الرئيسيةمقالات سياسيةسيناريو أميركي.. بنسخة إيرانية؟

سيناريو أميركي.. بنسخة إيرانية؟

Published on

spot_img

نجاح تنفيذ أولى الهدن الإنسانية في غزة، وإتمام عملية تبادل الدفعة الأولى من الأسرى، يعتبر مؤشر أولي لخسارة تل أبيب الحرب، وبدء العد العكسي لرحيل نتانياهو وحكومته المتطرفة.
ورغم التصريحات النارية لجنرالات الحرب الإسرائيليين حول العودة للقتال بعد إستعادة الأسرى من «حماس»، فقد بدا واضحاً، أن قرار الحرب ليس في تل أبيب، بقدر ماهو في واشنطن، بين البيت الأبيض والبنتاغون، حيث التواصل بين وزير الدفاع الأميركي أوستن ووزراء «حكومة الحرب» الإسرائيلية، وخاصة رجل أميركا بيني غانتس، مستمر ، ومحوره الحفاظ على الهدنة في غزة حالياً، وعدم التصعيد على الحدود مع لبنان.

الواقع أن الوصول إلى الهدنة الحالية في غزة، أثار موجة إرتياح واسعة في لبنان، على المستويين الرسمي والشعبي، بعد أيام دقيقة من حبس الأنفاس، خاصة في الساعات التي سبقت موعد الهدنة، حيث بلغ التصعيد أوجه على الحدود الجنوبية، ودخول أسلحة إستراتيجية في المواجهات المحتدمة، وقَصَف الطيران الحربي الاسرائيلي عدة قرى وصولاً إلى النبطية، وإستمر في إستهداف الإعلاميين، فضلاً عن القصف الذي طال مجموعة من قيادات حزب الله، بينهم نجل النائب محمد رعد. عمد الحزب ،على أثرها، إلى الرد بقوة، مستخدماً صاروخ «البركان»، وقاصفاً أهدافاً في عمق الكيان الصهيوني.

وفي الوقت الذي كان فيه المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين يشدد في تل أبيب على وقف التصعيد مع لبنان، وعلى أن تشمل الهدنة الحدود الشمالية أيضاً، كان وزير خارجية إيران حسين عبد الأمير اللهيان، يصل بيروت في زيارة مفاجئة، ليعلن تأييد إيران لإتفاقية الهدنة في غزة، والتي يجب أن تشمل الحدود اللبنانية. الأمر الذي أكد مرة أخرى، «التلاقي» الأميركي ــ الإيراني على عدم توسيع رقعة الحرب في المنطقة، رغم محاولات نتانياهو لإشعال الجبهة في لبنان، عله يستطيع إنقاذ مستقبله السياسي، الذي سرّعت عملية « طوفان الأقصى» والحرب في غزة من نهايته الحتمية.
وعلى سيرة «التلاقي» غير المباشر بين واشنطن وطهران، في المفاوضات المستمرة في سلطنة عُمان، فقد وصلت معلومات إلى بيروت عن تفاهمات عربية ــ إقليمية ــ دولية، من خلال دول الخماسية، في أيلول الماضي، وإيران ليست بعيدة عنها، تقضي بتسريع إنتخاب رئيس جمهورية في لبنان، وتشكيل حكومة قادرة على تنفيذ متطلبات الإصلاحات الضرورية، ووضع البلاد على سكة الإنقاذ.
ولكن إندلاع الحرب في غزة أدى إلى تعليق تنفيذ هذه التفاهمات، بإنتظار جلاء غبار الحرب في غزة، فضلاً عن إنشغال دول الخماسية بتطورات الحرب الدرامية، وبمفاوضات الهدنة طوال الأسابيع الماضية.

وعشية سريان الهدنة في القطاع، وصل إلي بيروت موفداً قطرياً، وأُعلن في باريس أن الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان سيزور بيروت بعد غد الاربعاء، وذلك بالتزامن مع تقارير حول إستمرار المشاورات بين أطراف الخماسية، للتوصل إلى «تسوية ما» لإخراج بلد الأرز من نفق أزماته المتراكمة.
ثمة تكتم شديد حول تفاصيل التفاهمات التي تم التوصل إليها في الخارج، پإنتظار نتائج جولتي الموفدين القطري والفرنسي على الأطراف اللبنانية، والوقوف على ردود الفعل السياسية، على ما سيطرحانه في اليومين المقبلين.

ولكن يخشى فريق من اللبنانيين أن لا تكون التفاهمات الخارجية، قد راعت توازنات المعادلة الداخلية في لبنان، وما قد تتضمنه من «صفقة» لصالح المحور الإيراني،

على خلفية المحادثات الخلفية في عُمان، وما تم خلالها من توافق على عدم توسيع حرب غزة، وإبقاء ردود فعل جماعات الممانعة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، تحت السيطرة، وضمن قواعد الإشتباك، مقابل أثمان سياسية «دسمة» في بلدانها.
ورغم أن الظروف مختلفة بين مشاركة سوريا في حرب الخليج الثانية لتحرير الكويت من الإحتلال العراقي، وبين دور إيران في تهدئة الجبهات المحيطة بالكيان الصهيوني، إلا أن المعطيات والنتائج المتوقعة تثير قلق فريق من اللبنانيين، الذي يخشى أن تتكرر التجربة الأميركية عام ١٩٩١، والتي قضت بإطلاق يد سوريا في لبنان، تحت ستار تنفيذ إتفاق الطائف، بحيث يتم إطلاق يد إيران وحلفائها في لبنان بدءاً من الإنتخابات الرئاسية.
في التجربة السورية، تم إغتيال رئيس الجمهورية رينيه معوض المتفق عليه عربياً ودولياً، وإنتخاب خلفه النائب إلياس الهراوي، وبدعم مباشر من دمشق، التي إستمرت سيطرتها على الوضع اللبناني حتى نيسان ٢٠٠٥، إثر إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
فهل نحن أمام سيناريو أميركي مشابه بنسخة إيرانية.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...