انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ السفارة الأميركية في عوكر في ظلّ حدثين بارزين: استنفار لبناني رسميّ-أمنيّ على أعلى المستويات في ملفّ النازحين تُوّج بمطلب أمين عام الحزب فتح البحر للسوريين باتّجاه أوروبا من دون تبنّيه من جانب مجلس النواب، وتعقُّد المشهد الغزّيّ من خلال توغّل الجيش الإسرائيلي أكثر في عمق مدينة رفح جنوب القطاع وإحكام الأمين العامّ للحزب الربط بين جبهتَي غزة والجنوب، شاهراً سيف الانتصار في حرب “الإسناد“.
كلّ الوساطات فشلت
لم تَنفع كلّ الوساطات الدولية حتى الآن في إعادة الاستقرار إلى الحدود اللبنانية-الإسرائيلية مع تساقط الاقتراحات الأمنيّة الآتية من خلف البحار واحداً تلو الآخر، وإحجام المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكستين عن زيارة لبنان قبل إقرار هدنة غزة من دون أن يجد التنسيق الأميركي-الفرنسي المُعلن ترجمةً ملموسةً حتى الآن على أرض الواقع. المؤشّر الوحيد اللافت هي حركة الزوّار اللبنانيين للدوحة التي يزورها النائب السابق وليد جنبلاط يوم الأحد المقبل والتي ستشهد زيارات لمسؤولين آخرين تباعاً.
تقول مصادر سياسية لـ “أساس”: “يأتي انعقاد اجتماع اللجنة الخماسية في عوكر في سياق مداورة بدت وكأنّها أشبه بعدوى انتقلت من اللبنانيين إلى ممثّلي عواصم القرار لجهة تثبيت “ميثاقية” عقد الاجتماعات بين سفراء الدول المعنيّة في سياق الطمأنة المتبادلة إلى أن لا هيمنة لطرف دولي على آخر. هكذا بدأت اللقاءات من دارة السفير السعودي ثمّ الفرنسي فالقطري فالمصري فالأميركي الذي يتصرّف على أساس أنّه الطرف صاحب قدرة الحسم الأكبر على خطّ غزة-جنوب لبنان”.
تقول مصادر سياسية لـ “أساس”: يأتي انعقاد اجتماع الخماسية في عوكر في سياق مداورة بدت وكأنّها أشبه بعدوى انتقلت من اللبنانيين إلى ممثّلي عواصم القرار
تضيف المصادر: “لا يمكن الحديث هنا عن أيّ تطوّر فعليّ أملى لقاء السفراء في مقرّ السفارة الأميركية باستثناء تثبيت دورية الجلسات وتأكيد استمرار وساطة اللجنة الخماسية وإبقاء الملفّ الرئاسي مشتعلاً تحت نار خفيفة بانتظار تسوية غزة والرهان على خروقات في التموضعات الداخلية، مع تسليم دول القرار بأنّه قبل حرب غزة كان الملفّ الرئاسي مُكربجاً بالكامل لمدّة نحو عام في ظلّ الفيتوات المتبادلة حول أسماء المرشّحين. وهذه عقدة قائمة بحدّ ذاتها زادتها “شربكة” انخراط الحزب الكامل بالحرب وفرضه شروطاً على الداخل اللبناني والخارج أهمّها عدم القبول بمفاتحته بالملفّ الرئاسي قبل إسكات آلة الحرب في القطاع بعكس موقف الحزب المُعلَن على لسان بعض قياداته بانفصال الملفّين. أمّا عندما يحين أوان الكلام فالحزب لن يتردّد في رفع شارة انتصاره في حرب إسناد غزة، ولذلك مفاعيله الرئاسية الحتمية”.
الخماسية
ما مصير مبادرة الاعتدال؟
المفارقة هنا أنّه بعد تأكيد الرئيس السابق ميشال عون والنائب جبران باسيل استحالة كسب الحزب لحرب غزة، وهي المواقف التي زادت التباعد بين حليفَي الأمس، كان لافتاً قول باسيل يوم الثلاثاء خلال اجتماع المجلس السياسي في التيار الوطني الحر إنّ “الحزب لن يخرج مهزوماً من المعركة، ورئيس الجمهورية لن يُنتَخب رغماً عن إرادته”.
في المقابل، أكّد باسيل أنّ “محرّكات الرئاسة مطفأة تماماً. واشنطن وباريس والرياض وكلّ الدول المعنية سلّمت بأن لا رئاسة قبل انتهاء حرب غزة التي تنام على هدنة وتستفيق على معركة. بالتالي، معركتنا الأولى اليوم هي مواجهة النزوح السوري”.
لكن ماذا عن مصير مبادرة كتلة الاعتدال؟ يقول نائب الكتلة أحمد الخير لـ “أساس”: “هناك تواصل يومي مع كلّ الأفرقاء، والمبادرة مستمرّة بفعل إرادة الكتلة وقرارها بوضع مصلحة لبنان فوق كلّ المصالح العابرة، والمسؤوليات الوطنية ملقاة على عاتق الجميع”، مؤكّداً أنّها “تتكامل مع مساعي اللجنة الخماسية وتكاد تكون المخرج الوحيد للولوج نحو انتخاب رئيس في حال توافرت الظروف الإقليمية والدولية”.