الرئيسيةمقالات سياسيةغزّة و«الجنوب» حلبة إسقاط التفاهم الإيراني - السعودي؟!

غزّة و«الجنوب» حلبة إسقاط التفاهم الإيراني – السعودي؟!

Published on

spot_img
لطّف الإتفاق الإيراني- السعودي العلاقات بين الدول الاسلامية، وأعاد ترتيب الأولويات وخصوصا تلك التي في مناطق النفوذ والتأثير الإيراني في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وغزة. في المقابل، نجحت المملكة العربية السعودية في فرض نفسها لاعبا إقليميا بفعل نجاحها في رسم مسار جيوستراتيجي جديد جعل الصين، أو يكاد، في قلب الشرق الأوسط بما يُسهّل حكما بدء تنفيذ الحلم التاريخي المتمثّل في مبادرة الحزام والطريق في شقّها الشرق الأوسطي، قافزة فوق الحصار الأميركي المضروب عليها في الشرق الأقصى.
لكن هذه النقلة الإستراتيجية لن تمرّ مرور الكرام. فاللعب بالتوازنات وبقواعد الإشتباك ليس من اليسير أن تتقبّله دول كبرى، فكيف الحال إذا كان هذا المسّ يطال مباشرة الولايات المتحدة الأميركية، واستطرادا اسرائيل؟
ينظر مسؤولون لبنانيون بقلق الى التطورات العسكرية البالغة الخطورة في غزة، لاعتقادهم بوجود ترابط وثيق بينها وبين الدينامية الإقليمية والإنزياح غير المسبوق في خطوط العرض السياسية.
في نظر هؤلاء، التصعيد بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي كذراع إيرانية رئيسية، هو وجه من وجوه التصدّي الإسرائيلي- الأميركي للتفاهم السعودي- الإيراني ولإدخال الصين إلى المنطقة، الأمر الذي يتطلّب حذرا بالغا من إمكان انتقال هذا الوجه الجديد للصراع الإقليمي- الدولي الى لبنان من البوابة الجنوبية.
استوجبت هذه الهواجس، معطوفة على نظرية توحيد الجبهات وتشابك الساحات التي عمل حزب الله على إبرازها في الآونة الأخيرة، إرسال الجيش وقوات اليونيفيل التعزيزات العسكرية وتكثيف الدوريات المشتركة خشية أي تصعيد صاروخي، في وقت سُجّل ظهور عسكري علني للحزب، بالتزامن مع حديث ممثل حركة «حماس» في لبنان أحمد عبد الهادي، عن «ردّين على العدوان الصهيوني على غزّة، الأول تمَّ تفعيله وهو ردّ ناعم ولكنّه مؤثّر وذو نتائج عظيمة والثاني خَشِن مزلزل وهو قادم ولن يتأخّر كثيراً».
وكانت إسرائيل قد نقلت إلى لبنان عبر قيادة اليونيفيل وجهات إقليمية، تحذيرا من إمكان أن تكرر فصائل فلسطينية استخدام الجنوب ساحة لإطلاق الصواريخ، في حين كان المجلس الأمني الإسرائيلي يؤكّد أن تل أبيب «لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي ردّ من الأراضي اللبنانية».
ويتوقّف المسؤولون اللبنانيون عند تزامن التطورات في غزة مع زيارة المسؤول عن الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي بريت ماكغورك الى تل أبيب ولقائه برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عشية بدء الأعمال العسكرية، في سياق الغضب الأميركي من اللعب في التوازنات في المنطقة نتيجة التفاهم السعودي- الإيراني، فيما كان مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يزور الرياض من أجل محاولة ضمها الى مشروع المواجهة مع الصين عبر مبادرة دمج جنوب آسيا والشرق الأوسط.

زيارة سوليفان في سياق تفعيل مجموعة I2U2 لمواجهة النفوذ الصيني

ومن ضمن الأفكار الأميركية مشروع مشترك ضخم لبناء خطوط السكك الحديدية والربط البحري والطرق، لربط شبه القارة الهندية في جنوب آسيا بالشرق الأوسط.
وتأتي زيارة سوليفان في سياق تفعيل مجموعة I2U2، التي تضم إسرائيل والإمارات والهند والولايات المتحدة، ويُنظر إليها على أنها إطار لمواجهة نفوذ الصين في المنطقة.
وكان لافتا الإتصال الذي أجراه سوليفان، يوم الأربعاء، بنظيره الإسرائيلي تساحي هنجبي، وشدد فيه على ضرورة تهدئة التوتر،لافتا إلى استمرار الجهود في المنطقة للتوصل لوقف إطلاق النار، ومؤكدا على ضرورة تهدئة التوتر، ومنع إراقة المزيد من الدماء. لكنّه في الوقت عينه أكد «دعم الإدارة الأميركية الحازم لأمن إسرائيل، وحقها في الدفاع عن شعبها من الهجمات الصاروخية العشوائية». وفي العبارة الأخيرة تكمن حقيقة موقف الإدارة الأميركية التي لا تزال تعلي المصلحة الإسرائيلية في المنطقة على أي مصلحة أخرى.
ولا يخفى أن الحكومة الإسرائيلية تعارض بشدة الإتفاق السعودي – الإيراني، وأنها تنظر في السبل الآيلة إلى إجهاضه، من بينها تصعيد عسكري محتمل من الباب النووي الإيراني.
فهل ثمة من يراكم الأزمات في بقعة صغيرة ومحددة من أجل أن تنفجر دفعة واحدة فتعيد المنطقة إلى ما قبل الإتفاق؟

أحدث المقالات

جلسة 14 حزيران و”السيناريوات” المحتملة… من يريد “اغتيال” فرنجية؟

وإن قُرِئت خطوة ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، بأنّها "مناورة سياسية"، لكنها حرّكت المياه...

لماذا يَرفض “الثنائيّ الشيعيّ” جهاد أزعور؟

يؤكد مطّلعون على مسار الطبخة الرئاسية أنّ تلاقي قوى المعارضة المسيحية ونوّاب “التغيير” والتيار...

استياء كبير في عين التينة

جاء في “الأخبار”: تقول مصادر الثنائي الداعم لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية إن «الجلسة قائمة»،...

بعد قرار ماكرون.. مواعيد للسفيرة

جاء في “الأخبار”: يُفترض أن تعود إلى بيروت خلال ساعات السفيرة الفرنسية آن غريو التي...

المزيد من هذه الأخبار

سيناريو متخيل لزيارة البطريرك لباريس

لم تحسم زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى باريس الضبابية السائدة، إزاء الموقف...

هل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد في المنطقة؟

تساءلنا في مقالة سابقة عما إذا كنا ننتظر ولادة نظام إقليمي جديد في الشرق...

إستقواء باسيل بجعجع لكسر كلمة نصرالله

يخيّل للمرء، وهو يراقب معركة استيلاد ساكن جديد للقصر الرئاسي، أنّ زوايا الكوكب تهتز....

سماسرة الأزمات يتاجرون بمصائر 400 مليون عربي..

مأساة الصراعات العربية والإقليمية أنّه لا يوجد طرف جانٍ وطرف مجنيّ عليه. كلاهما في...

نحو «تنصيب» رئيس لا يرأس

ساعات ترقّبٍ ثقيلة عاشها اللبنانيون على امتداد الساعات الـ48 الأخيرة، بانتظار جلاء ما في...

إيران… من بدأ المأساة ينهيها!

الجميع بانتظار ما ستقدمه إيران من أفعال وإجراءات تنفذ على أرض الواقع تتناسب مع...

باسيل يتطلّع إلى “الحزب” وبرّي ينتظر تأييده لأزعور

بات كلّ ترشيح في وجه مرشّح "الثنائي الشيعي" رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية مدعاة...

القاهرة – طهران بعد 45 عاماً.. التطبيع ما يزال بعيداً

قلتُ لسائق التاكسي الذي تجاوز السبعين عاماً: هل تعرف شارع مصدّق في حيّ الدقّي؟...

لا تحْمِلــوا موضوع الإستحقاق الرئاسي إلى عواصم القرار في نعش تُدفن فيه جميع الحقائق

بات معلوماً أنّ الوضع السياسي العام في لبنان خطير للغاية بعد مرور فترة من...

النواب “الأقوياء” لن ينشقّوا ولن ينصاعوا: باسيل يفقد سيطرته

محاولات تقويض رئيس التيار الوطني الحرّ، جبران باسيل، قديمة، ومستمرة. تعود إلى ما قبل...

إستقالة زعيم التقدمي الإشتراكي: قراءة في حكمة كمال جنبلاط بين الحزب والضمير

الحدث السياسي الأبرز على مستوى انتخابات الرئاسة في لبنان لم يكن في تبادل الإتهامات...

متى رئيس «صُنع في لبنان»؟

ليس لأنني أمضيتُ بضع سنوات سفيراً لبلاد الخير والطمأنينة وإحترام الذات الإنسانية (المملكة العربية...

إنقلاب ناعم في ميرنا الشّالوحي: كان الله في عون باسيل!

احتدمت المعركة الرئاسية فأخرج كلّ فريق ما بجعبته من مواقف وخيارات كانت مضمرة طيلة...

اعتذار إلى «ميشا»

يتمتع أهل نيويورك وسكانها الحاليون بالأعمال الفنية التي تركها جار قديم منذ مائة عام،...

باسيل والحزب: عصر المناورات

الرسالة الحادّة التي وجّهها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد في شأن ترشيح جهاد...