الرئيسيةمقالات سياسيةمجموعة BRICS واستنساخ الرئيس

مجموعة BRICS واستنساخ الرئيس

Published on

spot_img

تصدّر موضوع انتخاب رئيس للجمهورية واجهة المشهد السياسي منذ دخول مهلة الشهرين التي سبقت انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون وفقاً للمادة 73 من الدستور. بدى الموقف لأكثرية اللبنانيين مذاك الوقت فرصة لطيّ حقبة من تاريخ امتزجت خلاله نرجسية الحاكم بشراهة العائلة وعانى لبنان واللبنانيون معه الأمرّين. فيما اعتبر حزب الله وحلفاؤه أن الولاية المنقضية هي نموذج الحكم الذي يجب تكراره وأن استنساخ الرئيس هو الإنجاز الوحيد المرتجى.
وفيما ترزح الإنتخابات الرئاسية تحت وطأة تجاذبات داخلية مسدودة الأفق واصطفافات إقليمية فقدت ألقها وأهدافها، بفعل التحولات الدولية، تذهب التكتلات الدولية نحو مزيد من الديناميات والتحالفات الإقتصادية غير المسبوقة التي ستفضي الى تعديلات في الأوليات السياسية.

لقد أعلنت «مجموعة بريكس» المؤلفة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا -التي تشكّل مجتمعة نحو % 40 من مساحة العالم، ويعيش فيها أكثر من % 40 من سكان الكرة الأرضية والتي وصلت مساهمتها في الإقتصاد العالمي إلى % 31.5 بينما توقفت مساهمة مجموعة السبع عند % 30.7ـــ الترحيب بإنضمام المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وإيران إليها، وهي بذلك تهدف إلى أن تصبح قوة إقتصادية عالمية قادرة على منافسة «مجموعة السبع» (G7) التي تستحوذ على % 60من الثروة العالمية.

هل يقرأ السياسيون في لبنان تبعات وتداعيات هذا التحوّل الجديد في العلاقات الدولية على خياراتهم الوطنية ومنها الإستحقاق الرئاسي؟ وهل لا زالت العناوين التي تحمّل لبنان تبعاتها الإقتصادية والأمنية والسياسية وتحمّل اللبنانيون تبعات السير بها قابلة للحياة وتستحق التضحية من أجلها؟
إن مقارنة بسيطة بين الخطاب السياسي اللبناني المستفز لأبسط قواعد العلاقات الدولية وأصول السيادة واحترام الدستور والمساواة بين المواطنين وبين ما يجب أن يرتقي الخطاب السياسي إليه، تؤكد أن هناك حالة من الفصام schizophrenia السياسي يعيشها أصحاب هذا الخطاب. كيف ينظر هؤلاء الساسة القابضون على حياة اللبنانيين الى تقارير شركات التدقيق الجنائي، وآخرها «الفاريز أند مارشال» وتقرير «غولدمان ساكس» واللذين يشيران الى عدم رغبة الحكومة اللبنانية في إعادة رسملة البنوك وعدم تجاوب البرلمان مع المقترحات الدولية والشكوك حول قدرة الحكومة في تمرير القوانين الإصلاحية المطلوبة من خلال البرلمان؟ كيف تتعاطى حكومة لبنان مع التجديد للقرار 1701 ؟ هل تريد تطبيق القرار وإلا فلتمتلك الجرأة بإعلان عدم موافقتها عليه؟ ألا يستند هذا القرار الى الدستور اللبناني الذي تدّعي الحكومة والبرلمان تمسكهما به؟ ألا تقضي البديهيات أن يتوقف النزف في قطاع الطاقة ويخجل أصحاب الصفقات المشبوهة الذين تعاقبوا على وزارة الطاقة وحلفاؤهم عن تحصيل المال السياسي على حساب اللبنانيين؟
إن عدم التوقف عن وقاحة التغني بالإنجازات، وآخرها ما أدلى به الوزير جبران باسيل لدى زيارته لمعمل مار ليشع في وادي قاديشا لتوليد الكهرباء بعد استحضار البُعد الإيماني للوادي:«هناك منظومة متمسكة برقاب الشعب والبلد وبموارده، حيث لن يستطيع الشعب استعادة أنفاسه إلا بعد قطع اليد الموضوعة على رقابه» يؤكد حال فقدان الإتصال بالواقع والهلوسة والتفكير والسلوك غير الطبيعيين، وتدني الوظائف الذهنية والقصور في الأداء بما فيها العلاقات الإجتماعية.

يفتقر السياسيون في لبنان الى الرؤيا وتفتقر السياسة اللبنانية الى السياسة بمعناها الحداثي المتحرك. أجل لقد تقوقعت السياسة اللبنانية في ظلمات المذاهب والطوائف والإثنيات التي اعتمدتها القوى الغربية في السيطرة على دول العالم الثالث الغارقة في غيبيات لا حدود لها. تحوّل الإستتباع الطائفي والمذهبي في لبنان الى أسلوب في السياسة والإقتصاد والإجتماع والأمن. وعندما اختارت دول المرجعيات والأيديولوجبات الدينية المؤثرة مجاراة التحولات الدولية وتغيير وجهتها شعر اللبنانيون بوطأة خياراتهم وأدرك السياسيون أنهم فقدوا حيويتهم وقدرتهم على المبادرة.
ومع توسيع مجموعة BRICS وإصرار حزب الله على استنساخ الرئيس مجدداً وتعذر النجاح لظروف إقليمية ودولية يبدو أن الانتخابات الرئاسية قد طويت الى أجلٍّ غير مسمّى.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...