الرئيسيةمقالات سياسيةلبنان في مهبّ منخفض حربيّ… “الحــزب” أمام تحدّيات!

لبنان في مهبّ منخفض حربيّ… “الحــزب” أمام تحدّيات!

Published on

spot_img

فاقم التهديد الإسرائيلي باجتياح رفح جنوب قطاع غزة، عند الحدود مع مصر، مخاوف المجتمع الدولي من المغامرة الجديدة التي يستعد لها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وهي لا شكّ تحمل مخاطر نشوب صراع إقليمي إذا قررت القاهرة المواجهة العسكرية وإقفال حدودها لمنع نحو مليون ونصف مليون لاجئ فلسطيني في رفح من العبور إلى شبه جزيرة سيناء.
واجتياح رفح، متى حصل، سيخلق مأساة جديدة ستنتج حكما من التنكيل باللاجئين من الهاربين من قطاع غزة احتماء من الحرب الإسرائيلية على حركة حماس، وباتت من الآن تثير مخاوف انسانية كبيرة وجيوسياسية أكبر.

لا ريب أن نتنياهو يكتب بيده نهايته السياسية. فتحدّيه الإرادة الأميركية بإعادة الإستقرار إلى المنطقة من باب لملمة كارثة الحرب في غزة وتداعياتها في أكثر من دولة، من بينها لبنان، لن يكون بالأمر الهيّن، خصوصا أن واشنطن قبل 7 تشرين الأول 2023 لم تفوّت فرصة من أجل تحجيمه مقدّمة لإبعاده عن السلطة.

صحيح أن عملية «طوفان الأقصى» أخّرت مسعى واشنطن هذا، لكنها باتت راهنا أكثر من وقت مضى على يقين بضرورة تحييد نتنياهو سياسيا، وإحداث الصدمة الإيجابية على مستوى الحكم في تل أبيب. فتداعيات غزة ليست فقط عسكرية وإنسانية، إنما هي أسٍست لتغيير جيوسياسي جذري في المنطقة، وأخّرت، في الموازاة، مساعي التطبيع العربي – الإسرائيلي، وهو أمر بالغ الحيوية لإدارة الرئيس جو بايدن الذي يخوض سباقا عسيرا لولاية ثانية في البيت الأبيض، ويحتاج إلى اختراقات نوعية لتحقيق نقاط التقدّم على منافسه الرئيس السابق دونالد ترامب.

يثير مجمل هذا الواقع مخاوف لبنانية مما قد يذهب إليه نتنياهو في الجنوب. فاجتياح محتمل لرفح يضع لبنان في مهبّ ريح هوجاء لا تنفع معها أي تطمينات دولية بهدوء في المنطقة.

أصلا، تكثّفت في الآونة الأخيرة الرسائل الغربية إلى بيروت المحذّرة من نيات إسرائيل. فكانت الورقة الفرنسية للحلّ انعكاسا لتلك التحذيرات، تماما كما كان متوقّعا رفض حزب الله لها، وهو الرابط أي تهدئة جنوبية أو حتى نقاش في ترتيبات إعادة الإستقرار إلى المنطقة بوقف الحرب الإسرائيلية في غزة. وكان كذلك تمهّل المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكستين في مسعاه التسووي، هو الآخر ترجمة لموقف الحزب. هذا يعني أن لبنان سيبقى خاضعا للمنخفض الحربيّ الواقع فيه حتى إشعار إسرائيلي آخر. وهو ما بدا في التشدّد الذي ظهر عليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والذي كان موجّها الى معارضيه في الداخل بالحدّة نفسها التي طالت إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.

ولئن قُرئ هذا التشدد على أنه انعكاس لتأزم العلاقة بين طهران وواشنطن على خلفية تعثّر مساعي الحلّ في غزة، لا يمكن فصله عن التصعيد الخطر الحاصل جنوبا، وهو بلغ أشدّه في اليومين الأخيرين وتخطّى الخطوط الحمر، وأطاح حكما بقواعد الاشتباك التقليدية التي ظلّت طويلا تحكم المعارك منذ 8 تشرين الاول 2023.
لحزب الله أيضا تحدٍّ آخر داخلي لا يقلّ خطورة، يتمثّل في ما بدر عن الرئيس سعد الحريري من إعادة إثارة حكم المحكمة الدولية القاضي بتجريم عناصر فيه بمقتل الرئيس رفيق الحريري.
لا شكّ أن الحزب قرأ بتمعّن كلام الحريري التلفزيوني الأخير، باعتباره أكثر المعنيين فيه، لا سيما لجهة حديثه عن العقاب لمن قتل الحريري الأب. وسيربطه حكما بالسياق الذي جاءت من ضمنه تلك الرسائل عبر قناة «الحدث».

إلى الآن، لم يحصل اتصال مباشر مع الحزب، والأرجح أنه لن يحصل.
الحريري يكتفي بالتواصل المباشر مع رئيس مجلس النواب نبيه بري القادر بكل اقتدار على إدارة علاقة الثنائي الشيعي به، من دون الحاجة إلى إحراج اللقاء المباشر مع الحزب.

لكن هذا لا يعني أن الحزب لن يُدقّق في سبب هذه الاستعادة الحريرية في هذا التوقيت بالذات، وارتباطها بما هو متوقّع من تغييرات إقليمية في اليوم التالي للحرب على غزة، علما أن ثمة من قرأ في كلام الحريري بداية فكّ ربط النزاع المعلن بينهما، وملاطفة إقليمية من باب الثناء على سياسة تصفير المشاكل التي تتبعها، بدءا من علاقتها مع طهران.
وسبق أن قيل إن من أسباب ما حصل للحريري سعيه إلى تقديم نفسه كقناة حوار بين السعودية وإيران.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...