الرئيسيةمقالات سياسية“ضمانات” مقابل الرئاسة: هل يُقايض المسيحيّون؟

“ضمانات” مقابل الرئاسة: هل يُقايض المسيحيّون؟

Published on

spot_img

حتى الآن يبدو أنّ الرياح الرئاسية تسير بعكس ما تشتهي سفن «الثنائي الشيعي» ولا تتجه شمالاً إلى عرين رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية، خصوصاً بعد بيان اللجنة الخماسية من أجل لبنان في الدوحة، الاثنين الفائت. لكن على رغم هذا المعطى معطوفاً على الرفض المسيحي لفرنجية رئيساً للجمهورية والفشل في تأمين أكثرية النصف زائداً واحداً له وتعذّر تأمين النصاب لانتخابه وسقوط المبادرة الفرنسية، لا يزال «الثنائي» على موقفه رئاسياً ولم ينسحب فرنجية من المعركة. كذلك وعلى رغم الحوار المتجدّد بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» لا يزال «الثنائي» يتمسّك بمرشحه «ممانعاً» الخيارات الأخرى التوافقية.

الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله كان أعلن أن لا رغبة في طرح أي تعديلات دستورية أو تغيير في النظام، معتبراً أنّ فرنجية «ضمانته» على غرار الرئيسين السابقين إميل لحود وميشال عون. ولا يبدو أنّ تهديد اللجنة الخماسية بـ»إجراءات» ضدّ الذين يعرقلون انتخاب رئيس أرخى ترجمات عملية فورية لدى «الثنائي».

إزاء ذلك، وبعد ما يقارب التسعة أشهر على الفراغ الرئاسي، هل تصبح المعادلة: «ضمانات» للمسيحيين مقابل انتخاب مرشح «الضمانة» لـ»الثنائي الشيعي»؟ وهل يُرخي الفراغ مترافقاً مع اهتزازات اقتصادية تلوح في الأفق مع اقتراب انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان، وما قد يستتبعها من خضات، «الخوف» لدى المسيحيين بمختلف تنوعاتهم السياسية وكتلهم النيابية، فيرضخون لمعادلة تحصيل ما يُمكن تحصيله بدلاً من وقوع الهيكل برمّته؟

البعض يرى أنّ على المسيحيين ولوج غمار الحوار، وفرض «المقايضة» التي تناسبهم، لكي يحصلوا على ضمانات أساسية و»تغييرية» و»إصلاحية» و»وجودية» مقابل انتخاب فرنجية، ومنها اللامركزية الإدارية الموسّعة. وكان لافتاً قول عضو تكتل «لبنان القوي» النائب أسعد درغام في حوار تلفزيوني خلال هذا الأسبوع: «أعطونا ضمانات ببناء الدولة، وبعدها ليس لدينا مشكلة مع أي اسم»، مشيراً إلى أنّ هناك «ملفات عدة يجب الاتفاق عليها مع «حزب الله»، ومنها الصندوق السيادي واللامركزية الإدارية». فهل يسير رئيس «التيار» جبران باسيل بهذه المعادلة خصوصاً إذا كان البديل انتخاب قائد الجيش رئيساً، فيختار باسيل كأس انتخاب فرنجية الأقل مرارةً من كأس انتخاب العماد جوزاف عون؟

حتى الآن، لا خرق رئاسياً جدّياً عبر الحوار بين «الحزب» وباسيل. ولا يزال موقف الأخير حاسماً لجهة عدم السير بخيار فرنجية، مع العلم أنّ المعارضة إذا استمرّت في المعركة الرئاسية وقاطعت أي جلسة قد تنتج انتخاب فرنجية رئيساً، لن يتمكّن «الثنائي» مع «التيار» من تأمين النصاب اللازم لهذه الجلسة.

ولا يظهر أنّ باسيل في وارد «المقايضة» على اسم فرنجية، فهو لم يحفظ «خط الرجعة»، ويعارض انتخابه بشدة، فضلاً عن أنّ انتخاب مرشح «الثنائي» يشكّل مقتلاً سياسياً له، بحسب جهات مطّلعة، إذ إنّه يشكّل ثلاثة مخاطر على «التيار»:

الأول، إحياء تركيبة التسعينيات من القرن الماضي.

الثاني، إعادة إحياء التقليد المسيحي الذي «يأكل من صحنه».

الثالث، الدولة العميقة بتعييناتها وواقعها والمدرسة نفسها بالعمل نفسه.

هذا فضلاً عن أنّ باسيل الأدرى بأنّ تجربة «الضمانات» أو التسويات لا تعمّر أكثر من 6 أشهر من أي عهد رئاسي. كذلك هو الأدرى بأنّ «الحزب» ليس قادراً على أن يحميه سياسياً وفي الدولة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، فـ»الحزب» لم يتمكّن من حماية عون حليفه الأساس من بري ولم يتمكّن من حماية المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس ابراهيم من قرار بري بعدم التمديد أو التجديد له. ويعلم باسيل أنّ بري أقوى من «الحزب» على مستوى الهندسات داخل الدولة.

إلى ذلك، لا تزال معادلة باسيل حتى الآن: تخلّي «الحزب» عن فرنجية لكي يتراجع عن دعم مرشح التقاطع مع المعارضة الوزير الأسبق جهاد أزعور، للاتفاق على مرشح ثالث.

في المقابل ترى جهات عدة أنّ هذا الطرح «فخّ» لا يجب أن يقع فيه المسيحيون. وتقول مصادر مسيحية معارضة: «إنّ منطق المقايضة مرفوض، فضلاً عن أنّ وضع يد الفريق الآخر على رئاسة الجمهورية مرفوض أساساً».

وتقول مصادر حزب «القوات اللبنانية»: «إذا كانت مقايضة رئاسة الجمهورية برئاسة الحكومة مرفوضة فكيف بالحري مقايضة الرئاسة باللامركزية والصندوق السيادي. وذلك انطلاقاً من أنّ اللامركزية منصوص عليها في الدستور وهي حق لجميع اللبنانيين لم يُطبّق منذ عام 1990، ومن يتحمّل مسؤولية عدم تطبيقها هو النظام السوري ومشتقاته ومن ضمنها «حزب الله» كفرع أخير منذ عام 2005. وبالتالي، يجب أن تُطبّق اللامركزية من دون منّة من أحد ومن البديهي أن يُنشأ الصندوق السيادي ومن يرفض انشاءه يتحمّل تبعات ذلك».

المقايضة بحسب جهات مسيحية عدة، تكون بتسمية رئيس مجلس النواب الشيعي مقابل رئيس الجمهورية الماروني، على سبيل المثال. أمّا اللامركزية والصندوق السيادي فليسا تنازلاً من فريق لآخر أو مقايضة بين فريقين، بل بديهيات غير قابلة للمساومة ومقايضتها ستكون مدمّرة للمسيحيين وتعني الرضوخ لأجندة الفريق الآخر.

بالنسبة إلى المعارضة ولا سيما منها المسيحية، الموقف لا يزال: لا حوار لأنّ «الثنائي» ليس من يفرض أجندة الحوار، ولا رئيس ممانع فليس «الثنائي» من يفرض مرشحاً ممانعاً. وحتى لو استمرّ الشغور لسنوات، فإنّ أي تسوية ستقبل بها هذه المعارضة، ستكون على قاعدة تنازلات متبادلة ووصول الجميع إلى اسم مشترك ضمن القاعدة التوافقية، وليس مقايضة على «حق مقدّس». وتؤكد المعارضة المسيحية أنّها مستمرّة في هذه المواجهة مهما تمسّك «الثنائي» بفرنجية.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...