يلتقي سفراء اللجنة الخماسية الرئيس نبيه برّي مجدّداً بداية الأسبوع المقبل لوضعه في حصيلة اللقاءات مع القوى السياسية. بعد ذلك، لا “برمة” جديدة لممثّلي واشنطن وباريس والرياض والدوحة والقاهرة على الأفرقاء اللبنانيين، بل مزيد من ضخّ الأجواء الإيجابية استعداداً لضوء أخضر لم يصدر بعد بحلحلة العقدة الرئاسية. في المقابل، حراك أنشط لنوّاب “تكتّل الاعتدال” باقتراحات منقّحة لتسهيل التقاء القوى السياسية على حوار برئاسة برّي.
الفريق الباسيليّ يحتفل
احتفى الفريق الباسيليّ بمشاركة السفير السعودي وليد البخاري في لقاء “الخماسية” مع النائب جبران باسيل وغيابه عن لقاء بنشعي مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية كـ “إنجاز” ستترتّب عليه نتائج سياسية في الملفّ الرئاسي. وكاد الترويج للحدث أن يتجاوز “الانتصار” في نقابة المهندسين الذي يقرّ “التيار الوطني الحر” بأنّه لم يكن ليحصل لولا أصوات مهندسي “الثنائي الشيعي”، مع “تربيح جميلة” لحركة أمل والحزب بأنّ “للتيّار فضلاً أكبر على الثنائي بتجنيبه فوز المرشّح المدعوم من القوّات بول جعارة”.
عمليّاً، سعى الباسيليون إلى الاستثمار سريعاً في لقاء البيّاضة الذي “وثّق” جلوس السفير البخاري إلى يمين باسيل ليس فقط عبر التأكيد أنّ مشاركة الأخير في اللقاء أتت بعد مسارٍ شهد ترطيباً للعلاقة الثنائية، بل في محاولة للإيحاء بوضع السعوديين فيتو على فرنجية الذي لم يحظَ بزيارة ردّ إجر من البخاري بعد قيام رئيس تيار المردة بزيارته في 12 أيار الماضي في منزله.
في هذا السياق تقول مصادر مطّلعة لـ “أساس” إنّه “في تلك الزيارة التي أتت بناءً على دعوة إلى فطور صباحي وسبقت القمّة العربية في جدّة في 19 أيار الماضي التي دعا إليها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الرئيس السوري بشار الأسد، سَمِع فرنجيّة بوضوح من مضيفه عدم وجود فيتو سعودي على شخصه، وعدم وجود فيتو على أيّ مرشّح آخر، لكنّ الرياض تأمل وتسعى إلى انتخاب رئيس جديد في أقرب وقت ممكن”.
سَمِع فرنجيّة بوضوح من مضيفه عدم وجود فيتو سعودي على شخصه، وعدم وجود فيتو على أيّ مرشّح آخر
بتأكيد المصادر، هو موقف سعودي لم يتغيّر خلال عام، ويتشابه مع الموقف الأميركي الذي يقوم على أساس معادلة: “لا فيتو على أيّ اسم، ونشجّع على الحوار، وسنتعامل مع أيّ رئيس منتخب متوافق عليه لبنانيّاً، مع تفضيل الخيار الثالث لأنّه يقلّل من فرص وصول شخصية محسوبة على محور بكامله”.
هنا تفيد معلومات “أساس” بأنّ فرنجيّة أُعلِم لاحقاً، بعد انتهاء لقاء البيّاضة، بالسبب الصحّي الذي مَنع البخاري من المشاركة في وفد الخماسية، مع تأكيد عدم وجود أيّ مانع سياسي كان يحول دون وجوده في بنشعي. وتتردّد معلومات عن احتمال قيام البخاري قريباً بزيارة فرنجية.
بمطلق الأحوال، طغت الشكليّات في لقاءات سفراء اللجنة الخماسية على المضمون. وذلك على الأرجح لعدم وجود أيّ تقدّم يُذكر على مستوى إعادة تحريك التموضعات “الحديدية” لأفرقاء الداخل، خصوصاً لناحية عدم تخلّي الثنائي الشيعي عن تبنّي ترشيح فرنجية مع وجود 27 نائباً شيعياً يؤيّده، ورفض باسيل وسمير جعجع القاطع للمشاركة في جلسة قد تتوِّجه رئيساً.
الطبّاخ المصريّ الماهر
الأهمّ هو طغيان لغة النار والحديد في الجنوب والبقاع على أيّ مسعى داخلي أو خارجي لإرساء التسوية، ودخول النزاع الإيراني-الإسرائيلي، مع كلّ متفرّعاته، على خطّ تسخين المناخات الإقليمية المانعة في المدى القريب لكسر حالة المراوحة الرئاسية، وفوق ذلك أثقال الانهيار المحتمل لمفاوضات الهدنة بين إسرائيل و”حماس” وتنفيذ تل أبيب تهديدها باجتياح رفح.
تفيد معلومات “أساس” بأنّ فرنجيّة أُعلِم لاحقاً، بعد انتهاء لقاء البيّاضة بالسبب الصحّي الذي مَنع البخاري من المشاركة في وفد الخماسية
هنا، تسجّل مصادر سياسية للسفير المصري قدرته على ابتداع مفردات وسياقات تبقي نار “الطبخة الرئاسية” شغّالة على الرغم من خلوّ الطنجرة من مكوّناتها، وتُعاكِس التصلّب الذي لا تزال تبديه بعض القوى السياسية حيال آليّة الحوار وسلّة الترشيحات والربط القائم بين “جبهة” الجنوب و”جبهة” انتخاب الرئيس في ساحة النجمة.
أمّا على خطّ “تكتّل الاعتدال”، وبعدما طالب باسيل صراحة بضمانات خطّية بالذهاب إلى جلسة انتخاب الرئيس كشرط للمشاركة في الحوار، ووسط تصلّب مسيحي رافض للحوار برئاسة برّي، يحاول نواب “الاعتدال” استنباط خيارات جديدة تسهّل “ابتلاع” المعارضين لالتئام طاولة الحوار قبل جلسات الانتخاب عبر اللعب على الشكليّات، بحيث لا تكون هناك دعوة صريحة من الرئيس نبيه برّي للمتحاورين من أجل الالتقاء على غرار الدعوات السابقة، لكن من دون التنازل عن رئاسة برّي للحوار.