فشلت حتى الآن، كل المساعي الرامية الى إقناع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بتأييد ترشيح رئيس تيار المرده سليمان فرنجية، فالرجل تجاوز الدلع السياسي والغنج على الحلفاء، الى المواجهة الجدية في إستهداف المحور الذي ينتمي إليه بالتصويت لمرشح رئاسي يشكل تحديا واضحا لهم.
ولم ينطبق “حساب الحقل على حساب البيدر” لدى من ظنوا أن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع سوف يتحرك عند أول إشارة سعودية للايعاز الى تكتله النيابي بتأمين النصاب الميثاقي والعددي الكفيل بإيصال فرنجية الى قصر بعبدا.
كما لم يفلح الفرنسيون في إقناع رئيس حزب الكتائب سامي الجميل بصوابية دعم سليمان فرنجية، بالرغم من أنه لا يمتلك تأثيرا كبيرا في المعركة الانتخابية لكنه قد يشكل جوا مسيحيا داعما له.
ليس سهلا، إقناع الأحزاب المسيحية ذات الأغلبية المارونية بإنتخاب فرنجية، فهي لطالما إصطدمت فيما بينها، وتفننت في تقطيع أقدام بعضها البعض عند كل إستحقاق رئاسي، وتوسلت العنف مرات عدة لحل خلافاتها، لكنها كانت تتوافق على أمر واحد لا سيما بعد العام 2005 وهو تطويق الزعامات المسيحية التقليدية والعائلية في مختلف المناطق.
سجلت الأحزاب المسيحية نجاحا في دوائر جبل لبنان الشمالي والجنوبي، زحله، البترون، بشري، عكار، وحققت تقدما ملحوظا في جزين، زحله، وبعلبك – الهرمل. لكن زغرتا بقيت عصية عليها، فحافظ فيها سليمان فرنجية على زعامته وشعبيته، في حين أن النائب فريد هيكل الخازن المتحالف مع فرنجيه شكل حيثية خاصة بالرغم من معاناته من حصار التيار والقوات له، والذي كسره القانون التفضيلي الذي ساهم بإعادته إلى ساحة النجمة بعد غياب استمر من العام 2005 إلى العام 2018.
لفرنجيه حضورا محدودا في مناطق النفوذ المسيحي، لكنه ليس مؤثرا في تقرير وجهة الاستحقاقات الانتخابية فيها. لكن الواضح أن هناك مخاوف مشتركة لدى “حزب الكتائب”، ” القوات اللبنانية ” و”التيار الوطني الحر” من أن يؤدي انتخاب سليمان فرنجيه إلى إعادة إنتاج الزعامات العائلية والتقليدية مثل فريد الخازن في كسروان- الفتوح، ناظم الخوري في جبيل، آل الراسي في عكار، وآل سكاف في زحله، وجو ايلي حبيقه في بعبدا، ابراهيم عازار في جزين، ووليام جبران طوق في بشري وايلي الفرزلي بالبقاع الغربي.
كما أن انتخاب فرنجيه من شأنه أن يعزز من زعامة آل المر عبر ميشال إلياس المر في المتن الشمالي. وبالتالي، فإن رئيس” تيار المردة” في رأي الاحزاب المسيحية سوف يساهم في إعادة تركيب واقع مسيحي سياسي عائلي مناطقي جديد من قوى تقليدية ترى الاحزاب المسيحية خطرا حقيقيا منها على حضورها الشعبي والسياسي.
من هنا، فإن الاحزاب المسيحية التي تتملكها هواجس عدة من فرنجيه، تعتبر وصوله تحديا مباشرا لها، وهي تسعى بـ”التقاطع” الى إيصال مرشح ضعيف لا تسمح له حيثيته ببناء زعامات أو إحياء قوى مسيحية رديفة، كونه ليس من البيئة التقليدية، بما يحافظ على نفوذ وحضور الثنائي المسيحي والأحزاب المتحالفة معه.
تقول مصادر سياسية مواكبة، إن الاحزاب المسيحية متفقة رغم خلافاتها على أن تدفع عنها أي خطر يمثله اي شخص صاحب حيثية او يسعى إليها. ومن هنا تفضل الذهاب إلى خيار لا يشكل مصدر “إزعاج” لها، ولو رسا على مرشح من خارج الاسماء المتداولة، لأن ذلك سيكون “أهون الشرور”. وهنا يكمن سر خشيتها من أن يصبح سليمان فرنجية “رئيسا للجمهورية”.
Authorغسان ريفي - سفير الشمال