تعود الحركة السياسية اليوم مع انتهاء العطلة الرسمية لمناسبة عيد الفطر، وتعود الى صدارة الاهتمام والمتابعة القضايا المعيشية والخدماتية والمالية.
ويترقّب مطار رفيق الحريري الدولي، اليوم الثلثاء، وصول الدفعة الأولى من عشرات اللبنانيين الذين تمّ إجلاؤهم من مناطق الصراع في السودان، آتين من مدينة جدّة السعودية، التي باتوا فيها ليلتهم بعدما وصلوها على متن سفينة تابعة للبحرية الملكية السعودية، انطلقت بهم من مدينة بورسودان.
وقد توجّه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالشكر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهد المملكة الامير محمد بن سلمان على الرعاية الخاصة التي أحاطت بها المملكة الرعايا اللبنانيين في السودان، الذين تم اجلاؤهم .وحيا جهود وزارتي الخارجية والدفاع في المملكة، وكل من ساهم في اجلاء اللبنانيين وعودتهم بسلام.
وقال : لقد كانت المملكة العربية السعودية ولا تزال خير عضد وسند للبنان واللبنانيين في كل الظروف والاوقات. وإن الشعب اللبناني بكل اطيافه، يتطلع الى مبادلة المملكة بالمحبة عربون تقدير ووفاء.
في المقابل، لا يبدو المشهد الداخلي مقبلا على متغيرات جدية ووشيكة في مسار الازمة الرئاسية على رغم الترددات التي تثيرها المواقف للافرقاء السياسيين من كل الاتجاهات . واذا كانت الأيام الأخيرة شهدت سخونة ملحوظة على خلفية التباينات العميقة حيال الموقف الفرنسي الداعم لترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية فان كثرا من المراقبين الديبلوماسيين والمعنيين بمراقبة مجريات الازمة الرئاسية لفتوا الى برودة واضحة تحكم مواقف الدول الأخرى من دول المجموعة الخماسية التي تتولى التنسيق في ما بينها حيال الازمة اللبنانية وان هذه الدول اذ تقف مراقبة ومتريثة في الاقدام على اطلاق أي موقف او تحرك انما تعكس عدم استعجال اتخاذ أي خطوة او موقف جديد قبل اكتمال ضرورات الانخراط مجددا في الواقع اللبناني .
وبحسب جريدة” النهار” فقد انحسرت التوقعات المتسرعة في هذا السياق حول انعقاد اجتماع جديد للقاء الخماسي للدول المعنية أي فرنسا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر بما يثبت ان تلك التوقعات كانت من مصادر لبنانية وليست من مصادر ثابتة للدول الخمس وهو امر لا يعني شيئا الا ان الساحة الداخلية تتفاعل الان بدفع من تبادل الحملات السياسية والدعائية في انتظار تبين جديد ما على المستوى الخارجي المعني بلبنان.
وكتبت” الديار”: قالت مصادر مواكبة لتطورات الملف الرئاسي ان «بيان وزارة الخارجية الفرنسية الاخير، الذي اعلنت فيه باريس ان لا مرشح لديها لرئاسة الجمهورية في لبنان، هو كخطوة الى الوراء بعدما تبين لها ان هناك عوائق خارجية ابرزها اميركية اضافة الى عوائق داخلية كثيرة، ابرزها موقف الكتلتين المسيحيتين الاساسيتين اي «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» الرافضتين لفرنجية، تعيق وصول المبادرة الى خواتيم سعيدة». واضافت المصادر في حديث لـ «الديار»: «لكن ذلك لا يعني ان فرنسا تخلت عن مبادرتها. هي باختصار تنتظر ظروفا افضل لتفعيلها، وبخاصة انها تدرك تماما نتيجة علاقاتها واطلاعها عن كثب على الملف اللبناني ان لا مجال لاحداث اي خرق في جدار الازمة بمعزل عن موقف حزب الله الذي انتقل الى موقع التشدد، وهو يرفض حتى التداول بأسماء مرشحين آخرين».
واشارت المصادر الى ان «ابرز عامل دفعها الى فرملة جهودها هو الموقف القواتي المتشدد، باعتبار ان التعويل كان على ان يؤمن نواب «الجمهورية القوية» نصاب جلسة انتخاب فرنجية في ظل الموقف العوني النهائي الرافض لانتخابه، لكن التصريحات القواتية المتتالية وآخرها موقف رئيس «القوات» سمير جعجع كلها تؤكد ان طريق فرنجية ليس سالكا، خاصة بعدما رفضت معراب عروضا كأن يكون حاكم مصرف لبنان محسوبا مباشرة عليها واقتراح اسم الوزير السابق كميل ابو سليمان». وقالت المصادر: « التوارنات النيابية الحالية لا تسمح بانتخاب فرنجية اذا لم تؤمن «الجمهورية القوية» او ««لبنان القوي» نصاب الجلسة».
وقالت مصادر مطلعة على موقف الحزب لـ «الديار» ان «الوضع غير مطمئن، ورفض الفريق الآخر سياسة اليد الممدودة يعني انهم يريدون المواجهة». واضافت: « بات واضحا تماما في الاقليم كما في الداخل ان هناك من يريد ويعمل من اجل التلاقي والوفاق والنهوض بأوطاننا، وبالمقابل هناك من يريد الفتنة والتخريب والتقسيم، علما انه الفريق الاضعف وسيدفع ثمن رهاناته الخاطئة عاجلا او آجلا».
وكتبت” الشرق الاوسط”: ربط بعض المصادر بين تصعيد ««حزب الله» والمواقف التي أطلقها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي أكد في إطلالته الإعلامية الأخيرة، تمسكه، مع قوى المعارضة الأخرى، بتعطيل نصاب جلسة تؤدي لانتخاب فرنجية، حتى إنه ذهب بعيداً بالقول إن «الأزمة الحالية دفعتنا للبحث في تركيبة النظام»، معتبراً أن «علينا التوقف عند كل ما حصل لنصل إلى حقيقة واضحة (هي) أن هذه التركيبة (مش ظابطة) وعلينا البحث بها»، في إشارة إلى أن تركيبة النظام الحالية غير صحيحة. وتساءل: «لماذا لا يمكننا الذهاب إلى تركيبة مشابهة لبلجيكا مثلاً؟ المطلوب هو أبعد من لا مركزية إدارية، وعلينا البحث جميعاً بالتركيبة الجديدة».
وقال رئيس المجلس التنفيذي في ««حزب الله»، هاشم صفي الدين، أمس، إن ««لبنان يمر اليوم في مرحلة خطيرة جداً، وهو ليس مأزوماً فقط، وإنما ينتقل الآن من مرحلة التأزّم إلى مرحلة الفوضى العارمة؛ لأن ما بين التأزّم والفوضى هناك التخبط، وهذا ما يعيشه لبنان الآن، حيث نرى أن هناك انفراطاً عملياً للوزارات، والمؤسسات الحكومية ليست قادرة وعاجزة، والموظف الحكومي لا يستطيع أن يؤمن من خلال راتبه أدنى مقومات العيش… هناك انفراط قضائي ودستوري، وخلافات طاحنة على أقل الأمور، فضلاً عن تراكم الخلافات والنقاشات العقيمة».
ورأى صفي الدين أنه «إذا لم يسارع بعض اللبنانيين إلى ما يُعرض عليهم الآن، فسيأتي الوقت الآتي وهم غير قادرين على أن يحصلوا حتى على العرض الذي يُعرض عليهم اليوم، وبالتالي على هؤلاء أن يستعجلوا اغتنام هذه الفرصة، فالتأخير ليس لمصلحتهم على الإطلاق؛ لأنهم فاقدو أوراق القوة التي يدّعون ويتخيلون أنهم يمتلكونها، ولكن في الحقيقة هم لا يمتلكونها»، معتبراً أن «ما يحصل في المنطقة يدل بشكل واضح على أن الأمور تتبدل وتتغيّر، وكل هذه التبدلات لا تأتي صدفة، فهذا نتاج التعب والسهر والدم والعطاء».