق ساعة التسوية. سابعاً؛ لم تخفِ أوساط المعارضة المسيحية عتبها الشديد على الموقف الفرنسي وقد عبّرت عنه بشكل واضح وصريح أمام ممثلي السلطات الفرنسية في باريس (الرئاسة في قصر الأليزيه ووزارة الخارجية في الكي دورسيه) كما في بيروت (أمام السفيرة الفرنسية آن غريو). وقد أوضحت المعارضة المسيحية موقفها ايضاً خلال اتصالاتها في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ وطرحت أكثر من علامة استفهام حول “دوافع” التصرف الرئاسي ملمحة إلى أن ثمة “مصالح” تحركه. وعُلم أن ممثلين عن هاتين المؤسستين سيزورون بيروت في الايام المقبلة لإجراء اتصالات ومشاورات مع الفرقاء السياسيين اللبنانيين حول هذا الموضوع. ويبدو أن هذه القيادات برغم انتقاداتها لادارة ماكرون، لتخليها عن المبادىء وتغليب المصالح عليها، تحرص على المحافظة على العلاقات التقليدية مع فرنسا وعلى إبقاء التواصل قائماً. ثامناً؛ لا يخفي مصدر متابع للملف اللبناني أن البديل المقبول داخلياً والمؤيد نيابياً وشعبياً والمرحب به خارجياً كان قائد الجيش العماد جوزف عون، إلا أن هناك عقبة داخلية كبيرة تكمن في “التقاء الضدين”، أي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار الوطني جبران باسيل، على رفض هذا الخيار ولكل منهما حساباته. أخيراً، وبرغم كل هذه الأجواء، تعتبر المصادر المعنية أنه من السابق لأوانه التنبؤ بما سيسفر عنه المخاض الحالي إذ لا شيء محسوماً حتى الآن ومن هنا واجب التحفظ والتزام الحذر. وتختم أن الأمور “قد تتسارع في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة بشكل تتوضح فيه الكثير من الأمور العالقة والمبهمة في ضوء الأجوبة المطلوبة التي سترسم ملامح التحركات المقبلة وتحدد الخيارات المطروحة”.

Source180post

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...