الرئيسيةمقالات سياسيةلماذا تضغط "حماس" على الحزب لتوريطه أكثر؟

لماذا تضغط “حماس” على الحزب لتوريطه أكثر؟

Published on

spot_img

لوحظت في الأيام القليلة الماضية مواقف لبعض قادة حركة «حماس» خالد مشعل ثم موسى ابو مرزوق وغيرهما، تحمل العتب «المرمّز» على «حزب الله»، لعدم انخراطه اكثر في ميادين القتال في جنوب لبنان، من دون مراعاة حساسية الوضع اللبناني وخطورة توسيع المواجهات الى حرب شاملة لا يستطيع لبنان المتهالك سياسياً واقتصادياً ومعيشياً تحمّل تبعاتها لو حصلت.
ومن دون مراقبة دقيقة لما يقوم به الحزب من عمليات عسكرية نوعية ومدروسة ومُتدرّجة تُرهق جيش الاحتلال وتُكبّده خسائر كبيرة يُعلن عنها العدو تباعاً (نحو 200 عسكري إسرائيلي بين قتيل وجريح حسب إحصائيات مستشفيات الكيان في الجليل الاعلى)، عدا عن تهجير اكثر من 60 الف مستوطن اسرائيلي من شمال فلسطين، ما يؤدي الى تخفيف الضغط العسكري على جبهة غزة، حيث اضطر الاحتلال الى حشد ثلاث فرق مشاة ومدرعة وميكانيكية، عدا الطيران الحربي والاستطلاعي والمُسيّر في جبهة الجنوب، وكان يمكن ان تنتقل كلها او نصفها على الاقل الى غزة. هذا من دون احتساب ما تكبّده الحزب من شهداء خلال مواجهات الايام العشرين الماضية، ونزوح نحو 20 الف جنوبي من قراهم الأمامية.

ثمة كلام صريح يجب ان يُقال برغم كل الظروف. فهناك اكثر من سؤال يطرح نفسه: لماذا تريد «حماس» توريط الحزب عسكرياً اكثر في المواجهات؟ وما الهدف السياسي الذي تسعى اليه قبل كلمة السيد حسن نصر الله المرتقبة يوم الجمعة، والتي سيقول فيها الكثير ميدانياً وسياسياً؟ وهل تريد ان يمتد «التوريط» الى إيران التي تسير سياسياً وديبلوماسياً على الجمر في مساعيها الديبلوماسية لوقف الحرب المجنونة على غزة، وتأكيدها ليلاً نهاراً على دعم حركات مقاومة الكيان الاسرائيلي في كل المنطقة؟ ألا تكتفي «حماس» بتحريك جبهات العراق والجولان السوري واليمن مع الجبهة الجنوبية اللبنانية في إطار تشبيك ساحات القتال لإشغال قوات العدو وإرباكه أكثر؟

لقد آثر الحزب الصمت حيال مواقف قادة «حماس»، برغم المعلومات المُسرّبة عن انزعاجه منها، لأنّ المواجهة العسكرية الكبرى الجارية الآن مع الكيان الاسرائيلي أهم من تسجيل مواقف سياسية او مراجعة الحسابات والتحالفات. فلكل ساحة وجبهة حساباتها الدقيقة جداً، والعمل السياسي والديبلوماسي والاعلامي، والتحرّك الشعبي الواسع جزء اساسي من المعركة القائمة، ولم يُقصّر الحزب في خوض هذا العمل الى جانب العمل العسكري.

وثمة من يسأل عن نوايا «حماس» السياسية، هل من مصلحتها ومصلحة الدول الراعية لها توسيع مساحات الحرب، بينما كل العالم يسعى لوقفها او الحدّ من تفاقمها لوقف معاناة الشعب الفلسطيني في غزة بعد المجازر التي ارتكبتها اسرائيل؟ وهل تسعى، ربما من غير ان تدري، لتحقيق هدف الضغط الغربي لاحقاً على لبنان ومقاومته وصولاً الى التفرّغ للمقاومة في لبنان ومحاولة نزع سلاحها بعد انتهاء حرب غزة، وهو ما اكّده بالأمس مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي بقوله، إنّ «اسرائيل تنتظر الانتهاء من الحرب على «حماس» للتفرّغ بشكل كامل لمواجهة «حزب الله» في لبنان. وبعد يوم واحد من القضاء على «حماس» ستطّبق إسرائيل الدروس المستفادة على مقاتلي حزب الله».

والى ذلك، هل تعي «حماس» انّ مثل هذه المواقف لبعض قادتها قد تؤشر للعدو وللخصوم عن وجود خلافات او انقسامات بين اطراف محور المقاومة؟… والأسئلة كثيرة ومشروعة ولو كان بعضها مبالغاً فيه.

برغم كل ذلك، تفيد المعلومات انّ قيادة الحزب ما زالت تشارك بفعالية كبيرة في إدارة المعركة في كل الساحات عبر غرفة العمليات المشتركة لمحور المقاومة، وتتحمّل كغيرها أعباء المعركة بكل تفاصيلها العسكرية والاعلامية والسياسية، برغم ما يمكن ان يترتب على ذلك من كلفة على لبنان وشعبه المنقسم اصلاً حول هذه الخيارات، ما قد يضطر السيد حسن في كلمته المرتقبة الجمعة الى أخذ هذا الواقع في الاعتبار.

كل المعلومات تشير الى انّ الادارة الاميركية ودول الغرب تعمل جاهدة لمنع توسيع الحرب لتشمل لبنان، وانّ واشنطن أبلغت الكيان الاسرائيلي وايران والدول المعنية الاخرى بذلك، وبرفضها التعرّض للبنى التحتية والقطاعات الخدماتية اللبنانية، ليس كرمى لعيون لبنان، بل لتحمي مصالحها الكبرى في المنطقة وبخاصة مصالحها في نفط وغاز بحر لبنان، ولتمنع تكبيد اسرائيل المزيد من الخسائر العسكرية والاقتصادية. فأي حرب واسعة في المنطقة تلحق الضرر الكبير ليس بلبنان وحسب، بل بأميركا واوروبا اللتين ما زالتا مشغولتين بالحرب في اوكرانيا.

أحدث المقالات

مادة انتقاد “عونيّة” لقائد الجيش!

أضاف مسؤولون في «التيار الوطني الحر» أن إجراءات الجيش اللبناني لمكافحة تهريب الأفراد السوريين...

بو حبيب: فرنسا أقصتنا عن اجتماعات لأننا فشّلنا مبادراتها

عَقّد تجدّد الحرب الإسرائيلية على غزة المشهد إقليمياً ولبنانياً. عادت ساحة المواجهات بين «حزب...

تقويض القرار 1701… بتواطؤ دولي

يتعامل العالم مع جرائم هائلة تسحق أهل قطاع غزة وتبيدهم، بالكثير من البرود والتجاهل...

“تطابق” فرنسي-سعودي لبنانياً.. وتحذيرات حول مصير الجنوب

أصبحت الدوامة السياسية اللبنانية الداخلية “مضجرة” في كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الأساسية، لا سيما...

المزيد من هذه الأخبار

“ربط الساحات” بين غزّة… والضاحية واليرزة!

تندرج زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان تحت عنوانين أساسيّين فرضتهما التطوّرات الأخيرة: – تجدّد...

بين “التيار” وبكركي لا قطيعة… ولكن!

تعثرت محاولات رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لتحسين علاقته بالبطريرك الماروني بشارة...

قطر طرحت سلّة كاملة وقدّمت ترشيحَيْ البيسري وحتّي

تكاد تكون قطر الدولة العربية الأكثر قرباً من «حماس» نظراً الى حسن علاقتها بها...

محمد رعد الجار والأب

تعود معرفتي بالنائب محمد رعد إلى ما يقارب أربعين عاماً. عرفت والده كرجل فاضل...

لودريان بعد هوكشتاين…”اطلالة” على الحدود والأفق الرئاسي المسدود

فرضت تطورات الوضع الإقليمي نفسها على المشهد الداخلي، وهو ما أسهم في “تطوير” عمل...

إنقلاب عسكري بقيادة الجيش في 10 كانون الثاني؟

بعد الإنقلاب السياسي في 31 تشرين الأول 2022 بمنع انتخاب رئيس للجمهورية، وفرض الفراغ...

قيادة الجيش: لا التعيين مُيسّرٌ ولا التمديد آمن

دونما أن تكون خافية صلة الوصل بين استحقاقَيِ الجيش ورئاسة الجمهورية، إلا أن مرور...

الفرنسيّون متمسكون بـ”مرشح ثالث” للرئاسة

يحط الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت يوم الأربعاء في زيارة تستمر...

الإزدواجية العالمية: الفيلسوف الألمانيّ هابرماس يدعم إسرائيل

“إنّ حرب إسرائيل على غزة مبرَّرة مبدئياً” ولا يجوز وصفها بأنّها تشبه المحرقة أو...

الدور القطري يتكرس.. والحل اللبناني بمفاوضة “الحزب” أولاً

تسير الوقائع اللبنانية على الإيقاع الإقليمي. الهدنة في غزة تنعكس على الجنوب، والتصعيد سيقابله...

سيناريو أميركي.. بنسخة إيرانية؟

نجاح تنفيذ أولى الهدن الإنسانية في غزة، وإتمام عملية تبادل الدفعة الأولى من الأسرى،...

معادلةٌ صعبة أمام “الحزب”… وخياران في ملفّ قيادة الجيش

يقف «حزب الله» أمام معادلة صعبة في حسمه خياراته لملء الشغور في قيادة الجيش...

“رئاسة” بعد الهدنة: المفتاح بيد الحزب

تستبعد أوساط مطّلعة أن يقود استئناف الحراك الفرنسي والقطري باتجاه لبنان إلى إحداث خرق...

جبهة لبنان معلّقة… ونية لاستئناف الحرب

بموازاة حالة عدم اليقين التي تلفّ مصير «الوقفة الإنسانية» للقتال والتي سمّيت هدنة قابلة...

الخشية من “غلاف الليطاني”

تكاد الصورة تكون متعارضة كلياً، بين ما حدث في غزة صباح السابع من تشرين...