للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة، عاد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط إلى العاصمة القطرية، وسط أزمة سياسية خانقة وتوتر ميداني خطير. وإن كان المشهد يختلف عمّا كان عليه عشية إعلان الدوحة، يوم كان لبنان يعيش ما يشبه “ميني” حرب أهلية، وكانت لحظة التسوية التي أعادت انتظام البلد بعد 3 سنوات من فوضى زلزال اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
“علّمتني الحقيقة أن أرى جمال التسوية”، قالها الشهيد كمال جنبلاط وبقيت العنوان العريض لسياسة نجله طوال 40 عاماً من العمل السياسي. ولا زالت هي البوصلة في تموضعه السياسي بحثاً عن حلول للأزمات التي يعيشها البلد، وفي مقدمتها رئاسة الجمهورية.
البحث عن التسوية، قاد جنبلاط إلى قطر بعد أسابيع من لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، حيث قدّم رؤيته السياسية على المستويين الإقليمي والمحلي، منطلقاً من القاعدة الذهبية بأن لا سبيل للخروج من الأزمة إلا بالحديث في ما بيننا كلبنانيين. وكان سبق وقالها منذ أيام في لقاء حواري: “في عز الحرب كنا نذهب إلى بكفيا ونتحدث مع أمين الجميل، اليوم ما حدا بدّو يحكي مع حدا”.
كشف أمين سر كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن الذي رافق جنبلاط إلى قطر، إلى جانب رئيس “التقدمي” النائب تيمور جنبلاط، في حديث لموقع mtv، تفاصيل الزيارة، مشيراً إلى أنه “كانت هناك جولة أفق حول الملف الداخلي اللبناني ودور قطر الفعّال من ضمن اللجنة الخماسية”، مضيفاً “كان هناك تلاق على النظرة بأن طبيعة لبنان وتوازناته والظروف لا تسمح بمشروع غلبة، بل يجب أن يكون هناك توافق، والتوافق يقتضي أن نتحدث مع بعضنا البعض”.
وأكد أبو الحسن أن “التواصل سيستمر مع الجانب القطري تأكيداً على دوره الأساسي والمحوري مع اللجنة الخماسية”. ونوّه بالدور القطري المقدّر بالوقوف إلى جانب لبنان لاسيما بعد حرب تموز ٢٠٠٦ وفي استضافتها لمؤتمر الدوحة عام ٢٠٠٨ ولا زالت تبذل الجهود مع أصدقاء لبنان لإحداث خرق في جدار الاستعصاء الرئاسي.
وعمّا إذا طرح القطريون مع جنبلاط أي أسماء رئاسية أو مواصفات للرئيس المقبل، لفت أبو الحسن إلى أنه “لم ندخل في الأسماء، إنما تحدثنا بمبدأ الحوار والتوافق كي نواجه المرحلة المقبلة بحدّ مقبول من التضامن”.
وفي تقييمه للزيارة، قال: “الزيارة جيدة جداً، وقد حصلت بناء على دعوة رسمية وُجهت لجنبلاط، وكان هناك لقاء مهم جداً مع رئيس مجلس الوزراء القطري ووزير الخارجية معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، كما كان هناك اللقاء مع الجالية اللبنانية ومع مسؤولين قطريين آخرين “. وأشار أبو الحسن الى أن “الزيارة مستمرة وفق برنامج غني باللقاءات المهمة”.
وبالإضافة إلى الملف اللبناني، أشار أبو الحسن إلى أن “البحث دار حول أوضاع غزة وفلسطين المحتلة والجنوب اللبناني. وكان هناك تقدير للموقف القطري وللدور الذي تقوم به قطر تجاه القضية الفلسطينية ومحاولات وقف اطلاق النار في غزة، وهذا موقف مقدّر ومشكور”.
حراك إيجابي جديد يضاف إلى مساعي خرق جدار الأزمة وصولاً إلى انتخاب رئيس، وإن كانت المؤشرات لا تشي بقرب ساعة التسوية المربوطة للأسف، من قبل البعض، على توقيت غزة. وإلى ذلك الحين، وبينما البلد يتخبّط بالفوضى والأزمات، رسالة ووصية لافتة من جنبلاط لأبناء الجالية اللبنانية في قطر: “اتركوا السياسة وخلافاتها جانباً، تنعّموا بخيرات هذا البلد واحترموا القانون، وكونوا عائلة لبنانية واحدة”.