الرئيسيةمقالات سياسيةواشنطن أمسكت المسار اللبناني.. مالياً وحدودياً ورئاسياً؟

واشنطن أمسكت المسار اللبناني.. مالياً وحدودياً ورئاسياً؟

Published on

spot_img

يُتداول في الكواليس السياسية اللبنانية، أن ما دفع المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي، آموس هوكشتاين، لزيارة لبنان، هو إشارات لبنانية متعددة، ولا سيما من قبل الثنائي الشيعي، حول الاستعداد للتفاوض الجديّ في سبيل إنجاز عملية “إظهار الحدود” البرية.
وحسب ما يتناول المسؤولون، لم يكن لهوكشتاين أن يزور لبنان لو لم يكن قد تلقى أجواء واضحة حول هذا الأمر. ما يدفع الكثيرين إلى استذكار مرحلة الترسيم البحرّي، وكيف تم تسريب أجواء على لسان مسؤولين بأن الاتفاق على إنجازه قد حصل قبل الإعلان عنه وتوقيعه بفترة، فيما كان يحتاج إلى توفير ظروف الإخراج ولوازم اكتمال الصفقة.

التوتر الخارجي
وفق المعيار اللبناني، لا يمكن إنجاز “إظهار الحدود” وتثبيتها وضمان الإستقرار على طرفيها، إلا في مقابل عقد تسوية أو صفقة. في مثل هذه الحالات، تلجأ الولايات المتحدة الأميركية عادة إلى ممارسة المزيد من الضغوط المتنوعة، لتثبيت ما تسعى إليه. وجزء من هذه الضغوط بدأ يتمظهر. إذ بدأت تلاويحها في التحشيدات العسكرية في الخليج، ونشر المزيد من القوات العسكرية في العراق، وعلى الحدود السورية العراقية. كل ذلك كان يحصل على وقع مفاوضات مستمرة في سلطنة عمان بين واشنطن وطهران، وتوتر في العلاقات الأميركية الفرنسية على خلفية أحداث النيجر، وتوتر في العلاقات السعودية الفرنسية على خلفية ملف “الأثيوبيين” على الحدود السعودية.
أي توتر خارجي بين أطراف الخماسية، لا بد له أن ينعكس في لبنان. وهو في الأساس كان قائماً على الاختلاف في المقاربات وفي وجهات النظر. لا سيما أن باريس تتهم واشنطن ومنذ العام 2020 وإطلاق المبادرة الفرنسية بأنها تعمل على منع نجاحها، بدءاً من العقوبات التي فرضت على مسؤولين لبنانيين غداة إطلاق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمبادرته. علماً أن العقوبات الأميركية جاءت في ظل صمت أميركي ومراقبة، وعلى وقع تهديدات فرنسية بفرض عقوبات على المعرقلين، ولا تزال التهديدات الفرنسية هي نفسها اليوم، من دون أي إجراء عملاني.

ثلاثة ملفات
يثبت ذلك، أن لا تأثير فعلياً لباريس على الساحة اللبنانية، وأن واشنطن هي صاحبة الحلّ والربط. أما الرهان على الوصول إلى صيغة اتفاق أو تسوية، فلا بد أن تكون مرتبطة بأي ملف يعني واشنطن استراتيجياً. ما تهتم به الولايات المتحدة الأميركية في لبنان واضح. أولاً، ضبط الوضع المالية وحركة تنقل الأموال. وثانياً، تكريس الاستقرار في الجنوب. وثالثاً، أن يكون الترسيم البحري والبري لاحقاً عناصر تثبيت الاستقرار، على قاعدة الاستثمار بالنفط والغاز. ثلاثة ملفات، ترتبط مباشرة بحزب الله ومن خلفه إيران.
فالملف المالي، أصبح في عهدة وسيم منصوري، المحسوب بشكل أو بآخر على الثنائي. وهو ينتهج سياسة واضحة في رفض إقراض الدولة، أي أنه اعتمد طريقة مختلفة عن طريقة إدارة الحاكم السابق رياض سلامة. وهذا من شأنه أن يشكل عنصر ضغط كبير على واقع الدولة ككل والقوى السياسية، ما يفترض أن يدفعها للذهاب إلى عقد تسوية. أما ملف الاستقرار الحدودي، فله مدخل واحد وهو حزب الله، ما سيفرض حاجة واقعية لتفاهم غير مباشر أو تقاطع مع الأميركيين. إذ طوال السنوات الفائتة لم تنجح المحاولات لعقد “صفقة”، تنتج تسوية سياسية في لبنان بين الأميركيين والحزب، فيما الرهانات تدور مجدداً حول ملف إنجاز الترسيم البرّي.

انحسار الدور الفرنسي
في مثل هذه الحالات، لا تتخلى واشنطن عن سلاح التصعيد أو التهديد، وإن وصلت الأمور إلى حدود التلويح بمعركة عسكرية، لطالما خبر اللبنانيون ما يشببها أثناء فترة البحث باتفاق حول الترسيم البحري. ولطالما ظنّ كثر أن الحرب على الأبواب. حالياً، يمكن للمشهد أن يتكرر، إما بالتصعيد السياسي، أو التحشيد العسكري، أو الضغط المالي. في مقابل هذه الضغوط، جاءت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى الحوار لسبعة أيام، تليها جلسات متتالية لانتخاب الرئيس. وهذه ترجمة أولى لزيارة هوكشتاين، فيما ذهب المعارضون إلى تفسيرها بأنها تأتي تحت ضغط التهديد بالعقوبات، واعتبارها غير جدّية. وما إن أطلق برّي دعوته حتى تكاثرت التحليلات، إذا ما قصد عقد جلسات مفتوحة أي استمرار الجلسة بما يتيح انتخاب الرئيس بخمسة وستين صوتاً، أم عقد كل يوم جلسة ترفع بعد انعقاد الدورة الأولى؟ فيما هناك من يعتبر أنه في كلا الحالتين فإن نصاب الـ86 سيبقى مفتقداً بحال عدم الوصول إلى تسوية أو توافق.
في ظل كل ما تقدّم، لا بد من النظر إلى خط سير التفاوض الحدودي الذي يفترض بهوكشتاين أن يطلقه، علماً أن انعكاس ذلك على الملفات الداخلية وخصوصاً الانتخابات الرئاسية، لن يكون محصوراً بالدور الأميركي. هنا لا بد من النظر إلى مسارات السعودية، قطر وإيران. هذا كله سيقود إلى انحسار الدور الفرنسي، وسط معلومات تفيد بأن لودريان قد أجل زيارته إلى لبنان الى نهاية شهر أيلول، وتحديداً إلى ما بعد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي سيعقد على هامشها اجتماعاً لممثلين عن الدول الخمس. ويفترض أن يصدر بيان واضح في الوجهة التي ستملى على اللبنانيين.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...