الرئيسيةمقالات سياسيةنقاش لبناني مع حماس الفلسطينية..

نقاش لبناني مع حماس الفلسطينية..

Published on

spot_img

لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، قاعدة صحيحة لا جدال فيها في زمن المواجهة والتحدّيات. لكنّ الصحيح أيضاً أن لا عمل ولا قرار يشوّه صورة المعركة ومسارها.
قال النبي محمد (ص): “أُنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً”. قيل يا رسول الله: “كيف أنصره ظالماً؟”، قال: “تحجزه عن الظلم فذلك نصرك إيّاه”.
ثلاث نقاط تؤكّد أنّ قرار حركة حماس إطلاق طلائع “طوفان الأقصى” في المخيّمات الفلسطينية على الأراضي اللبنانية خطأ فادح يلامس مستوى الخطيئة لأنّه قرار فتنة ثلاثي الأبعاد:
1- فتنة فلسطينية لبنانية: يشكّل الإعلان تعدّياً سافراً على السيادة اللبنانية ومشروع فتنة بين اللبنانيين والفلسطينيين، وإن بُرّر القرار ببيان يعطي الطابع الشعبوي لا السياسي له. أيّ قرار يحتاج إلى تبرير هو قرار ناقص الصوابية والمصداقية.
2- فتنة فلسطينية – فلسطينية: يشكّل القرار مشروع فتنة فلسطينية فلسطينية داخل المخيّمات في لبنان وداخل كلّ بيت وعائلة فلسطينيَّين، ولا شيء يخدم العدوّ الصهيوني في المعركة أكثر من الفتنة الداخلية في صفوف الشعب الفلسطيني ومعركة عين الحلوة الأخيرة خير مثال.

لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، قاعدة صحيحة لا جدال فيها في زمن المواجهة والتحدّيات. لكنّ الصحيح أيضاً أن لا عمل ولا قرار يؤذي صوت المعركة ويشوّه صورتها ومسارها
3- فتنة عالمية: غزّة ومعها القضية الفلسطينية تحظى بتعاطف وتأييد واسعين في كلّ الساحات الدولية، وأيّ تأطير لهذا التأييد مهما كان اسمه طلائع أو سرايا أو ما شابه ذلك يؤسّس لانقسام هذا التأييد الشامل.. هو اعتقال له واحتجازه في مجموعة ضيّقة مهما اتّسعت وكبرت.

لبنان والقضيّة الفلسطينيّة
سدّد لبنان على مدى 70 عاماً فاتورته كاملة وأكثر تجاه فلسطين وقضيّتها. خاض معها كلّ الحروب والمواجهات، واحتلّ الإسرائيلي عاصمته بيروت عام 1982، وما تخلّى وما صرف نظره عن فلسطين وشعبها، ووقف أهل بيروت على الرغم من الدمار والحصار مودّعين مقاتلي منظمة التحرير عند كلّ شارع ومفترق طريق، رافعين معهم شارة النصر والوعد القريب باللقاء في فلسطين.
جريمة كبرى أن نحمّل لبنان وشعبه مجدّداً فواتير سقطت بمرور الزمن وتجاوزها التاريخ، بخاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها لبنان بأمنه واستقراره واقتصاده ووحدة أراضيه. لم يعد لبنان ساحة للاستعراض الفلسطيني، ولا صندوق بريد يُستعمل عند الحاجة وفي لحظة الضيق. لبنان هو منصّة للتأييد في الإعلام والإغاثة، وصوت صارخ نصرةً لفلسطين. لا يستحقّ لبنان من الشعب الفلسطيني فتنة جديدة تأكل الأخضر واليابس وتشوّه المسار إلى ساحة القدس الشريف.

لا تُغرقوا الجبل بالطوفان
إنّ فلسطين وقضيّتها حصدتا تأييد الجميع وتعاطفهم وحرقتهم على مآسي شعب غزة المسكين. بات العلم الفلسطيني تلوّح به سواعد الشباب في كلّ عواصم العالم صارخين ومطلقين النشيد بكلّ اللغات واللهجات، لا يمنعهم عن ذلك قرار حكومي أو حشد لقوات مكافحة الشغب مهما كان هذا الحشد كبيراً. جريمة كبرى أن نفكّك هذه الجموع ونفرّقها من أجل مجموعات أو تشكيلات لا تسمن ولا تغني عن هذا التعاطف الثمين.

عندما جاء الطوفان لجأ النبي نوح عليه السلام بأمر من ربّه إلى الجبل كي ينجو مع ناسه من هول ما يحصل، فاجعلوا مخيّمات لبنان ذاك الجبل، ولا تُدخلوا إليها الطوفان كي لا يغرق الجميع
لا تضيّعوا دماء شعبكم التي أُهرقت على يد السفّاح الكبير ولا تسمحوا أن تذهب أرزاقه التي هدمت وأحرقت في قرارات عشوائية لا تعني شيئاً في قاموس النضال العظيم. لا تضيّعوا دموعنا الضعيفة ولا دعاءنا الكبير.
جبهة المواجهة في غزة ومخيّم الشاطئ ورام الله ورفح وشارع صلاح الدين. جبهة المواجهة ليست في عيتا الشعب ولا في مارون الراس ولا في كفرشوبا وشبعا ورميش، فكلّ ما يحصل هناك لا يغيّر بمسار المواجهة. بل هو هدر للطاقات وللشباب ولزيتون رغيف الفقراء المساكين.
الجبهة ليس لها أيّ طريق إلا الطرق التي تقع في فلسطين. فهناك في فلسطين تكتسب المعركة شرعيّتها وعالميّتها وإنسانيّتها ومظلوميّتها. وكلّ ما دون ذلك في أزقّة المخيّمات خارج الحدود ذنب كبير.
عندما جاء الطوفان لجأ النبي نوح عليه السلام بأمر من ربّه إلى الجبل كي ينجو مع ناسه من هول ما يحصل، فاجعلوا مخيّمات لبنان ذاك الجبل، ولا تُدخلوا إليها الطوفان كي لا يغرق الجميع.

فلسطين ليست بحاجة إلى طلائع ولا إلى سرايا ولا إلى جبهات غبّ الطلب ولا إلى مراهقات تشبه مراهقات زمن تكاثر المسائيل (المسؤولين). فلسطين بحاجة إلى مثل ذاك النشيد الذي تجمّع الإعلاميون في خان يونس ينشدونه على الرغم من غارات طائرات الصهيوني الكريه صارخين منشدين: “سوف نبقى هنا كي يزول الألم، سوف نحيا هنا سوف يحلو النغم….”. لا تجعلوهم وتجعلونا معهم نغادر قناعاتنا لأنّنا عاهدنا ربّنا أن نبقى عليها كما عاهدنا الله أن ينصرنا إن كنّا من الصادقين.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...