الرئيسيةمقالات سياسيةفرنجيّة في خطابه الثاني للمسيحيّين: لا تكرّروا تجربة الـ90

فرنجيّة في خطابه الثاني للمسيحيّين: لا تكرّروا تجربة الـ90

Published on

spot_img

هو لقاء رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الثاني مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الذي يخرج منه فرنجية مقدّماً قراءته على طريق قصر بعبدا. ولكنّ كلامه هذه المرّة بدا حمّالاً لرسائل أكثر، رسائل للمملكة العربية السعودية وللقوى المسيحية المعارضة لرئاسته على حدّ سواء. لذلك لا بدّ بهدوء من قراءة الرسائل ومدى ملاءمتها لواقع الحال وواقع المواقف الواضحة وضوح الشمس. وربّما أهمّ الرسائل عبرت الإقليم ليقول فيها فرنجيّة للمسيحيين: احذروا من رياح التسوية الآتية. كونوا مشاركين فيها لا معارضين فيتمّ إخراجكم كما سبق أن خرجتم في التسعين.
هل أصاب فرنجيّة بمقاربته هذه؟
حتماً ستجيب الأيام المقبلة على هذه الفرضيّة. بالانتظار لا بدّ من قراءة خطابه من الصرح ربطاً بمواقف القوى المختلفة وأحداث المنطقة.

رسالة فرنجيّة إلى السعوديّة
مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، الالتزام بصندوق النقد، عودة النازحين السوريين، نسج علاقات جيّدة مع المحيط العربي، وتحديداً مع المملكة العربية السعودية، هي عناوين قدّمها فرنجية على أنّها مقاربته الرئاسية في حال دخل قصر بعبدا. واللافت هنا أنّ فرنجيّة متريّث جدّاً في خطوة إعلان ترشُّحه، بل يستعيض عنها بأنّه “مطروح” للرئاسة ولديه مقاربته لذلك. مصادر دبلوماسية تعلّق قائلةً إنّ ما أعلنه فرنجية كان سبق أن طلب منه الفرنسيون أن يتعهّد به علناً، وها هو قد اختار أن يفعل ذلك من صرح بكركي قبل أن يطلّ في حلقة تلفزيونية خاصة مع الزميل جورج صليبي على قناة الجديد.

يختلف الثنائي المسيحي على الكثير، لكنّهما توافقا في قراءتهما رسائل فرنجية. لم ينزل كلامه برداً وسلاماً عليهما

غير أنّ ما فات فرنجية في مقاربته هذه أنّها تناقض ما أعلنه في السابق في عدد من العناوين على الأقلّ، وأبرزها العلاقة مع المملكة. ما هي إلا ساعات حتى انتشرت تغريدة لفرنجية كتبها في مثل هذه الأيام من عام 2015 قال فيها إنّه مع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله حتى النهاية في موقفه من الحرب السعودية على اليمن. ما تزال التغريدة في “حساب” فرنجية العالق مع المملكة، والمكشوف على تويتر، لا بل إنّ أحدث محطّة لا تصبّ في مصلحة فرنجية وما تزال راسخة في الأذهان هي أزمة وزير الإعلام السابق جورج قرداحي وردّة فعل رئيس المردة على الأمر. وهو لم “يتراجع” في هذا الملفّ بعد.
في مقاربته المنفتحة تجاه المملكة يعوّل فرنجية اليوم على تقاطع إقليمي، ولا سيّما بعد زيارة وزير الخارجية السعودي لدمشق. لا شيء مستحيل في بلادنا ويمكن لمواقف السنوات الماضية أن تمحوها رياح التسوية. حتى الساعة لا معلومات عن تسوية مماثلة، لكن حتى لو حصلت فإنّ فرنجية تنتظره محطّات أخرى عليه أن يتجاوزها .
– ضرورة حصول تسوية حول اسمه، وهو أمر ليس محسوماً بعد.
– ضرورة حضور 86 نائباً إلى مجلس النواب لتأمين النصاب، وهو أمر تؤكّد المعارضة أنّها ليست بوارد تحقيقه لتأمين انتخاب فرنجيّة بـ65 صوتاً.
– ضرورة أن يحظى فرنجية بغطاء مسيحي حقيقي وليس بالمفرّق، وهذا أمر لم يحصل بعد.

فرنجيّة والراعي
في لقائه مع الراعي قدّم فرنجية مجموعة الضمانات التي قدّمها خطّياً للفرنسيين، فقال له البطريرك إنّ موقف السفير السعودي وليد البخاري ليس لمصلحته، فأجابه فرنجيّة بأنّ هناك من يدعمه داخل المملكة. ثمّ دعا الراعي فرنجية إلى محاورة القوى المسيحية لأنّ الرئاسة تتطلّب حدّاً أدنى من التوافق المسيحي، فأجابه فرنجية: “قل لهم، أنا بدّي حاور، هنّي ما بدّن”.
خرج فرنجية وأرسل رسائله باتّجاه المسيحيين محذّراً إيّاهم من أن يكونوا كـ”داعش” التي انتهى منطقها في الإقليم، ودعاهم إلى أن يدخلوا في التسوية المقبلة.

تقول مصادر القوات لـ”أساس” إنّ جعجع اختار أن يطلّ الأحد المقبل ليؤكّد مواقفه، ويجيب على مقاربة فرنجية الرئاسية وتحذيره المسيحيين من الخروج من التسوية

قراءة القوى المسيحية
يختلف الثنائي المسيحي على الكثير، لكنّهما توافقا في قراءتهما رسائل فرنجية. لم ينزل كلامه برداً وسلاماً عليهما: “هل يصف فرنجية المسيحيين بأنّهم دواعش لأنّهم يعارضون انتخابه؟ وهل يحذّرهم من عدم الدخول في التسوية كما حصل في الطائف؟”.
هذه ليست فقط تساؤلات على لسان مصادر القوات والتيار، بل هي محطّ استغراب ودهشة ومعارضة على حدّ سواء. تشير مصادرهما إلى أنّ الظروف تغيّرت بين 2016 واليوم، وما عادت ظروف ميشال عون الذي كان يتمتّع بشعبية كبيرة لدى المسيحيين هي الظروف نفسها التي تحكم المنطقة ولبنان. ولو حصلت التسوية التي يتحدّثون عنها، فإنّ فرنجية لن يصل إذا قرّر الثنائي المسيحي أن يمنعه. ميشال عون في عزّ قوّته احتاج إلى سعد الحريري وسمير جعجع. تبدو الصورة اليوم مختلفة، على الأقلّ حتى يومنا هذا.
تقول مصادر القوات لـ”أساس” إنّ جعجع اختار أن يطلّ الأحد المقبل ليؤكّد مواقفه، ويجيب على مقاربة فرنجية الرئاسية وتحذيره المسيحيين من الخروج من التسوية. سيكرّر جعجع ما قاله في قدّاس شهداء زحلة: “ما رح تفوتوا على القصر”. أمّا التيار الوطني الحرّ فما يزال على موقفه، واصفاً ما يحصل بأنّه عملية تهويل كبيرة يخوضها فريق فرنجية.
وأمام الكلام عن التهويل وحسم الملف لمصلحة فرنجية بناء على معطيات فرنسية لمصلحته، كان لافتاَ جداً توقيت إصدار الخارجية الفرنسية بياناً رسمياً حول لبنان. وأكّدت المتحدثة باسم الخارجية آن كلير لوجاندر أنّ لا مرشّح رئاسيّ لباريس في لبنان قائلة خلال مؤتمر صحافي “على اللبنانيين اختيار قادتهم”.
وأضافت “يتعلّق الأمر بانتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة مع كامل الصلاحيات، تكون قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يحتاجها لبنان والشعب اللبناني بشكل عاجل في مواجهة الأزمة الخطيرة التي يمرّان بها”.

معروف عن فرنجية أنّه عفوي، صادق في تعبيره. ربّما تخونه صراحته في التعبير. ولكنّ من يُعدّ نفسه للرئاسة لا يمكنه إغفال أنّه سيحاسَب على كلّ كلمة. فهل تجري الرياح كما يشتهي فرنجية؟
ربّما. لا شيء مستحيل.
ولكن حتى اليوم على الأقلّ ليست طريقه سالكة وعليه القيام بالكثير وانتظار تبدّل موازين القوى. ولكنّ الأهمّ أنّ “التهويل بالفراغ” لن يأتي به رئيساً.

أحدث المقالات

جلسة 14 حزيران و”السيناريوات” المحتملة… من يريد “اغتيال” فرنجية؟

وإن قُرِئت خطوة ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، بأنّها "مناورة سياسية"، لكنها حرّكت المياه...

لماذا يَرفض “الثنائيّ الشيعيّ” جهاد أزعور؟

يؤكد مطّلعون على مسار الطبخة الرئاسية أنّ تلاقي قوى المعارضة المسيحية ونوّاب “التغيير” والتيار...

استياء كبير في عين التينة

جاء في “الأخبار”: تقول مصادر الثنائي الداعم لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية إن «الجلسة قائمة»،...

بعد قرار ماكرون.. مواعيد للسفيرة

جاء في “الأخبار”: يُفترض أن تعود إلى بيروت خلال ساعات السفيرة الفرنسية آن غريو التي...

المزيد من هذه الأخبار

سيناريو متخيل لزيارة البطريرك لباريس

لم تحسم زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى باريس الضبابية السائدة، إزاء الموقف...

هل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد في المنطقة؟

تساءلنا في مقالة سابقة عما إذا كنا ننتظر ولادة نظام إقليمي جديد في الشرق...

إستقواء باسيل بجعجع لكسر كلمة نصرالله

يخيّل للمرء، وهو يراقب معركة استيلاد ساكن جديد للقصر الرئاسي، أنّ زوايا الكوكب تهتز....

سماسرة الأزمات يتاجرون بمصائر 400 مليون عربي..

مأساة الصراعات العربية والإقليمية أنّه لا يوجد طرف جانٍ وطرف مجنيّ عليه. كلاهما في...

نحو «تنصيب» رئيس لا يرأس

ساعات ترقّبٍ ثقيلة عاشها اللبنانيون على امتداد الساعات الـ48 الأخيرة، بانتظار جلاء ما في...

إيران… من بدأ المأساة ينهيها!

الجميع بانتظار ما ستقدمه إيران من أفعال وإجراءات تنفذ على أرض الواقع تتناسب مع...

باسيل يتطلّع إلى “الحزب” وبرّي ينتظر تأييده لأزعور

بات كلّ ترشيح في وجه مرشّح "الثنائي الشيعي" رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية مدعاة...

القاهرة – طهران بعد 45 عاماً.. التطبيع ما يزال بعيداً

قلتُ لسائق التاكسي الذي تجاوز السبعين عاماً: هل تعرف شارع مصدّق في حيّ الدقّي؟...

لا تحْمِلــوا موضوع الإستحقاق الرئاسي إلى عواصم القرار في نعش تُدفن فيه جميع الحقائق

بات معلوماً أنّ الوضع السياسي العام في لبنان خطير للغاية بعد مرور فترة من...

النواب “الأقوياء” لن ينشقّوا ولن ينصاعوا: باسيل يفقد سيطرته

محاولات تقويض رئيس التيار الوطني الحرّ، جبران باسيل، قديمة، ومستمرة. تعود إلى ما قبل...

إستقالة زعيم التقدمي الإشتراكي: قراءة في حكمة كمال جنبلاط بين الحزب والضمير

الحدث السياسي الأبرز على مستوى انتخابات الرئاسة في لبنان لم يكن في تبادل الإتهامات...

متى رئيس «صُنع في لبنان»؟

ليس لأنني أمضيتُ بضع سنوات سفيراً لبلاد الخير والطمأنينة وإحترام الذات الإنسانية (المملكة العربية...

إنقلاب ناعم في ميرنا الشّالوحي: كان الله في عون باسيل!

احتدمت المعركة الرئاسية فأخرج كلّ فريق ما بجعبته من مواقف وخيارات كانت مضمرة طيلة...

اعتذار إلى «ميشا»

يتمتع أهل نيويورك وسكانها الحاليون بالأعمال الفنية التي تركها جار قديم منذ مائة عام،...

باسيل والحزب: عصر المناورات

الرسالة الحادّة التي وجّهها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد في شأن ترشيح جهاد...