طُرحت في لبنان تساؤلات كثيرة حول أسباب تغييبه عن الاجتماع الخماسي الذي عقد في العاصمة الأردنية، عمان، وبحث في ملف تطوير العلاقات مع دمشق، وفي مسألة إعادة اللاجئين السوريين.
إجابات كثيرة تأتي رداً على هذا السؤال، من بينها استمرار الشغور الرئاسي وعدم الاتفاق بين اللبنانيين على وضع خطة واضحة لإعادة اللاجئين. كما أن لبنان لم يخطُ أي خطوات جدية لترتيب علاقاته مع الدول العربية. لكن الأكيد أن ملف اللاجئين السوريين والعلاقات المتطورة مع دمشق لا بد لها أن تنعكس على الساحة اللبنانية. ومن بين الإشارات الديبلوماسية التي ترد للمسؤولين اللبنانيين، بأنهم في حال أرادوا العمل بجدية على معالجة ملف اللاجئين، لا بد لهم من تسريع وتيرة إنجاز الانتخابات الرئاسية واختيار رئيس الحكومة، وتشكيل الحكومة التي ستكون مهمتها وضع خطة لمعالجة هذا الملف ومواكبة التحركات العربية.
المواكبة الأميركية
لم يكن اجتماع عمّان، بعيداً عن المواكبة الأميركية، وفق ما تقول مصادر متابعة. وهنا تعيد المصادر التذكير بما كانت قد نشرته “المدن” قبل فترة، عن مفاوضات مباشرة بين النظام السوري والأميركيين في سلطنة عمان. وتضيف المصادر المتابعة أن هذه المفاوضات حصلت على أكثر من مرحلة، ولم تكن فقط بين وفود مخابراتية أو أمنية، بل على مستويات متعددة، بينها البيت الأبيض ووزارة الخارجية أيضاً.
المواكبة الأميركية لاجتماع عمّان ظهرت بوضوح من خلال بعض البنود المرتبطة بمسألة تهريب المخدرات وبمسألة الحل السياسي وفق القرار الدولي 2254. وتقول المصادر المتابعة إن مسألة ذكر القرار الدولي في البيان الختامي وبحضور وزير الخارجية السوري فيصل المقداد لم يكن بالأمر السهل أو البسيط، على الرغم من تشكيك الكثيرين بالتزام النظام السوري بغالبية هذه البنود التي وضعت.
امتحان نظام الأسد
في كل الأحوال، فإن الأردن والذي نجح في تحصيل خطة للعمل على بدء إعادة اللاجئين، سيكون الامتحان الأساسي لتطوير العلاقة مع دمشق، خصوصاً بعد موافقة النظام السوري على إعادة ألف لاجئ في المرحلة الأولى، على أن يتم العمل على إعادة الآلاف لاحقاً في مراحل ثانية وثالثة.
وحسب ما تقول المعلومات، فإنه بناء على أول دفعة من العائدين إلى مناطقهم، وتوفير الضمانات الأمنية لهم، يفترض حصول الأردن على مبالغ مالية من دول الخليج، ولا سيما من السعودية، من أجل تمويل إعمار هذه المناطق التي سيعود إليها اللاجئون لتوفير مساكن لهم تحت إشرافه. وهذا سيكون الاختبار الأساسي.
المزيد من الضغوط
إلى جانب كل هذه التطورات، لا يبدو لبنان بعيداً عن الاهتمام الدولي، ولا سيما الأميركي، الذي يظهر في نقطتين. النقطة الأولى، البيان الصادر عن الخارجية الأميركية حول ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية قادر على جمع اللبنانيين وتنفيذ الإصلاحات، ويكون متحرراً من الفساد. والنقطة الثانية من خلال تحرك السفيرة الأميركية دوروثي شيا ولقاءاتها مع غالبية المسؤولين، لا سيما مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي. وحسب المعلومات، فإن السفيرة الأميركية تحث على ضرورة إنجاز الانتخابات الرئاسية سريعاً، كما أنه لا يغيب عن اهتماماتها العمل على إعادة أعداد من اللاجئين السوريين من لبنان، ووفق أي معيار.
يمكن لهذه التطورات، أن تشكل مدخلاً لممارسة المزيد من الضغوط الخارجية والداخلية على القوى السياسية في سبيل الوصول إلى تفاهمات رئاسية، أو بالحد الأدنى للوصول إلى مرحلة يتم فيها الاتفاق على مرشح قادر على تحصيل الـ65 صوتاً، ويمكن أن يحصل حوله تقاطع بين الأطراف المتناقضة.
هنا تكرر مصادر متابعة إلى أن الحركة ستتسارع في المرحلة المقبلة في سبيل تحقيق ذلك. أما بحال عدم الاتفاق بين القوى المعارضة، فإن الدول التي تريد الانتهاء من الشغور الرئاسي قد تعود لتعتبر أن ترشيح فرنجية هو الخيار الأكثر واقعية.