الرئيسيةمقالات سياسيةفرنسا “تحيي” مبادرتها اللبنانية.. وما يهمّ “الحزب” مكاسبه الاستراتيجية

فرنسا “تحيي” مبادرتها اللبنانية.. وما يهمّ “الحزب” مكاسبه الاستراتيجية

Published on

spot_img

تستأنف فرنسا تفعيل مبادرتها حيال لبنان. تلك المبادرة التي كانت قد أطلقتها في العام 2020 عقب تفجير مرفأ بيروت، والتي مرّت أمام عقبات وتعثرات كثيرة، فلم تصل إلى أي نتيجة. حالياً، تتخذ باريس من كل التطورات الحاصلة في الجنوب فرصة لإعادة تثبيت دورها وحضورها على الساحة اللبنانية، إنطلاقاً من البحث عن سبيل للوصول إلى وقف إطلاق النار. وعليه، يمكن تلخيص زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية بأنها تبحث في توفير الضمانات لإسرائيل، وكيفية تطبيق القرار 1701. لكن ذلك لا ينفصل أيضاً عن الرغبة الفرنسية في إنجاز تسوية متكاملة في لبنان، تبدأ من الجنوب وتنسحب على الملف الرئاسي. وهي تنظر إلى قرار التمديد لقائد الجيش جوزيف عون بأنه “بروفا” ناجحة لما طلبته وشددت عليه مع مجموعة الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني.

السلة المتكاملة
بالنسبة إلى باريس، فإن إنجاز التمديد لقائد الجيش يمكن أن ينسحب على الانتخابات الرئاسية. وهي ترى أن تمرير حزب الله للاستحقاق وغض النظر في البرلمان لتمريره، يمكن أن يكون له انعكاس بالملف الرئاسي لاحقاً، خصوصاً أن فرنسا كانت قد دعت الأفرقاء اللبنانيين إلى الذهاب نحو مرشح ثالث، وهي من بين من يعتبرون أن قائد الجيش جوزيف عون هو هذا المرشح، الذي يمكن تحقيق التوافق حوله، كما حصل في ملف التمديد.
وبحال نجحت باريس في ذلك، فهي ستذهب إلى طرح ما يعرف بالسلة المتكاملة حول إعادة تكوين السلطة. أي اختيار رئيس الحكومة وتشكيلتها وبرنامج العمل. لكن هذا الكلام كله يبقى مؤجلاً إلى ما بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة وانسحابه على الجنوب.
ما يصر عليه الفرنسيون أن تحركاتهم منسقة مع الدول الخمس ومع الولايات المتحدة الأميركية بالتحديد، في سبيل الوصول إلى تكريس الاستقرار في الجنوب. هذا تماماً ما أعلنته فرنسا تماماً في العام 2020 وما تلاها بعد إطلاق المبادرة، ليتبين أنها لم تكن على انسجام مع الدول الخمس في كل مندرجات المبادرة. وبالتالي، لا بد من طرح السؤال الأساسي إذا كان التنسيق هذه المرة أكثر فعالية وانسجاماً.

صيغة تطبيقية للقرار 1701
وجهة النظر الفرنسية لها ما يعارضها في لبنان، خصوصاً أن تمرير حزب الله لقرار التمديد لقائد الجيش له أكثر من بعد. البعد الأول، هو عدم الإصطدام بكل المسيحيين ولا بالجو الدولي. البعد الثاني، إيصال رسالة مباشرة إلى جبران باسيل بأنه لو سار بخيار سليمان فرنجية للرئاسة لما كان وصل الوضع إلى ما وصل إليه. ثالثاً، هناك من يعتبر أن الحزب وفي ضوء ما حصل سيتمسك أكثر بسليمان فرنجية، الذي تماهى مع جو داخلي ودولي في التمديد لقائد الجيش. فالحزب سيكون بحاجة إلى رئيس يثق به. وبالتالي، هو لن يتخلى عن فرنجية. وجهة النظر هذه تتعارض مع وجهة نظر أخرى، تعتبر أن الحزب يريد تحقيق أهداف استراتيجية تتصل بدوره في محور المقاومة ووضع الجنوب. ولذا، يمكنه تقديم تنازلات في رئاسة الجمهورية مقابل تحصيل تلك المكاسب.
عملياً، بموجب التحركات الدولية والداخلية، فسيكون لبنان بحاجة إلى سلوك مسار ترتيب الوضع وفق القرار 1701، بناء على طريقة تطبيقه في العام 2006 لا أكثر. واعتماد نموذج لا يكون مزعجاً للقوى الدولية، خصوصاً أن الاتفاق سيكون مع الحزب وليس مع أحد آخر، طالما أن الدولة قد أصبحت على درجة عالية من الهشاشة وانعدام القدرة على اتخاذ القرار. وهو ما سيرسخ وضعية الحزب في الحل والربط.
من الواضح أن حزب الله لا يريد أن يُستدرج إلى حرب لا يريدها ولا يختار توقيتها. لذلك يجري حسابات دقيقة جداً، خصوصاً في ضوء الهجمة الدولية والديبلوماسية، ومن قبل الفرنسيين والأميركيين بالتحديد، وهو لا يمكنه عدم مراعاة الوضعية الإيرانية في المنطقة، وسعي طهران إلى الحفاظ على خطوط موصولة مع كل القوى والجهات.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...