في لبنان، هناك سباق بين مسار التصعيد العسكري الذي يلوح به الإسرائيليون، ومسار التوصل إلى استقرار، بناء على مفاوضات تكون مرتبطة بوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
في الأيام الماضية، برزت مبادرة مصرية تسعى إلى تحقيق وقف إطلاق النار. وتنص على وقف إطلاق نار لأسبوعين مقابل إطلاق سراح جزء من الأسرى، وبعدها تجزئة عملية إطلاق سراح الرهائن والأسرى بالتزامن مع مفاوضات سياسية.
تصف مصادر متابعة، أن المبادرة المصرية تسير بجدية، وهي قابلة للتحقيق لكنها تحتاج إلى وقت. ولا يبدو لبنان بعيداً عن ذلك. إذ هو يحضر في قلب المفاوضات على قاعدة “ربط النزاع ما بين جنوب لبنان وقطاع غزة”.
خلافات إسرائيلية
تعيش إسرائيل حالة حرج كبير إزاء التعاطي مع حزب الله وعملياته في الجنوب، ومستقبل الوضع. خصوصاً في ظل الضغوط الكبيرة التي يمارسها المستوطنون على الحكومة الإسرائيلية، ومطالبتهم بشن عملية عسكرية واسعة ضد الحزب. وفي هذا السياق، تبرز مواقف إسرائيلية تصعيدية. لكنها تبقى بعيد عن الواقع، كمواقف نتنياهو أو غيره، التي تشير إلى إبعاد الحزب إلى شمال نهر الليطاني. علماً أن وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت عن استحالة ذلك، وعن ممارسة نتنياهو الخداع أمام الرأي العام والكنيست، برفع سقف المطالب المعلنة، في مقابل تقديمه سقفاً منخفضاً في المفاوضات الجدية وقناعته بالعودة إلى ما قبل 7 تشرين الأول.
وحسب المعطيات، هناك خلافات إسرائيلية حول الحرب مع حزب الله ولبنان. فرئيس الأركان وقائد القوات الجوية ووزير الدفاع يوآف غالانت، إلى جانب المتطرفين كبن غفير وسموتريتش، يعملون على الضغط في سبيل التصعيد. بينما بني غانتس ومسؤولون آخرون لا يريدون أي تصعيد، ويفضلون التماهي مع العمل الأميركي للوصول إلى اتفاق سياسي. أما نتنياهو، فيريد استمرار الحرب من دون اتساعها، أو تحويل مسار العمليات العسكرية إلى عمليات أمنية من دون إعلان وقف إطلاق النار، والبقاء في حالة الحرب للحفاظ على وجوده رئيساً للحكومة.
تقسيط الحل
بما يتعلق بالمفاوضات التي تخوضها مصر، سيكون هناك قبول اسرائيلي بتقسيط الحلّ، أي تقسيم الأسرى لدى حماس إلى مجموعات، وإطلاقهم على دفعات، مقابل تقسيم إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين. كإطلاق سراح الموقوفين ذات الأحكام المنخفضة ولا ثمن سياسياً كبيراً لهم، كدفعة أولى، مقابل إطلاق سراح حماس لكبار السن والنساء والأطفال. أما الدفعة الثانية، فيتم فيها التفريق بين نوعين، “جنود الاحتياط الإسرائيليين” وجنود الخدمة العسكرية الفعلية. في مقابل هؤلاء، تطلق اسرائيل سراح مجموعة من الفلسطينيين الذين ينتمون إلى حركة حماس وكان لديهم أنشطة سياسية وعسكرية وأمنية.
ويحاول الإسرائيليون إدخال عناصر من الذين تم إيقافهم مؤخراً في قطاع غزة ضمن هذه الصفقة. أما المرحلة الثالثة، فهي تبقى مؤجلة للبحث في إطلاق سراح الضباط والجنود الفعليين لدى حماس، مقابل إطلاق سراح أسرى ذات أهمية، كمروان البرغوثي، وأمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، والقيادي في حركة حماس عبد الله البرغوثي، بالإضافة إلى أسرى حماس من الضفة الغربية وآخرين لديهم أنشطة عسكرية فعلية ضد اسرائيل.
في موازاة المرحلة الثالثة، سيكون البحث قد تقدّم حيال تقديم تصور سياسي يتعلق بمستقبل غزّة وكيفية حكمها وإدارتها.
بعد تكريس وقف إطلاق النار في غزة، يدخل لبنان في تفاوض مفصل بما يتعلق بكيفية تطبيق القرار 1701. وهنا التفاوض يحصل وفق مسارين. المسار الأول، هو وقف المواجهات وتحقيق التهدئة. والثاني، هو المسار السياسي وفقاً للتصور الأميركي، المتعلق بالحديث عن انسحاب إسرائيل من النقاط 13 بما فيها نقطة b1، وشمال الغجر، وصولاً إلى البحث في مسألة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
هذا سيكون له مسار طويل. وحسب المعلومات، فإن أجواء إقليمية ودولية تعمل على طمأنة اللبنانيين بأن الضغوط تفضي إلى تجنب توسع الصراع إلى حرب شاملة، بل بقاء حصرها في الجنوب ووفق القواعد القائمة.