الرئيسيةمقالات سياسيةمستقبل غــزة: إدارة إسـرائيليّة كاملة

مستقبل غــزة: إدارة إسـرائيليّة كاملة

Published on

spot_img

هناك دائماً إمكانية لإنهاء اتفاق شامل بين إسرائيل وحماس، لكنّ هذه الجهود دائماً تصطدم بالرغبة الشخصية لبيبي نتنياهو في إفشالها والعودة بهذه الجهود إلى حالة الصفر. تلك هي آخر رسالة تلقّتها العواصم العربية المعنيّة عقب ختام مفاوضات باريس حول غزة التي انتهت أمس الأول. باختصار نتنياهو هو قاطع طريق أبديّ لأيّ تقدّم سياسي.

تقول المصادر المتصلة بهذه المفاوضات إنّه يجب التفرقة بين ما يمكن تسميته المصالح الوطنية لدولة إسرائيل وبين المصالح الشخصية لرئيس وزرائها. ومن الواضح، على حدّ وصف هذه المصادر، أنّ نتائج كلّ جولة من المفاوضات تعتمد على مزاج ورغبة ومصالح شخص واحد في السلطة الإسرائيلية، وهو رئيس الوزراء.

سلوك نتنياهو الانفرادي في القرارات لا يمكن أن ينطبق على حكومة ونظام ودولة تدّعي أنّها ديمقراطية وأنّها تمارس الحكم بشفافية وباحترام لإرادة كلّ مكوّنات الائتلاف الحاكم في البلاد.

تثبت الأحداث هذا الأسلوب غير المسبوق في تشكيل وصناعة القرار.

1- عدّة مرّات يقوم نتنياهو بتعطيل اجتماعات مجلس وزراء الحرب.

2- عدّة مرّات يجتمع نتنياهو مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دون أن يقدّم إحاطة لزملائه.

3- آخر ثلاث مكالمات هاتفية بين بايدن ونتنياهو لم يتمّ تقديم ملخّص بها إلى أفراد الحكومة أو مجلس الحرب.

4- يقوم رئيس الوزراء، الذي لا يثق برئيس جهاز الموساد، بإرسال مدير مكتبه ليرافقه في كلّ جولات المفاوضات الخاصة بغزة حتى يكون عينه وأذنه في هذه المفاوضات، وهو ما يزعج ويثير حنق رئيس الموساد.

نتنياهو يهرب من مصيره

في الساعات المقبلة سوف يضطرّ نتنياهو إلى الدعوة إلى مجلس الحرب لإحاطته بآخر نتائج اجتماعات غزة التي توصّلت إلى “فلسفة” تجزئة ومرحلة الملفّات من أجل الحلّ، بمعنى جزء من الرهائن مقابل جزء من الهدنة والمساعدات.

غزة

يدرك نتنياهو أنّه صبيحة اليوم التالي لوقف إطلاق النار واغلاق ملفّ المفاوضات سوف يبدأ على الفور فتح ملفّات نهاية حكم نتنياهو عبر المحاكمات الحقيقية أو التحقيق السياسي حول مسؤولية حكومته ومسؤوليّته الشخصية عن أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

تحت أيّ ظرف من الظروف يرفض نتنياهو وائتلافه الديني أيّ وجود سياسي أو إداري لحماس في غزة عقب انتهاء العمليات العسكرية
تؤكّد مصادر مطّلعة أنّ ما يوصي به نتنياهو مدعوماً بغطاء الأحزاب الرئيسية يقوم على مجموعة من المبادئ المتشدّدة الفاسخة لأيّ نصّ وأيّ روح للهدنة أو التفاهم في حرب غزة. هذه المبادئ يمكن إجمالها على النحو التالي:

– أوّلاً: ضرورة استمرار القتال حتى تدمير الآلة العسكرية لقيادة القسّام في غزة. وفي هذا المجال تشير الإحصاءات الفلسطينية إلى أنّ حجم خسائر كتائب القسام العسكرية قد تجاوز 6,000 مقاتل من قوات النخبة، بينما تشير الأرقام التي تدّعيها وزارة الدفاع الإسرائيلية إلى أنّ حجم خسائر كتائب القسام قد تجاوز 12,000.

– ثانياً: ضرورة بقاء قوات ما يسمّى بجيش الدفاع في غزة من خلال عمل شريط عسكري عازل بين غزة ومجموعة مستوطنات الغلاف لحماية وتأمين المستوطنين من أجل عدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر.

– ثالثاً: نهاية عمل وكالة الأونروا التابعة للأمم المتحدة في غزة والضفة وتكوين منظمات إغاثة دولية أخرى بإشراف رقابي أمنيّ وإداري مباشر لأجهزة الأمن الإسرائيلية.

– رابعاً: تحت أيّ ظرف من الظروف يرفض نتنياهو وائتلافه الديني أيّ وجود سياسي أو إداري لحماس في غزة عقب انتهاء العمليات العسكرية. وبناءً عليه سوف تسعى تل أبيب إلى تغذية الانقسام بين حماس والسلطة.

– خامساً: تسعى حكومة نتنياهو إلى تشكيل نظام إدارة محلية تابع لإسرائيل في غزة لإدارة الشؤون المحلية من كبار الشخصيات الغزّيّة، وهو ما يعرف بروابط القرى في القطاع.

– سادساً: وهذه أخطر نقطة، وهي رفض قبول حجم الوجود العددي الحالي لسكان القطاع نسبة إلى مساحة الجغرافيا، بمعنى لا يمكن قبول وجود 2.2 مليون نسمة في مساحة 360 كيلومتراً هي مساحة القطاع. وما يدبّره العقل الاستيطاني الإسرائيلي هو تنفيذ خطة تهجير طوعي للسكان، بمعنى أن تفتح بعض السفارات الدولية مكاتب في القطاع تدعو فيها إلى قبول مهاجرين بتسهيلات، مثل كندا (50 ألفاً)، وألمانيا (30 ألفاً) وأستراليا والولايات المتحدة (50 ألفاً).

تسعى حكومة نتنياهو إلى تشكيل نظام إدارة محلية تابع لإسرائيل في غزة لإدارة الشؤون المحلية من كبار الشخصيات الغزّيّة
الضفة بعد غزة

وهناك ما زال مشروع التهجير القسري لبعض سكّان الضفة إلى الأردن ولبعض سكّان غزة إلى حدود سيناء.

تدرك إسرائيل الرفض الكامل من قبل القاهرة وعمّان لمثل هذا المخطّط الذي قد يهدّد اتفاقات السلام التاريخية المبرمة معهما، وقد قيل ذلك مراراً وتكراراً للإسرائيليين في الدوحة وباريس والقاهرة.

تدرك أيضاً إسرائيل الرفض الأميركي لمثل هذه العملية التي قد تفجّر خطة السلام الأميركية وتضع واشنطن في موقف صعب مع كلّ الحلفاء في المنطقة، وقد وعدت إسرائيل بالردّ على هذا الموضوع في مفاوضات الدوحة المقبلة.

ما يجري تداوله الآن، وقد يُحسم في غضون ساعات أو أيام، هو موقف العمليات العسكرية على الجبهة الجنوبية مع لبنان الذي يعتمد على فكرة أنّه في حالة التهدئة التدريجية على جبهة غزة يمكن التصعيد التدريجي مع الحزب في لبنان. ويقال إنّ عملية قصف مخازن سلاح الحزب الاستراتيجية التي بدأت منذ أسابيع وآخرها تدمير مخزن للحزب عند أطراف مدينة صيدا هو تمهيد لتجريد الحزب من مخزونه الاستراتيجي من الصواريخ الدقيقة إلى حين عملية المواجهة الشاملة معه.

آخر رسائل بلينكن لنظرائه في المنطقة كانت على النحو التالي: نأسف لرفض إسرائيل وجود أيّ تصوّر لتسوية سياسية أو أيّ دور للسلطة الفلسطينية بعد توقّف العمليات العسكرية.

الخلاصة نحن أمام أسف أميركي وغرور وجبروت إسرائيليَّين.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...