الرئيسيةمقالات سياسيةلماذا تُخيف البلديات السلطة؟

لماذا تُخيف البلديات السلطة؟

Published on

spot_img

تخاف السلطة من الانتخابات البلدية، ألف مرة انتخابات نيابية، ولا مرة انتخابات بلدية، لماذا؟ لأنّ البلدية هي النواة وهي اللُبنة الأولى في هرم الإنماء، ولم يُخطئ مَن قال: أعطِنِي بلدية مثالية وخُذ بلداً نموذجياً.

السلطة تهاب البلدات والبلديات، ليس من اليوم بل منذ ستين عاماً، قبل الحرب التي بدأت عام 1975، كانت آخر انتخابات بلدية عام 1963، أي قبل اندلاع الحرب بإثني عشر عاماً، كانت ولاية المجالس البلدية أربعة أعوام، ما يعني أنّه كان يُفترض أن تجرى الانتخابات عام 1967، لكن السلطة آنذاك تذرّعت بألف سبب وسبب لكي لا تُجري هذه الانتخابات.

ولم تكن حرب الـ67 هي السبب، لأنّ الانتخابات البلدية كان يجب أن تجرى في الاول من حزيران 1967، أي قبل اندلاع الحرب بأسبوع. جرى التمديد الأول للبلديات، وفي عهد الرئيس الراحل سليمان فرنجية، لم تجرَ أي انتخابات بلدية، ثم كان اندلاع الحرب التي امتدت بتقطع حتى العام 1990. لكن المفاجأة أنّ سلطة الطائف استنكفت بدورها عن إجراء الانتخابات البلدية، ولم يحصل ذلك إلا في العام 1998، أي بعد ثمانية أعوام على انتهاء الحرب، وبعد دورتين للانتخابات النيابية، الأولى عام 1992، والثانية عام 1996.

لماذا هذا «الرعب السلطوي» من الانتخابات البلدية؟ لأنّ البلديات هي «خزّان الأصوات» للانتخابات النيابية. تتعاطى السلطة مع البلديات على أنها مفاتيح انتخابية، فتخوض معارك مجالسها بالاهتمام ذاته الذي تخوض فيه معارك الانتخابات النيابية، ويشكِّل رئيس البلدية حجر الزاوية في السياسة، خصوصاً في البلدات ذات الكثافة السكانية التي تشكِّل خزاناً بشرياً يتم «تجميعه» لاستخدامه في صناديق الاقتراع النيابية.

لكن لماذا يستقتلون للفوز برئاسة البلدية؟ ولماذا تُصرَف الأموال الطائلة للحصول على مقعدها؟ هل تستحق كل هذا التعب وهذا الكم من الأموال؟ إنّ راتب رئيس البلدية لا يكفيه «لتقديم قهوةٍ» لضيوفه، فلماذا إذاً هذا الاستشراس للوصول إلى رئاسة البلدية؟ هل المسألة تتعلّق بالوجاهة؟ هل رئاسة البلدية هي «جسر عبور» إلى النيابة أو أكثر؟

تحضر كل هذه الاعتبارات فيما المعيار الاساسي غائب وهو الإنماء، فكم من البلديات لا تعرف ما معنى الانماء؟ وكم من البلديات كانت بمثابة المثال الذي يُحتذى به؟ منذ أسابيع توفى رئيس بلدية ذوق مكايل السابق نهاد نوفل الذي حوّل بلدته الى أمثولة، لدرجة أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري اقترحه عند تشكيل إحدى الحكومات أن يكون وزيراً للداخلية والبلديات، في المقابل، هناك رؤساء بلديات دخلوا السجن، ورؤساء بلديات يجب أن يدخلوا السجن.

اليوم، الاستحقاق البلدي على مرمى حجر، فماذا ستفعل السلطة؟ هل تفتش عن التمديد الثاني؟ في حال قررت اجراء هذه الانتخابات، هل بإمكانها إنجازها؟

وزير الداخلية بسام مولوي يؤكد جهوزية الوزارة، فهل هذا يكفي؟ رئيس الحكومة يبدي حماسةً لإجرائها، لكن هل الحماسة تكفي؟ قوى سياسية تُعلِن ما لا تضمر، إذا سئل معظمهم، يأتي الجواب: «نريد الانتخابات اليوم قبل الغد»، لكن على أرض الواقع فإنّ معظم الطبقة السياسية تُفضِّل عدم تجرُّع هذه الكأس.

الدول الغربية تراقب أداء السلطة في ما يتعلق بحماستها أو عدم حماستها لاجراء الانتخابات البلدية. السلطة تفضِّل ألف مرة بياناً «توبيخياً» من الغرب، على أن تصل مجالس بلدية تحاربها في الانتخابات النيابية المقبلة. المجالس الحالية وصلت قبل ثورة 17 تشرين، وتخشى السلطة أن تحقق قوى التغيير في الانتخابات البلدية ما عجزت عن تحقيقه في الانتخابات النيابية، وهذا وحده سبب كافٍ لتطيير هذه الانتخابات، على رغم ادعاء «ثقافة» الديموقراطية.

أحدث المقالات

بيروت: لقاء ثلاثة أجهزة مخابرات

بشكل متزامن، كانت بيروت مطلع الأسبوع، مسرحاً لوجود مخابراتي ثلاثي: فرنسي أميركي وإسرائيلي. والتفاصيل،...

ماذا لو أُرجئ بتّ مصير قائد الجيش إلى ما بعد الأعياد؟

بين مجلسَي النواب والوزراء يتجمّد بتّ مصير قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يبلغ...

تطبيق 1701: الحزب يرفض.. ويفاوض!!

في عام 2006 انتهت حرب تموز بإصدار القرار الأممي 1701 تحت الفصل السادس، لكن...

“الحزب” لن ينسحب: ثمن التفاوض لاستقرار الحدود ستدفعه إسرائيل

الاستعاضة عن الحرب في جنوب لبنان، يكون بالتوجه نحو اتفاق سياسي برعاية دولية إقليمية،...

المزيد من هذه الأخبار

مادة انتقاد “عونيّة” لقائد الجيش!

أضاف مسؤولون في «التيار الوطني الحر» أن إجراءات الجيش اللبناني لمكافحة تهريب الأفراد السوريين...

بو حبيب: فرنسا أقصتنا عن اجتماعات لأننا فشّلنا مبادراتها

عَقّد تجدّد الحرب الإسرائيلية على غزة المشهد إقليمياً ولبنانياً. عادت ساحة المواجهات بين «حزب...

تقويض القرار 1701… بتواطؤ دولي

يتعامل العالم مع جرائم هائلة تسحق أهل قطاع غزة وتبيدهم، بالكثير من البرود والتجاهل...

“تطابق” فرنسي-سعودي لبنانياً.. وتحذيرات حول مصير الجنوب

أصبحت الدوامة السياسية اللبنانية الداخلية “مضجرة” في كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الأساسية، لا سيما...

مهمة لودريان تبدَّلت من انتخاب الرئيس إلى السعي لتأجيل تسريح قائد الجيش

لم يعد خافياً أن الهدف الرئيس من زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيف...

لبنان بعد حرب غزّة… من يسأل عن قرار السلم والحرب؟

"لبنان ما بعد حرب غزة يشبه السؤال عن لبنان ما بعد الانتداب، ويشبه السؤال...

لودريان لم يطرح تعديلاً للـ1701… بل فرصة لتطبيقه

مع إعلان إسرائيل استئناف القتال ضدّ “حماس” سمحت أيام التبادل السبعة التي كانت واشنطن...

“ليونة” مستجدة بالملف الرئاسي.. وإصرار دولي على التمديد لعون

على وقع الزيارة الرابعة التي أجراها المبعوث الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان، تحدث...

بلى هُزمنا… والحلّ؟ فليحكم الحزب (1)

جرى هذا النقاش ضمن حلقة تفكير سياسي مناوئة للحزب ومرجعيّاته، في السياسة والأيديولوجيا والمنطلقات...

لبنان في مسار الحلّ من غزّة إلى واشنطن

عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان وإن كانت في شكلها لا تحمل أيّ مبادرة...

لودريان “دبلوماسيّ بلا قفازات”… ينفعل و”يَزعَل”

لكلّ حقبة سياسية مُعضلات وإشكاليات، تجذب معها وساطات ووفود خارجية، في مغامرة أشبه ببحث...

متى سيبدأ الدولار بالهبوط… 50 ألفاً أو أقلّ؟

قبل انتهاء ولاية رياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان، كان التوقّع العامّ السائد بين...

“تعديل” الـ1701 ومنطقة عازلة: التفاوض مع “الحزب” بنبرة نارية

يتنقّل لبنان في السجالات بين الملفات، من دون حسم أي منها. وقد أصبحت هذه...

دعم قوي من “الخماسية” لمهمّة لودريان… وقلقٌ أمميّ على لبنان

في ظل استمرار الهدوء الحذر الذي يخيم على المناطق الجنوبية، طالما أن الهدنة الممددة...

حراك دولي جدّي لكسر جليد الرئاسة وإطفاء جمر الحدود

على عادتهم، يبرع اللبنانيون في ضرب بعضهم البعض من تحت الحزام، بناء على حسابات...