الرئيسيةمقالات سياسيةمعركة غزة: أرباح أميركا و”الحزب” وإيران

معركة غزة: أرباح أميركا و”الحزب” وإيران

Published on

spot_img

تشير الحركة المكوكية التي تقوم بها الديبلوماسية الأميركية، إلى أن واشنطن تريد إثبات أنها اللاعب الأكبر في المنطقة، وأنها ضابط الإيقاع السياسي والعسكري. هناك أسباب كثيرة وعديدة لإرسال واشنطن لحاملات الطائرات وإعادة الاستعراض العسكري. وهذا لا يرتبط فقط بحرب اسرائيل مع قطاع غزة، إنما يتسق ضمن إعادة التموضع في المسرح العالمي، في ظل ما برز سابقاً من طموحات روسية وصينية في المنطقة.
تعود أميركا بذلك إلى المنطقة، ويتعزز التحرك المكوكي بين اسرائيل والدول العربية الأخرى في محاولة لتجنب تطور الصراع وتوسعه. ولذلك يبدو واضحاً لدى الأميركيين ما يوجهونه من نصائح لاسرائيل بتجنب الخوض في صراع مع حزب الله. يتوازى ذلك مع حجم رسائل التحذير والتهديدات التي ترسلها واشنطن إلى الحزب عبر جهات متعددة، حول ضرورة تجنب الانخراط في حرب موسعة.

ربح إسرئيلي بلا معركة
تأتي الحركة الأميركية بعد الإكثار من الحديث عن الانسحاب من المنطقة، فيما عادت عسكرياً عبر حاملات الطائرات، أو سياسياً وديبلوماسياً. جولات وزير الخارجية الأميركي تعني أن الأميركيين يريدون توفير الربح لإسرائيل بشكل أو بآخر، في مقابل تجنيب حصول معركة كبرى قابلة لأن تتوسع في المنطقة. ربح من دون معركة كبرى داخل قطاع غزة تؤدي إلى تهجير المدنيين من هناك. ومن الواضح أن حزب الله لن يتدخل إلا في حالة بروز قدرة لدى إسرائيل على كسر حماس عسكرياً، وهذا لا يبدو ظاهراً حتى الآن.
جولة بايدن في الشرق الأوسط خلال هذا الأسبوع، هدفها ترسيخ التفاهمات الموضوعية، والتي ترتكز على أربعة عناوين. الأول، هو عدم تظهير أي هزيمة لإسرائيل. الثاني، عدم جعل الهجوم على غزة سبباً في تأجيج حرب إقليمية. الثالث، يتعلق بعدم التراجع عن التفاهمات المرتبطة بالتطبيع بين دول عربية واسرائيل. أما الرابع، فهو عدم ترك ملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مجمداً، وتحريكه. خصوصاً ان هناك قناعة أميركية حول عدم إمكانية استمرار اسرائيل بالتعاطي مع القضية الفلسطينية وفق المسار السابق.

ربح حزب الله..
لذلك، فإن فرضيات الحرب من لبنان تتراجع بشكل يومي، مقابل تكريس مبدأ قواعد الاشتباك والضربات المدروسة. وهذا سيعني كسب حزب الله لمعركة وتحقيق الأرباح من دون تحمل التكاليف الكبرى، ومن دون حصول عمليات تهجير من الجنوب، وتجنب أي تدمير قد يقدم عليه الإسرائيلي.
ثمة نقطة لا يمكن إغفالها، وهي التوازن الإيراني الأميركي نوعاً ما في المنطقة، والذي يبرز من خلال جولة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في موازاة جولة وزير الخارجية الأميركي. وهذه قاعدة كانت مكرسة سابقاً أيضاً. إذ أن أي زيارة يجريها مسؤول أميركي إلى لبنان أو المنطقة، كان يقابلها زيارة لمسؤول إيراني.

الربح الإيراني
أما البحث في تداعيات هذه المعركة وما بعدها، فيُظهر نقاط أساسية، أبرزها أن التواصل الأميركي الإيراني يبقى قائماً ويتغلب على كل الأزمات والتوترات. وبالتالي، هذا دليل على تواصله ومتانته. فيما تكسب إيران بتظهير الدور السنّي في الصراع كمنحاز لـ”الممانعة”، سواءً بالموقف العربي الرافض للتهجير، أو من خلال عمليات المقاومة التي قامت بها حركة حماس، وهي مقاومة سنّية وليست شيعية، وصولاً إلى دخول حماس والجهاد الإسلامي على خط ضرب إسرائيل من لبنان. كما أن حزب الله يشن عملياته ضد مواقع اسرائيلية انطلاقاً من بلدات سنّية تحديداً. وذلك لا ينفصل عن الموقف السنّي الذي ظهر في اجتماع دار الفتوى، أو في التظاهرات التي شهدتها المناطق اللبنانية من صيدا إلى بيروت وطرابلس بعد صلاة الجمعة.
تثبت إيران قدرتها على عرقلة مسار التطبيع في المنطقة، وأنها شريك أساسي في قراراتها، وهو ما يتبدى بجولة عبد اللهيان على الدول العربية. أما في الداخل الفلسطيني، فإن ذلك سيكون له نتيجة أساسية في النهاية، وهي أن أي حل أو اتفاق أو توزان ردع ورعب، سيعني أن إيران مع حلفائها هم القادرون على التأثير في رفع معادلة القضية وشعارها والسيطرة عليها.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...