الرئيسيةمقالات سياسيةلا أحد يريد انتخاب رئيس للجمهوريّة

لا أحد يريد انتخاب رئيس للجمهوريّة

Published on

spot_img

ثلاثة عناوين لا يمكن تجاوزها في مباشرة الاستحقاق الرئاسي وما سيليه من استحقاق حكومي عبر تسمية النواب لرئيس الحكومة وقيام الأخير بالتعاون مع رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة الأولى في العهد الجديد:
1- الملفّ الاقتصادي والنقدي وما يتضمّنه من إصلاحات اقتصادية ونقدية ووضع رؤية واضحة لكيفية التعامل مع صندوق النقد الدولي وسبل ردم الفجوة المالية عبر توزيع عادل للخسائر.
2- الملفّ الدستوري والقضائي لمعالجة وتشذيب الحياة السياسية من الأعراف الدستورية التي مارسها عهد الرئيس ميشال عون والمعروفة بفتاوى الوزير سليم جريصاتي. وذلك عبر تثبيت دستور الطائف بكلّ مندرجاته بعدم استعمال المناطق الرمادية في النصوص لافتعال مواجهات مع رئيس الحكومة كسابقة الدرّاج حامل المراسيم والقرارات…!
3- ملفّ الحرب والسلم عبر إطلاق طاولة البحث بالاستراتيجية الدفاعية وفقاً لجدول أعمال واضح محدّد الزمن والتوقيت.

إعادة تكوين السلطة
يغفل المتناطحون والمتصارعون على اسم الرئيس العتيد للجمهورية أنّ المسألة ليست مجرّد اسم من هنا أو اسم من هناك. فلو رشّح الثنائي الشيعي جهاد أزعور لعارضت القوى المسيحية، وتحديداً التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، هذا الخيار. العكس صحيح أيضاً، لو كان سليمان فرنجية مرشّح التيار والقوات اللبنانية لكان الثنائي الشيعي أوّل المعارضين لانتخابه.

حلقة فقدان الثقة بين الأطراف اللبنانية لا يمكن كسرها إلا برعاية إقليمية تحمل تسوية قادرة على إخضاع الجميع في صندوق الاقتراع للرئيس الجديد
ما تتجاهله كلّ الأطراف اللبنانية أنّ ما يجب العمل عليه ليس انتخاب رئيس للجمهورية ونقطة على السطر، بل لا بدّ من الولوج في عملية إعادة تكوين للسلطة على أسس متينة بحيث تقوم على ثلاثة أعمدة:
1- التكامل ما بين هويّة رئيس الجمهورية المقبل وهويّة رئيس الحكومة الأولى في العهد. والتكامل هنا ليس تشابهاً من شأنه أن يُحدث تصادماً بالمهمّات والرؤى بقدر ما هو تكامل من أجل تحصين الأداء السياسي والاقتصادي للعهد.
2- تشكيل حكومة لا تكون لإدارة الاشتباك السياسي الذي لن يتوقّف، بل لإدارة الملفّات التي يجري التوافق على مباشرتها وذُكرت في أوّل المقال.
3- أن تكون صورة رئيسَي الجمهورية والحكومة عند المجتمعَين العربي والدولي على مثال الاصلاحات التي يعوَّل عليها في مساعدة لبنان على تجاوز محنته في الاقتصاد والمال، وأيضاً في صياغة استراتيجية دفاعية لا يمكن أن تقَرّ بدون رعاية دولية إقليمية، صورةً توحي بالثقة والالتزام بما تمّ التعهّد به إن في خطاب القسم أو في البيان الوزاري للحكومة الأولى.

رحلة البحث عن الثقة
لا يحتاج السياق أعلاه إلى اسم معيّن لرئاسة الجمهورية أو لخيار ثالث، فسليمان فرنجية قادر على مباشرته بفعّالية أقلّه في بندَين، وجهاد أزعور بدوره قادر على العمل عليه أقلّه في بندَين من ثلاثة. ما يحتاج إليه الواقع السياسي المأزوم هو ثقة الجميع بالجميع، وهو أمر مفقود حالياً. إذ لا تثق القوات اللبنانية بالتيار الوطني الحر وترتاب من صفقة فجائية بين الحزب والتيار. والثنائي الشيعي فقد ثقته بالتيار ولا يلتقي بأيّ شكل من الأشكال مع القوّات. فيما السُّنّة لا يثقون بأيّ من الأطراف الذين لكلّ واحد منهم ألف قصّة وقصّة. فيما النائب وليد جنبلاط حذِر تجاه الجميع، وهو المدرك أنّ الصفقات على حسابه دائماً وأبداً.

حلقة فقدان الثقة بين الأطراف اللبنانية لا يمكن كسرها إلا برعاية إقليمية تحمل تسوية قادرة على إخضاع الجميع في صندوق الاقتراع للرئيس الجديد. إلا أنّ السؤال المطروح: هل من رغبة إقليمية بإنجاز تسوية كهذه في هذه المرحلة؟ واستطراداً هل من جهة إقليمية أنشأت غرفة عمليات لدعم سليمان فرنجية أو جهة إقليمية أخرى وضعت خطة لدعم جهاد أزعور؟
أرست الجلسة الأخيرة لانتخاب رئيس للجمهورية في مجلس النواب، بعيداً عن بورصة الأرقام والأصوات، حقيقةً واحدةً، وهي أن لا أحد في الداخل أو الخارج يريد انتخاب رئيس للجمهورية في هذا الوقت، ليس اعتراضاً على اسم من الأسماء بل لأنّ الملفّات الثلاثة التي لا يمكن تجاوزها لا يملك أحد الجرأة ولا القدرة على تبنّيها أو ربّما على الأقلّ مناقشتها. فلا الداخل مستعد لمغادرة المربع الذي يقبع فيه مع حالة فقدان استشعار لما يجري في الإقليم، ولا أحد في الخارج يريد أن يصطدم بأحد. فالتسوية الخارجية لم تنضج بعد.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...