الرئيسيةمقالات سياسيةنصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

Published on

spot_img

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل أن تشمل سوريا وكل المنطقة. لطالما تحدث أمين عام الحزب عن تغيير وجه المنطقة بعد معركة طوفان الأقصى. ولطالما تحدث عن تغيّر كل الوقائع في سوريا. وبطبيعة الحال، فإن التغيّرين سيكون لهما انعكاسات على لبنان. فوق كل الخسائر والدمار، استبق نصرالله مجدداً كل النتائج، معلناً انتصار المحور في هذه الحرب، بما ستفرزه من وقائع على جبهة الجنوب وما سيليها من اتفاق، وعلى الداخل اللبناني. الأمر نفسه ينطبق على سوريا أيضاً. ولكن المدخل لذلك هو ملف اللاجئين السوريين.

صوت سوريا في بروكسل
على الرغم من حياد سوريا في معركة طوفان الأقصى، والذي برره نصرالله بالضغوط والحرب الكونية التي تعرضت لها، فيما آخرون يفسرونه بأنه في سياق التوازن السوري في المواقف بين العرب والغرب من جهة، وإيران من جهة أخرى.. إلا أن أمين عام حزب الله ذكر سوريا من ضمن الدول المساندة، وبوصفها في محور الممانعة. ويأتي ذلك في ظل الكثير من المحاولات العربية والخليجية لتطبيع العلاقات مع دمشق، والانتقال إلى مرحلة جديدة معها. في هذا المجال برز نصرالله وكأنه يمارس ضغوطاً على القوى الدولية، ولا سيما على الأوروبيين في سبيل إعادة تطبيع العلاقات مع دمشق من ملف اللاجئين.
لا ينفصل هذا الموقف عن التحرك السوري باتجاه الخارجية اللبنانية، وإرسال رسالة احتجاج على المشاركة في مؤتمر بروكسل، الذي يشكل منصة للهجوم على سوريا. فرد لبنان برسالة أنه سيكون صوت سوريا في المؤتمر. وسيوجه دعوة إلى الدول الأوروبية لإعادة التنسيق مع الدولة السورية، بالإضافة إلى تخفيض تمثيل الوفد اللبناني بإحجام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن المشاركة في المؤتمر، وإيكال رئاسة الوفد إلى وزير الخارجية عبد الله بوحبيب، الذي التقى بنظيره السوري فيصل المقداد في البحرين قبيل انعقاد القمة العربية.
لا يمكن أن تنفصل المواقف اللبنانية والسورية عن بعضها البعض.

الضغط على أوروبا
في هذا الوقت، تأتي دعوة نصرالله إلى فتح البحر أمام اللاجئين وإغراق أوروبا بهم. علماً أن السياق الواقعي يشير ربما إلى أن حزب الله، وفي حال أراد إعادة اللاجئين إلى سوريا، وبنفوذه وعلاقته وتأثيره على النظام السوري، بإمكانه أن يفعل ذلك. وهو ما سيكون أسهل من خيار إغراق أوروبا باللاجئين، لدفعها إلى العودة إلى لبنان وتقديم العروض السياسية أو المالية بما يفوق مبلغ المليار يورو بكثير. لكن الأكيد ان المراد تحقيقه من ذلك هو مجموعة أهداف سياسية.
تبدأ هذه الأهداف من الانتظار الإيراني والحزب لمسار الحرب على غزة، والرهان على ممارسة ضغوط أميركية على الإسرائيليين لإيقافها، كي ينسحب وقف النار على الحدود الجنوبية للبنان، وبعدها ينفتح مسار سياسي جديد. هذا يشير إلى أن حزب الله يمارس الضغوط على الأوروبيين لاستدراجهم إلى الملعب اللبناني والسوري مجدداً، من خلال فتح مسار مباشر لإعادة التواصل والتنسيق مع دمشق، وجعل الدولة اللبنانية تتبنى موقفاً رسمياً يدعو الأوروبيين أيضاً للحديث مع النظام السوري، وتقديم المساعدات للاجئين في سوريا، في سياق إعادة تعويمه.

التطبيع مع الغرب!
تبدو هذه السياسة المعتمدة من قبل حزب الله، هي وجهة نظر مقابلة لوجهة النظر العربية. ومفادها أنه لا يمكن التأثير والفعالية على الساحة اللبنانية إلا انطلاقاً من الساحة السورية. وترتكز على التأثير والنفوذ في سوريا. موقف نصر الله التصعيدي، يهدف إلى استدعاء الأوروبيين إلى التفاوض معه ومع سوريا، وأن أي اتفاق بخصوص اللاجئين لا بد أن يحصل معه، باعتباره الطرف الأقوى. أيضاً، محاولات الحزب لفرض تطبيع الدول الغربية مع النظام السوري، يريد من خلالها القول لدمشق إن ضغوطه هي التي تدفع أوروبا لتعويمه سياسياً، وإن مدخله إلى تطبيع العلاقات مع الغرب يكون بقوة تحالفه مع إيران والحزب، وليس مع العرب.

سياسة الحزب تجاه سوريا واللاجئين لها أبعاد أخرى تتصل بمقاربة حزب الله للواقع اللبناني. فمن خلال الجبهة المفتوحة في الجنوب، دفع الأميركيين والأوروبيين إلى التفاوض معه، من أجل التهدئة في الجنوب. كذلك هو يطمح إلى إجبارهم على التفاوض معه حول ملف اللاجئين. فإذا تم كل هذا، يكرس الحزب واقعاً سياسياً يشبه تماماً الآلية التي اعتمدتها دمشق أيام وصايتها على لبنان، أي تثبيته مرجعاً وحكماً ومقرراً، ينسج التفاهمات أو حتى التحالفات مع قوى متناقضة، ويخلق تشظيات سنّية ومسيحية، يضبطها ويرسم حدودها كيفما شاء.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...

عوكر «تحيي» الخماسية بعد مخاوف من شلّها او تفكّكها!

فوجئت الأوساط السياسية والديبلوماسية بالدعوة الاميركية لسفراء المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية الى اجتماع...