الرئيسيةمقالات سياسيةما قبل «اتفاق بكين» وما بعده

ما قبل «اتفاق بكين» وما بعده

Published on

spot_img

تجمع الاوساط السياسية المتابعة لما يجري في لبنان والمنطقة، انّ الاتفاق السعودي ـ الايراني على تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران برعاية الصين، أدخل المنطقة في مرحلة جديدة وإيجابية على مستوى العلاقات بين دولها وشعوبها، وانّ لبنان سيكون له نصيبه من هذه الإيجابية، بما يسهّل إنجاز استحقاقاته الدستورية، والانطلاق إلى التعافي من الانهيار الذي اصابه على كل المستويات.
تلاحظ هذه الاوساط السياسية، انّه على مدى 5 اشهر من النقاشات على المستوى الوطني في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، كانت الامور تأخذ ابعاداً وتحليلات تغفل نقطة جوهرية في غاية الأهمية، تتعلق بالواقع الاستراتيجي في المنطقة ودور «حزب الله» فيها، كحزب يكاد يكون الوحيد في لبنان الذي يؤثر في المسار الاقليمي العام.

وتشير الاوساط، إلى انّ كثيرين وللعجب، تناسوا انّ المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية محكومتان بالتوافق، كل منهما لأسبابها الاستراتيجية الخاصة. فالمملكة التي انطلقت في «رؤية 2030» ومشروع «نيوم» الشهير، وطرح ترشيحها لاستضافة مباريات كأس العالم لكرة القدم في المستقبل، وطموحها الاقتصادي كقوة اقتصادية اقليمية جاذبة تواكب متطلبات العصر، كل هذا يفترض من حيث المنطق الذهاب إلى «صفر مشكلات»، سواء على المستوى العربي العام، او على المستوى الإسلامي تحديداً، وعلى رأس كل تلك الاولويات يأتي موضوع اليمن، كحالة تعاكس هذه المشاريع، ما يقتضي تذليلها وإنهاءها على قاعدة سياسية تسوية. اما ايران فهي بدورها تسعى إلى لملمة اقتصادها وتثبيت تمدّداتها السياسية في المنطقة، على قاعدة انصهار الأحزاب المتحالفة معها وطنياً مع بقية الاطراف الداخلية في اوطانها..

وترى الاوساط نفسها، انّ هذا التطابق في الأهداف بين الرياض وطهران كان لا بدّ له من ان ينتج اتفاقاً حتى ولو رعته الصين واستاءت الولايات المتحدة الاميركية منه، إذ انّ هذا الاتفاق لا بدّ له بطبيعة الحال من ان يعكس ارتياحاً على كافة المستويات، ولا سيما منها اليمني والعراقي والسوري، وخصوصاً اللبناني، حيث لـ”حزب الله” اليد العليا سياسياً فيه.
انّ أي مراقب لمسار الموقف السعودي من الاستحقاق الرئاسي في لبنان يؤشر إلى انّ الرياض تفادت اتخاذ اي موقف سلبي مباشر من رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، فإذا بهذا الموقف يضع معايير مطاطة تأخذ في الاعتبار إرضاء حلفاء الرياض من جهة وعدم «كسر الجرّة» مع الآخرين في الوقت عينه من جهة ثانية، فتدعو فرنجية إلى حضور منتدى «الطائف 33» من دون ان يزوره السفير وليد البخاري، كما يتجنّب هذا الاخير توجيه اي رسالة سلبية اليه، فيوحي بطريقة ديبلوماسية غير مباشرة إلى اسم قائد الجيش العماد جوزف عون او غيره، لإمرار مرحلة الفراغ السياسي قبل نضوج الطبخة الاقليمية.
حتى انّ ما رشح عن «اللقاء الخماسي» الذي انعقد في باريس الشهر المنصرم، لم يجزم في أنّ الموقف السعودي يضع «فيتو» على إسم فرنجية، كما انّه لم يُتًأكّد انّه قد رشح قائد الجيش، لتعود السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو وتطرح معادلة فرنجية ـ نواف سلام (او تمام سلام)، لو لم تكن تدرك انّ الموقف السعودي من الاستحقاق الرئاسي هو موقف مؤقت وغير حاسم. على انّ كثيراً من السياسيين في لبنان قد تجاهلوا عمداً، أو بالغريزة، كل ذلك، وراحوا يعتقدون انّ الهمّ السعودي هو لبناني بالدرجة الاولى، وانّ الهمّ اليمني هو آخر اهتمامات المملكة. كذلك لم يشأ هؤلاء السياسيون تصديق تعمّد الرياض إجلاس فرنجية في الصف الامامي للحضور في منتدى «الطائف 33» في قصر الاونيسكو، وإجلاس منافسه النائب ميشال معوض في الصف الرابع، وهم يدركون انّ السفير بخاري يتمتع بحسّ ديبلوماسي وسياسي عالي المستوى.
ومن جهة اخرى، فقد تجاهل هؤلاء السياسيون انّ خيار «حزب الله» الرئاسي منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً عام 2106 هو دعم ترشيح فرنجية في الولاية المقبلة، متجاهلين الأطباع الحقيقية للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله التي تتسم بالوفاء والصدقية، وهو الذي نوّه مراراً وتكراراً بموقف فرنجية الحكيم من مسألة ترشيح «حزب الله» للعماد عون. وقد ذهب التجاهل بهؤلاء السياسيين إلى حدّ السذاجة عندما افترضوا انّ السيد نصرالله يسعى إلى حرق اسم فرنجية والذهاب نحو مرشح تسووي، متناسين التطويق السياسي والأمني الذي تعرّض له «حزب الله» إبان أحداث الطيونة بسبب موقفه من أداء المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، حيث شعر الحزب بأنّ تعريته من المراكز الدستورية الأساسية تهدف إلى وضعه في مواجهة الدولة بهدف عزله وإضعافه امام الرأي العام اللبناني. لكنه بدأ اليوم بإثبات وترجمة كل ما خطّط له علناً ومن دون مواربة، فدعم ترشيح فرنجية معلناً ان ليس لديه «خطة B»، حتى ولو فقد «تفاهم مار مخايل» القائم بينه وبين «التيار الوطني الحر»، ولو كان لا يزال حريصاً على بقائه، ويعمل جاهداً على إيصال فرنجية لرئاسة الجمهورية، حيث انّه يراه في المناسبة مرشحاً توافقياً، بعدما لمس هذا الامر أقلّه من المجتمع الدولي ومن الغموض في الموقف السعودي والتأييد السنّي له وكذلك القبول الدرزي وبعض التأييد المسيحي، نظراً لقدرته على تدوير الزوايا وحسن التعامل مع الآخرين.
وفي هذا السياق، سعى المتضررون إلى محاولة ضرب ترشيح فرنجية مسيحياً، معتبرين انّ هناك قدرة في الاتكاء على الموقف السعودي، محاولين قدر الإمكان التشبيك بين موقفي رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وإشهار لغة جديدة سُمّيت «الثنائي المسيحي»، فإذا بها تثير اشمئزاز بقية الأطراف المسيحية ولا سيما منها حزب «الكتائب اللبنانية» وبعض القوى المسيحية المستقلة، حيث تأكّدت انّ ثنائي باسيل ـ جعجع لا يهدف فقط إلى قطع الطريق على فرنجية، وانما يهدف ايضاً إلى اختزال الشارع المسيحي برمته، وبدأوا يتأكّدون من انّ خيار فرنجية يؤكّد فعلاً حاجة المسيحيين إلى التعددية السياسية.
ومن هذا المنطلق، يرى المراقبون انّ مسألة وصول فرنجية إلى سدّة الرئاسة باتت مسألة وقت. فالرجل يستعد بحماسة لطرح رؤيته السياسية والاقتصادية الإنقاذية للبنان في الآتي القريب، لينقل السجال عندها من الكيد إلى التنافس على الإنقاذ بدلاً من تدمير ما تبقّى من لبنان.

أحدث المقالات

بين عون و”السيّد”… رجالات العهد الذين انقلبوا ضدّه!

في جلسة خاصة جَمَعت شخصية قريبة من خطّ المقاومة مع الأمين العامّ للحزب السيّد...

  موجات النزوح تجدّدت ومداهمات للجيش

ملف النازحين مفتوح على شتى الاحتمالات، مع تزايد موجات النزوح خلال اليومين الماضيين عبر...

 اجتماع نيويورك: انتخاب الرئيس لا يزال مؤجلا

تتفق الدول الخمس على الحوار وتختلف على الرئيس، فيما الافرقاء اللبنانيون يختلفون على الحوار...

أبرز ما تناولته الصحف اليوم

كتبت النهار احبط عدم صدور بيان عن الخماسية من نيويورك حول لبنان كثيرين في ظل...

المزيد من هذه الأخبار

مخيَّم عين الحلوة يحاكي إقليم التفاح

دخلت أزقة وأحياء مخيم عين الحلوة موسوعة خطوط التماس الإقليمية في لبنان لتنضم الى...

 الرسالة الوحيدة التي سمعها رعد من قائد الجيش

مع انه لم يعد في واجهة الحدث بعد تقدم النزاعات المسلحة في مخيم عين...

“ربيع الفدرلة”.. محاولة لنسف مبادرة السّلام العربيّة

هل أخرَجَت الإدارة الأميركيّة إلى الواجهة مشروع "تقسيم المُقسّم من الدّول العربيّة إلى دول...

“الحزب”: لانتخاب رئيس وباسيل يراهن على إبعاد فرنجية وعون

انطلاق الحوار بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» لا يعني بالضرورة أن الطريق سالكة...

لبنان “يغترب” عن العالم: خارج طريق آسيا الخليج أوروبا

لطالما تعاطى اللبنانيون مع مصير لبنان بتخوف من استحالته إلى مصير قطاع غزة، المحاصر...

طبخة مطار القليعات على نار سياسية: هل حان وقت التشغيل؟

عملياً، وبحسب المعطيات السياسية المتوافرة لدى نواب عكار في تكتل «الإعتدال الوطني»، فقد انتقلنا...

اللامركزية مؤجلة وهجمة عربية دولية لحماية الطائف

إنها أكثر المراحل توتراً على صعيد الخطاب السياسي منذ استهلال لبنان للشغور الرئاسي، لا...

 عون لرعد: إذا تمّ التوافق فأنا حاضر!

بعد النفي والتأكيد، حُسِم أمر "لقاء اليرزة". فاللقاء الذي جمع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة...

هوكشتاين و”أثر الفراشة”: لقاء رعد وعون يخلط أوراق الرئاسة

“بالضرب تحت الحزام” يمكن وصف مسار التفاوض والعلاقة بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله....

كي لا تتكرّر مأساة لبنان (11/12)

1- العمل الوطني والسعي وراء السلطة على طرفي نقيض في لبنان طالما يعاني من...

المناورات الأخيرة رئاسيّاً.. بين اللقلوق واليرزة والحارة

زحمة سياسية داخلية وخارجية توحي بأنّ الرئاسة على نار حامية جدّاً. آخر العناوين هو...

 اجتماع عسكري ثلاثي سرّي: الخيمتان ونقاط الخلاف البري

في اليوم التالي لصدور قرار التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب، طُويت صفحة الأوهام...

الفدرالية هروب إلى الأمام أم تراجع رهيب؟

لا خياراً آخر، بالفعل لا... هذا هو واقع النداء الفدرالي والمطالبين بالفدرالية والمطبّلين لها! هل...

برّي “المستغرب” تصلب المعارضة: حوار باسيل والحزب سيفرض نتائجه

لا يخفي رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، استغرابه لرد فعل القوات اللبنانية وحزب الكتائب...

لبنان ليس متروكاً وجهود عربية تواكب تحرك بري لإنجاز التسوية

لا شيء يوحي بأن مهمة المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي جان ايف لودريان المقررة عودته...