الرئيسيةمقالات سياسيةمكمن “ماليّ” نصبته امرأة… تفاصيلُ جريمةٍ ببصمات “الموساد”!

مكمن “ماليّ” نصبته امرأة… تفاصيلُ جريمةٍ ببصمات “الموساد”!

Published on

spot_img

أكد مصدر أمني لبناني أن ملف اغتيال الصرّاف محمد سرور يأتي في سياق الجرائم السياسية المنظّمة، ويشكل خرقاً للأمن اللبناني من جانب «الموساد»، في إشارة مباشرة إلى ضلوع الجهاز الإسرائيلي في تصفيته جسدياً، في استنتاج من التحقيقات التي تتولاها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بإشراف القضاء اللبناني المختص.

فاغتيال سرور يصنّف، بحسب المصدر الأمني، في خانة الجريمة المنظمة بامتياز، ولا يمكن التعامل معها على أنها واحدة من حوادث السلب، ما دام أن من يقف خلفها أبقى المبلغ المالي الذي كان بحوزته، وقدره 6 آلاف دولار، وعمد إلى نشر الأوراق النقدية فوق جثته التي وُجدت لحظة العثور عليها منتفخة ومتحللة، ووُضعت إلى جانبها الأدوات الجرمية التي استُخدمت لاغتياله مع خلوّها من البصمات؛ كونها وُضعت في وعاء مملوء بالمياه، وهي عبارة عن مسدسين من نوع «غلوك» وقفازات واثنين من كواتم الصوت.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن رحلة البحث عن سرور من جانب شعبة المعلومات بدأت فور تلقي المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي برقية من أحد المخافر تُعلمها فيها بأن ذوي سرور تقدّموا بشكوى تتعلق بانقطاع التواصل معه منذ مساء الخميس 4 نيسان؛ أي مع حلول موعد الإفطار، بخلاف ما كان أبلغ عائلته به أنه سيحضر ليشاركهم تناول الإفطار.

وبادر رئيس الجهاز العميد خالد حمود، فور تلقيه نبأ انقطاع سرور عن التواصل مع عائلته إلى تكليف الفريق الفني في الشعبة بتحليل داتا الاتصالات الخاصة به سواء تلك التي أجراها شخصياً، أو تلقاها إلى حين إقفال هاتفه الجوال. وأدى المسح الفني لداتا الاتصالات الخاصة به إلى تحديد المنطقة الجغرافية التي يُفترض، كما يقول المصدر الأمني، أن يكون قد وصل إليها قبل أن يقفل هاتفه الجوال ويغيب عن السمع، وتبين من خلال تحليل الفريق الفني لداتا الاتصالات الخاصة به أن بلدة بيت مري الواقعة في المتن الشمالي كانت محطته الأخيرة.

وأكد المصدر نفسه أن شعبة المعلومات أجرت مسحاً أمنياً شاملاً لبلدة بيت مري وجوارها، ما مكّنها باستعانتها بكاميرات المراقبة الموجودة في المنطقة من تحديد المكان الذي دخله سرور قبل أن ينقطع عن التواصل مع عائلته، وهو عبارة عن فيللا، وعثرت بداخلها على جثته مصابة بـ10 طلقات نارية من العيار نفسه توزّعت على قدمه وكتفه ويده وصدره، وكانت منتفخة ومتحللة، ما يصعّب التأكد من تعرضه للتعذيب من دون العودة إلى الطبيب الشرعي الذي استُعين به، بحسب الأصول، لعله يتوصل إلى تحديد الوقت الذي فارق فيه الحياة، وما إذا كان اغتياله تم بالتزامن مع إقفال هاتفه الجوال بعد إخضاعه إلى التحقيق للحصول منه على ما لديه من معلومات تتعلق بأسماء الذين يتعامل معهم في تحويله للأموال.

وكشف المصدر الأمني أن سرور استخدم دراجته النارية للوصول إلى الفيللا التي وُجد مقتولاً فيها، وقال إن فريق التحقيق في شعبة المعلومات استمع إلى أقوال صاحب الفيللا الذي أفاد بأنه تم حجزها بواسطة شركة في الخارج عبر الإنترنت، وأن شخصاً قصده لاحقاً وأبلغه بأنه يود استئجارها لمدة سنة لقاء بدل مالي قدره 50 ألف دولار، وهذا ما حصل.

وأكد أن الشخص الذي استأجرها عرّف عن اسمه الثلاثي، وأنه لبناني ومن عائلة لبنانية معروفة، واستبعد أن يكون لصاحب الفيللا علاقة باغتيال سرور أو ضلوعه في التحضير لاغتياله، بخلاف من تولى استئجارها، والذي يبدو أنه انتحل اسماً غير اسمه الحقيقي، وهذا ما ينسحب أيضاً على الشركة التي تولّت حجز الفيللا، ويبدو أنها مجهولة.

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن فرع التحقيق في الشعبة استمع إلى أقوال عدد من أفراد أسرته، ومن بينهم ابن شقيقه الذي أفاد بأنه سبق أن رافق عمه إلى الفيللا على متن دراجته النارية بعد أن تحادث عمه مع سيدة لبنانية تحت اسم «ز-ح» وطلبت منه تحويل مبلغ 14 ألف دولار من العراق، وأن سرور بحكم عمله سحب المبلغ وتوجه برفقة ابن شقيقه الذي فوجئ بأنها تسلمت المبلغ منه من وراء النافذة؛ كون المغدور لم يكن بمفرده، وبعد أيام طلبت منه تحويل مبلغ 4 آلاف دولار، وهذه المرة توجه بمفرده في رحلته الثانية إلى بيت مري ليفاجأ لدى دخوله الفيللا بكمين نصبته له السيدة، كما عُرف لاحقاً، ومعها من نفذ الجريمة، والذين يبدو أنهم أخضعوه إلى تحقيق لمعرفة أسماء الأشخاص وهوية الجهات التي يتعامل معها في الخارج في تحويله للأموال، ليبادروا بعدها إلى تصفيته تاركين أدوات الجريمة من الأسلحة في حمام المنزل تحت المياه لمحو البصمات.

وفي هذا الصدد، يرجح المصدر الأمني أن تكون الجريمة منظّمة بامتياز، وأن من نفّذها أصر على أن تكون بصماته واضحة على اغتياله، بالمفهوم السياسي للكلمة، لتوجيه رسالة بالدم من خلاله إلى الجهات التي يتعامل معها في تحويله للأموال، وهذا ما يدعو للترقب منذ الآن لرصد ما يمكن أن يترتّب على تصفيته من مضاعفات تستهدف من يتولى إدارة الجانب المالي لدى حركتي «حماس» و «الجهاد الإسلامي».

ويؤكد المصدر أن بصمات «الموساد» الإسرائيلي واضحة ولا مجال للشك، متوقعاً أن يكون قد تم ترحيل الفريق اللوجستي الذي تولى التحضير للجريمة إلى خارج البلاد، أسوة بما يحصل في غالب الأحيان في جرائم مماثلة.

فسرور لا ينتمي، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، إلى «حزب الله» وإن كان يدور في فلكه السياسي، وإلا لكان أعلمه بما يقوم به لجهة تعاطيه مع السيدة التي يبدو أنها انتحلت اسماً غير اسمها وأوقعته في كمين سياسي «مالي» أودى بحياته.

لذلك تتحرك شعبة المعلومات في ملاحقتها للذين نفذوا اغتيال سرور على عدة خطوط، أولها معرفة ما سيتوصل إليه الطبيب الشرعي في تحديده التقريبي للوقت الذي فارق فيه الحياة، وما إذا كان تعرّض لتعذيب سبق إطلاق النار عليه، وثانيها إجراء مسح أمني شامل يبدأ من تدقيقها حركة المغادرة والدخول من وإلى مطار رفيق الحريري الدولي، في حين تستمر في تحليلها لحركة الاتصالات التي جرت بين سرور ومنفذي الجريمة الذين أقفلوا هواتفهم التي استُخدمت جميعها في وقت واحد.

فالتدقيق من جانب «المعلومات» في حركة المسافرين جواً بدأ فور اكتشافها الجريمة، وهي أخضعت جوازات السفر إلى تحليل ودراسة معمقة في محاولة لوضع اليد على الأمكنة التي وفد منها إلى لبنان كل من تدور حوله الشبهة في اغتياله.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...