مزارع شبعا وتلال كفرشوبا: لبنانية؟ سورية؟
في كل مرة يدور فيها الحديث عن ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل تبرز مسألة هوية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبالتالي يتوقف الحديث عن الترسيم، فضلا عما ينتج عن ذلك من أعمال عسكرية على طول الحدود الجنوبية. فما هي قصة هذه المزارع؟!
تبلغ مساحة هذه المزارع حوالي 250 كلم2 وتنتشر في موقع جغراقي ذي اهمية استراتيجية بالغة لأنه على ملتقى الحدود بين لبنان وسورية وفلسطين المحتلة. تتميز هذه المزارع بقممها الجبلية العالية التي تصل الى حوالي 2600م وتطل على هضبة الجولان وسهل الحولة والجليل وجبل عامل وسهل البقاع.
تحتوي المزارع على 14 مزرعة وتسكنها 1200 عائلة لبنانية بشكل دائم و600 عائلة في فصل الشتاء. ويبلغ عدد المنازل فيها 1458 منزلا وفيها ملكية عقارية لأكثر من 1000 عائلة لبنانية من أهالي بلدة شبعا. تتبع هذه المزارع اداريا لقضاء حاصبيا وتشكل مع بلدة شبعا نطاقا واحدا يدعى خراج بلدة شبعا. أما مرتفعات كفرشوبا فقد احتلتها اسرائيل من الجهة السورية بحرب تشرين الأول 1973.
بمقتضى اتفاق الهدنة بين لبنان واسرائيل المعقود في العام 1949 ورد أن حدود لبنان الدولية لجهة الجنوب هي فلسطين المحتلة. لكن اجتياحات اسرائيل المتكررة افضت الى فرض سيطرتها على منطقة المزارع والتلال بذريعة انها تابعة لسوريا.
لكن ثمة خريطة وضعتها السلطنة العثمانية تشير الى ان المزارع تتبع قضاء حاصبيا ولهذا عندما انشئت دولة لبنان الكبير جرى ضم هذا القضاء بكامله ومن ضمنه المزارع الى الدولة العثمانية.
وأكثر من ذلك فقد ورد في محاضر لجان ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا في العامين 1934 و 1946 أن هذه المزارع هي أرض لبنانية. وقد اصبح هذان القراران نافذين استنادا الى نص القرار 27 RL 35.
لكن اسرائيل احتلت المزارع على مراحل في الأعوام 1967 و1982 و1985 و1989 معتبرة اياها تابعة لسوريا وفقا لإتفاقية فض الإشتباك بين سوريا واسرائيل. لكن النزاع استمر حول معرفة الجهة صاحبة الحق بممارسة السيادة عليها.
لكن هذه المزارع في الحقيقة ليست تابعة لسوريا لأن أعمال ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا الذي قامت به اللجان المشتركة من البلدين قررت أن هذه المزارع هي لبنانية. لكن للأسف لم تأخذ هذه الإجراءات طابعها الرسمي لأسباب مختلفة.
أيضا ووفقا لخارطة فرنسية للعام 1932 يتبين ان منطقة المزارع هي جزء من لبنان في حين ظهر من خارطة أخرى عائدة للعام 1946 أن المنطقة هي جزء من سوريا وتخضع لسلطات هذا البلد منذ استقلاله وحتى قيام اسرائيل باحتلال هضبة الجولان في حرب 1967 وهذا ما جعل اسرائيل تزعم انها تحتل ارضا سورية وليس لبنانية.
من جهة أخرى ارسلت الأمم المتحدة في العام 2000 بعثة خاصة لرسم الحدود الجنوبية لتحديد خط انسحاب القوات الإسرائيلية ما نتج عنه ما سمي «بالخط الأزرق» الذي ابقى المزارع والتلال داخل اسرائيل وقد رفضه لبنان وما يزال لأنه حرمه مساحة كبرى من ارضه واستمر متمسكا بخط الهدنة سيما وأن تصريحات المسؤولين في الحكومة السورية كرروا قولهم أن الأرض هي لبنانيةوليست سورية.
المشكلة حاليا قائمة حول مسألة تطبيق القرار 1701. إن الطريقة الفضلى لتطبيق هذا القرار وانهاء حالة الحرب على الحدود تكمن في اعتراف الأمم المتحدة والعدو الإسرائيلي بأن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا هي ارض لبنانية، وارغام اسرائيل بالتالي على الإنسحاب منها.