الرئيسيةمقالات سياسية  لا رئاسة في المدى المنظور: مرحلة مواجهة جديدة بأدوات مختلفة

  لا رئاسة في المدى المنظور: مرحلة مواجهة جديدة بأدوات مختلفة

Published on

spot_img

بين إشاعة أجواء تسهيل حوارات داخلية لتسوية رئاسية، وعودة حزب الله إلى التشدد رئاسياً، لا يمكن النظر فقط إلى ما يحصل محلياً. الإطار الذي تفرضه السعودية  لا رئاسة في المدى المنظور: مرحلة مواجهة جديدة بأدوات مختلفة في إقامة علاقة مع إسرائيل، يلجم أي تطور رئاسي

بين عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، وقبل الانطلاقة الرسمية العلنية لتحرك قطر في بيروت، بدا لخصوم حزب الله أن ثمة هامشاً يعطيه الحزب لنفسه في الملف الرئاسي. فمع فتح خطوط التواصل مع التيار الوطني الحر المتقاطع مع المعارضة حول ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، واللقاء العلني بين الحزب وقائد الجيش العماد جوزف عون، بدأ الكلام عن فتح باب التفاهمات – ولو الأولية – في ملف الرئاسة، حول الخيار الثالث، ولا سيما أن أجواء قطر بعد لقاء الدوحة كانت تتحدّث بجدية عن احتمال إحراز تقدم نتيجة علاقتها مع إيران وحزب الله. وتعزّز هذا الجو مع إقفال لودريان، في آخر زيارتين له إلى بيروت، باب المبادرة الفرنسية وترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ثم تكريس لقاء الدوحة إطاراً سياسياً مكمّلاً لمسار الدول الخمس، وباريس من ضمنها، لانتخاب رئيس من غير المرشحين الاثنين المعلنيْن.
وفي الساعات الأخيرة، أعاد الثنائي الشيعي، وحزب الله المقصود هنا تحديداً، عقارب الساعة إلى الوراء، فأقفل الباب أمام أي إشارات تفاهم حول الاسم الثالث، وأعاد تثبيت ما سبق إعلانه من التمسّك بفرنجية. فعاد الجميع بذلك إلى نقطة الانطلاق الأولى التي بدأت مع انتهاء عهد الرئيس ميشال عون.
ماذا تغيّر في الأيام الأخيرة حتى عاد الثنائي لينفي تراجعه عن دعم فرنجية؟

النقطة البديهية التي يحاول خصوم حزب الله القراءة فيها، تتعلق بمسار تطور العلاقات السعودية – الإسرائيلية. هذا «الانقلاب» المتوقّع، والذي سيترك إرباكات كبرى على المشهد الفلسطيني والعربي والإيراني، تعزّز مع تأكيدات علنية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حول التقدم الحاصل، والمترافق مع خطوات بعيدة عن المشهد الإعلامي. في المسار الإيراني، لا يمكن التهاون مع هكذا تحوّل إستراتيجي، والتسليم بتسويات ظرفية في ساحات المنطقة، تحت مظلة تفاهم سعودي – إسرائيلي، وإن كان التواصل الإيراني – السعودي لا يزال قائماً. لذا كان متوقّعاً أن يعيد حزب الله لجم الجو المتصاعد حول تقدّمه خطوات نحو اسم ثالث، بما في ذلك اسم قائد الجيش العماد جوزف عون، إذ من المبكر الذهاب إلى هذا الشكل من التسويات، قبل جلاء مصير التفاهم المنتظر، وتبعاته على دول المنطقة.
لم يترك حزب الله كثيراً من الوقت كي يسحب من التداول أي ترويج لتنازله عن مرشحه، فأعاد تصويب الوضع كما فعل في المرحلة الأولى التي تلت إعلان الرئيس نبيه بري ترشيح فرنجية. وبعد ضمور هذا الترشيح تباعاً، تبيّن أن تبعات التفاهم السعودي – الإيراني لم تصل إلى لبنان، وأن ما كان انطلق في اليمن، لا يزال حيث هو، وأن خطوات التطبيع مع سوريا جُمّدت تحت وطأة حضور أميركي فاعل. لكن مع ذلك، ظلّت احتمالات التوصل إلى تقاطع بين المعارضة والثنائي قائمة، ومعلّقة على حبل تطور الأداء الفرنسي مع تعيين لودريان، ومن ثم الدخول القطري على الخط، للتوصل إلى مخرج للأزمة الرئاسية.

*العلاقة السعودية – الإسرائيلية تعيد حزب الله إلى التشدّد*

تضاعفت إشارات القلق من الوصول إلى حائط مسدود، بعد لقاء نيويورك الذي فشل في تحقيق أي خطوة متقدّمة، لا بل عكس التجاذب الفرنسي الداخلي حيال رؤية باريس لمخرج الأزمة. فما قاله لودريان أمس، هو استمرار لجو سعودي – قطري – أميركي، ونقاشات حفلت بها اللجنة الخماسية المتنقّلة بين باريس والدوحة ونيويورك، ومع ذلك ظل هناك اتجاه في الإدارة الفرنسية يحاول تقديم المبادرة الفرنسية بنسختها الأولى، ما أدى إلى تدخل واشنطن والرياض للجمها، وتبنّي الدور القطري. لكنّ التحرك القطري جاء مزيجاً من تكليف شبه رسمي من اللجنة الخماسية، ومن سعي إلى تثبيت حضور قطر إزاء الدور الفرنسي. لذلك لا يمكن لقطر أن تقدّم اسماً واحداً كإطار تفاوض وحيد ولو كان مرشحها معروفاً. فالرياض وواشنطن لم تتبنّيا بعد أي مرشح ولا حتى إقرار إجراء الانتخابات الرئاسية عملياً وليس شكلياً. لذا جاء التحرك القطري للدفع نحو تكريس تراجع حزب الله، تحديداً، والمعارضة عن مرشحيهما نحو اسم ثالث، وهو الأمر الذي لاقاه به لودريان أمس. لكنّه اصطدم بتشدد الحزب والتمسّك بمرشحه من دون أي التباس. هذا يعني، في الدرجة الأولى، إعلاناً مبكراً لفشل التحرك القطري، لأن الخيار الثالث مرفوض من الثنائي، قبل البحث في لائحة الأسماء، ولا سيما أن بعض الأسماء المتداولة غير جدّية بالمطلق، وقد طُرحت لمجرد تأكيد صيغة الخيار الثالث، قبل غربلة الأسماء. وفي الدرجة الثانية، يعني أن معارضي تسوية قائد الجيش مرشحاً ثالثاً، وبالتحديد التيار الوطني الحر ولو عُرضت أسماء أخرى للتداول، ارتاحوا لتشدد الثنائي، لأن عدم وصول قائد الجيش لا يعني أبداً وصول فرنجية. وبذلك، يُعطى هذا الفريق مزيداً من الوقت قبل وصول ترشيح عون إلى حائط مسدود، ولا سيما أن خشية التيار كانت كبيرة من تأثيرات الضغط القطري، بكل ما يحمل من سوابق، على الثنائي. وفي الدرجة الثالثة يعني أن التشدد الذي عاد إليه الثنائي يلاقي، بطريقة مختلفة، عدم اتخاذ واشنطن أي قرار في شأن لبنان. الأمر الذي يعيد تأكيد الثابتة الوحيدة، وهي أن لا رئاسة في المدى المنظور، وأن مرحلة مواجهة جديدة بدأت بأدوات مختلفة.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...