الرئيسيةمقالات سياسيةمعارضو “الحــزب” والحرب: حل الدولتين في فلسطين ولبنان أيضاً

معارضو “الحــزب” والحرب: حل الدولتين في فلسطين ولبنان أيضاً

Published on

spot_img

في العام 1969 وقعت اتفاقية القاهرة بين الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وقائد الجيش اللبناني إميل البستاني. الأساس في الاتفاقية كان السماح للمقاومة الفلسطينية بشن عمليات عسكرية ضد اسرائيل انطلاقاً من لبنان، أي شرعنة العمل العسكري المسلح. وكانت الفكرة جعل جنوب لبنان منصة للعمليات أو ساحة للصراع المفتوح مع إسرائيل. لكن الصراع اتسع وتمدد وأخذ أبعاداً مختلفة، خصوصاً في ظل انقسام سياسي عمودي فرز البلاد إلى منطقين ومنطقتين بما فيهما من اختلافات في التوجهات السياسية والاجتماعية، وفي النظرة إلى الدولة اللبنانية وصيغة تركيبتها. سنوات قليلة مرّت على توقيع الاتفاقية حتى اشتعلت نيران متعددة الألسنة في كل البلاد، التي دخلت في الحرب الأهلية وأفرزت وقائع أمنية وعسكرية واجتماعية تقسيمية.

التبريرات الحزب
حالياً، يبرز تشابه في بعض الأحداث، أو يسعى البعض إلى خلق هذا التشابه، مع فارق أساسي أن حزب الله هو طرف لبناني ومن يقاتل في الجنوب هم أبناء هذا الجنوب. انخرط حزب الله في الصراع والمواجهات الحالية دعماً لقطاع غزة والمقاومة الفلسطينية، وتحت شعار وحدة الساحات. هو انخراط يستفز الكثير من اللبنانيين، الذين يعتبرون أن لا علاقة لهم بالحرب، وهي ليست حرباً بمعايير وظروف ومواقيت لبنانية، بل لها حسابات مختلفة. في المقابل، فإن حزب الله يعلن دخوله وانخراطه درءاً للمزيد من المخاطر المرتقبة، ويستند على تصريحات إسرائيلية هددت لبنان مراراً. فيعتبر الحزب أن دخوله يأتي في السياق الاستباقي على القاعدة التبريرية ذاتها التي ساقها لدخوله إلى الحرب في سوريا.
ومما يقوله حزب الله أيضاً، إنه يفتدي لبنان بهذه الحرب التي يخوضها في الجنوب، وهو يتحمل أكلافها وخسائرها بنفسه كي لا يتحمل لبنان ما هو أكبر منها وأوجع. يشبه هذا المنطق إلى حدّ ما منطق خلق جيب جنوبي لعمليات الكفاح المسلح في السبعينيات، والذي انقسم حوله اللبنانيون في حينها، وينقسمون اليوم. مع بعض الفوارق في النتائج والتداعيات وحتى في الطروحات المقدمة للمعالجة. لا سيما في ظل تسارع الحركة الديبلوماسية والدولية في سبيل البحث عن كيفية تهدئة الوضع في الجنوب وإعادة إرساء الاستقرار. وباستعراض كل ما ينقل من عروض دولية وديبلوماسية، يظهر التركيز على منطقة جنوبي نهر الليطاني، أو مطالبة الحزب بالإنسحاب لمسافة 10 كلم عن الحدود، أو بسحب أسلحته إلى شمال النهر ووقف أنشطته العسكرية، إضافة إلى مقترحات ومغريات حول إعادة الإعمار وإنتاج مشاريع استثمارية لتعزيز الحياة الاجتماعية لأهل المنطقة.

الهواجس تستفيق
لا تشمل هذه المقترحات لبنان ككل، والحديث عن سحب السلاح يقتصر فقط على تلك المنطقة، وكأن هناك غض نظر عن ما يتبقى من أسلحة في مختلف المناطق اللبنانية. ولا بد لأي اتفاق من هذا النوع أن يكون له تداعيات سياسية هي التي يخشاها المعارضون للحزب، من قبيل التوافق معه حول التوازنات السياسية، والدور الذي سيلعبه مستقبلاً بنتيجة هذا الاتفاق.
كل هذه الهواجس تستفيق وتستحضر حالياً. وهناك من يطلق عليها عبارة “حل الدولتين في فلسطين ولبنان أيضاً”. وقد كثرت الأقوال المشابهة طوال الفترة الماضية حول رفض الاستسلام لحزب الله وتسليمه الدولة، وأن الخيار قد يكون في الطلاق أو الانفصال. وهنا يمكن استخدام عبارات تقنية متعددة، بينها اللامركزية المالية والإدارية الموسعة، أو الفيدرالية أو غيرهما، إلا أن النتيجة والغاية يراد منها أن تكون تحقيق فصل سياسي ما بين طرفين على منطقتين غير واضحتي المعالم والحدود ولا المقومات.

حل الدولتين!
يقرأ دعاة حل الدولتين في لبنان، بمسار سياسي متدرج منذ العام 2005 إلى اليوم، ولا سيما بعد حرب تموز 2006 التي نجح فيها حزب الله بالانتقال من الدفاع إلى الهجوم. فهدأت الجبهة في الجنوب ودخلت قوات اليونيفيل، وأصبح جنوب لبنان من أكثر المناطق استقراراً وازدهاراً، فيما انتقلت الاشتباكات والمواجهات والصدامات إلى المناطق الأخرى، ولا سيما إلى وسط العاصمة بيروت، في الاعتصام الشهير، والصراع السياسي الذي فتح ولم ينته إلا باجتياح 7 أيار 2008، وتكريس سلطة ونفوذ الحزب السياسيين في آلية تشكيل السلطة وتركيبة الدولة.
يعتبر هؤلاء أن كل المسارات قادت إلى تكريس اعتراف دولي بنفوذ الحزب وسلطته، وبنفوذ إيران في المنطقة. إذ هم لا يغيبون عن مسار الثورة السورية وانخراط حزب الله وإيران في الحرب ضدها، مقابل عدم خلق توازن دولي وعربي، لأن الاتجاه الأميركي كان يهدف إلى إبرام تفاهم نووي مع إيران، فراحت سوريا ولبنان ضحيته.
إنها الخشية نفسها تتجدد لمآلات ما بعد المواجهات في الجنوب، ولما ستكون عليه التوازنات السياسية. وبالتالي، هناك من يحاول استباق أي نتيجة مشابهة بالدعوة إلى حل الدولتين، خصوصاً في ظل التعقيدات المستمرة التي تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة تكوين السلطة.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...