الرئيسيةمقالات سياسيةإيران... من بدأ المأساة ينهيها!

إيران… من بدأ المأساة ينهيها!

Published on

spot_img

الجميع بانتظار ما ستقدمه إيران من أفعال وإجراءات تنفذ على أرض الواقع تتناسب مع التحول في الخطاب الإيراني، مثلاً كوقف الهجوم الكلامي على المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى والتحريض على الأنظمة فيها.

ترجمة الاتفاقية التي وقّعت تحت رعاية صينية تحتاج إلى أرضية مشتركة لمفهوم أمن المنطقة، كما تحتاج أيضاً إلى أن يكبح جماح التيار الديني المتشدد ضمن النظام الإيراني، الذي يخالف في أحيان كثيرة حتى تعليمات خامنئي ورجاله، فلا يخفى على أحد الخلاف الجاري بين تيار يريد «للدولة» أن تقوى، وتيار يصر على بقاء «الثورة»، حتى وإن كان على حساب الدولة. وهذان التياران يتصارعان من أجل تفسير الاتفاقية، كل منهما وفقاً لمفهومه.

فهل من الممكن أن يمتلك النظام الإيراني القدرة على كبح جماح المتشددين من داخله والذين يعارضون توجهه الأخير؟

هل يمكن الوصول إلى مفهوم أمني مشترك بيننا وبين النظام في إيران، ويقدم ضمانات لضفتي الخليج العربي؟

وماذا عن الملفات الأربعة (لبنان وسوريا واليمن والعراق)، فهي امتحان لإيران ومدى صدقيتها ولإبداء حسن النوايا والنظر إلى مستقبل آمن للمنطقة تكون فيه أول المستفيدين، بخاصة شعبها الذي يعاني من سياسة نظامه الذي يبدي اهتماماً بمشروعه التوسعي على حساب رفاهية شعبه. هذه الملفات الأربعة لم يكسب الشعب الإيراني من ورائها أي مكاسب تعود بالنفع عليه، كما لم يهنأ النظام الإيراني بمكاسبه الجيوسياسية فيه.

ومنذ توقيع الاتفاقية سارت الأمور على ما يرام خطابياً، بدءاً من خطابات خامنئي التي ركزت على فوائد الاتفاقية مع السعودية، إذ دعت إلى عدم مهاجمتها، ومروراً بتصريحات جميع المسؤولين الإيرانيين التي سارت باتجاه تقديم الوعود الطيبة والآمال المرجوة والفوائد التي ستعود على أبناء المنطقة، وأيضاً بتصريحات الأذرع الإيرانية في المنطقة، ومنها زعيم «حزب الله» حسن نصر الله الذي هدّأ من لهجته المعادية للسعودية وكذلك فعل الحوثي. فالأمور تسير وفق ما يتمنى المرء، إلا أن الأمر إلى الآن لم يتعدَّ المساحة الخطابية.

فردة فعل إيران على التقارب السعودي – السوري كانت تسير في عكس الاتجاه، فنشاط التيار المتشدد في النظام الإيراني هو الذي يبرز إلى السطح على حساب التيار الذي عقد الاتفاقية مع السعودية، وملامح نشاط التيار المتشدد ظهرت في إقالة شمخاني مهندس الاتفاق مع السعودية أولاً، ومن ثم بروز تسريب الفاتورة الإيرانية إلى سوريا، والتي تشير إلى صعوبة تخلي إيران عن مشروعها في المنطقة، ولحقت كل هذه الأمور زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا لتعيد ضبط الأمور لصالح الوجود الإيراني هناك.

إن التسريب المتعمد للفواتير التي تشير إلى التكلفة في سوريا ليس عبثاً أو عن غير قصد، بل لتنبيه الجميع بأنه ليس من السهل أن تخرج إيران من سوريا بعد هذه التكاليف الباهظة.

مهددات الوجود الإيراني في سوريا على المملكة العربية السعودية لا تقتصر على الانفلات الأمني على الحدود، بل تمتد إلى تجارة الكابتاغون التي أسست لها سلطات ومنظومات تجري عملياتها تحت الحماية الإيرانية.

التخلي عن هذه «المكاسب» التي يتمتع بها أفراد من «الحرس الثوري» الإيراني لن يكون سهلاً من دون أن يحسم الخلاف في الداخل الإيراني أولاً.

أما نشاط التيار المتشدد المحموم في العراق فيبرز في فشل حكومة السوداني إلى الآن في السيطرة على هيئة الحشد الشعبي في مناطق كالأنبار، والتي تقاد من قبل «الحرس الثوري» الإيراني. وإن انتقلنا إلى اليمن فما زالت شحنات الأسلحة تضبط وهي في طريقها للحوثي الذي يتعنت أكثر في المفاوضات.

الخلاصة أنه حتى اللحظة لم نتفق مع إيران على أرضية مشتركة حول أمن المنطقة وأمن الدول على ضفتي الخليج، كما لم تحسم معركة الداخل الإيراني، وهي معركة من شأنها تهديد ونسف الاتفاق برمته.

الهدوء على الساحة الخطابية جيد من أجل منح إيران فرصة لتحديد موقفها من الاتفاقية، وجوهرها هو مصلحة شعوب المنطقة ورفاهيتها وازدهار التنمية فيها.

أحدث المقالات

قرار مجلس الأمن إنذار أميركي أول لإسرائيل؟

تثبت مجريات الأحداث من غزة إلى جنوب لبنان، واستمرار الاعتداءات الاسرائيلية، كأنّ قرار مجلس...

هل يُسلّم البيطار ملفّه لمدّعي عام التمييز؟

من موقعه القضائي كرئيس لمحكمة التمييز الجزائية كان القاضي جمال الحجّار يتابع مراحل التحقيقات...

“الاشتباك” الأميركي الإسرائيلي: نتنياهو يهدد المنطقة

قراءات متناقضة يمكن تسجيلها في السلوك الأميركي لحظة قرار مجلس الأمن الدولي الداعي لوقف...

The Masterpiece

All angels in heaven made a design . They asked god to keep it an...

المزيد من هذه الأخبار

“المجلة” تنشر نص “اتفاق باريس” بين إسرائيل و”حماس”… تحويل الهدنة إلى حل سياسي من ثلاث مراحل

تكثف دول كبرى وإقليمية، جهودها لتحويل مجموعة من الأفكار إلى خطة عمل بمراحل محددة...

بداية حل الأزمة المصرفية توصيفها

التوقّف عند أرقام الخسارة والفجوة الماليّة، والعودة بالتاريخ إلى الوراء في محاولة لإعطاء حياة...

بكركي تملأ الفراغ المسيحيّ بطاولة مستديرة ووثيقة سياسيّة

مع صعوبة عقد طاولة حوار للقيادات المسيحية في بكركي كما اقترح رئيس التيار الوطني...

باسيل المهمّش والمهشم (1) إنعاش “المارونية السياسية” لتعويم نفسه مسيحياً

منذ انتهاء ولاية العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية اللبنانية في 31 تشرين الأول 2022،...

البطريرك الراعي: الرئيس لا يُنتَخَب في صالون المجلس

مجرّد صدور الدعوة إلى تلاقي القيادات المسيحية في بكركي “حماية للوجود المسيحي والشراكة المتناصفة...

اللجنة الخماسية: خارطة طريق السفراء

يقول سفراء اللجنة الخماسية المعنيّة بالملفّ اللبناني إنّهم يعملون على رسم ملامح خريطة طريق...

مداراة غربية لطهران.. لا تفاهمات نووية قبل الإنتخابات الأمريكية

لا أحد يملك جواباً حاسماً حول مآل المفاوضات الأميركية الإيرانية في سلطنة عُمان، في...

ما بين نيويورك والدوحة: رفح وبيروت تنتظران “لحظات حرجة”!

ما بين أروقة الأمم المتحدة وقطر اكثر من جديد متوقع، وابرزه يقود الى مشروع...

الدولة الفلسطينية إنقاذ أم خديعة؟

مثل مفاجأة الحرب، جاءت مفاجأة الدولتين. كلّ العالم يريد وقف النار، والمساعدات، والعمل على...

“طاولة برّي” لن تنعقد والراعي لن يُلَبّي نداء باسيل!

لا أحد قادر حتى الآن على تقدير “الكلفة” العسكرية والبشرية والسياسية لإبقاء “جبهة المساندة”...

“بورصة” الحرب الإقليمية يتلاعب بها الجموح الإسرائيلي و”الدهاء” الإيراني

لا خيار إلا تشبيه مسار الحرب على غزة، وانعكاسها على الساحة اللبنانية، بـ”البورصة” أو...

جواب ديبلوماسي على المبادرة الفرنسية لم يخرج عن “المبدئية”

لا يمكن المقارنة بين تأثير الورقة الفرنسية التي تقدمت بها فرنسا إلى لبنان والمتعلقة...

حكومة محمد مصطفى في فلسطين: إدارة الحرب… أو الحلّ؟

قبل أن يعهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى محمد مصطفى تشكيل حكومة، كان يصعب...

الحــزب: عون غيّر رأيه.. ولم نَعِد باسيل بشيء

هل يمكن لأيّ تسوية رئاسية أو سياسية مقبلة أن تأتي فوق ركام علاقة التحالف...

اللحظة المناسبة لـ”الحــزب” والمعارضة: تسوية تقطع طريق الحرب الإسرائيلية

يقول التقرير الذي نشرته وكالة “رويترز”، عن اللقاء بين أمين عام حزب الله، السيد...