الرئيسيةمقالات سياسيةرغم الاعتراضات... باريس "مُصرّة" على اسم فرنجية

رغم الاعتراضات… باريس “مُصرّة” على اسم فرنجية

Published on

spot_img

كتب الصحافي ميشال أبو نجم مقالاً في “الشرق الأوسط” بعنوان “فرنسا لا تريد سماع اسم آخر غير فرنجية لرئاسة لبنان”، جاء فيه: “في موسم التعيينات الدبلوماسية في وزارة الخارجية الفرنسية، ليس من المؤكد أن تشهد السفيرة الفرنسية لدى لبنان انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل أن تترك منصبها في بيروت، وتعود إلى الإدارة المركزية، حيث ستشغل مركز مديرة “مركز الأزمات” في “الكي دورسيه”، بحيث تخلي قصر الصنوبر لخليفتها هيرفيه غرو، السفير الفرنسي الحالي في أنقرة”.

وأضاف في المقال، “لكن مع هذه التغييرات أو من دونها، فإن الحراك الباريسي بالنسبة لكيفية ملء الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية ثابت ولم يتغير. وعبّرت مصادر واسعة الاطلاع في العاصمة الفرنسية عن دهشتها إزاء التفسيرات التي أعطيت لما صدر عن الناطقة باسم الخارجية يوم الخميس الماضي في تأكيدها أنه “ليس لفرنسا مرشح لرئاسة الجمهورية”، إذ إن المستغرب هو أن يصدر عنها عكس ما قالته لأنه كان سيعدّ “تدخلاً في الشؤون الداخلية اللبنانية” أو حتى “انتداباً جديداً” على لبنان.

وتؤكد مصادر متعددة تواصلت معها “الشرق الأوسط” في اليومين الماضيين، أن سياسة باريس لم تتغير وهي ما زالت ماضية في مقترحها السابق الذي تروج له، وهو تزكية انتخاب النائب والوزير السابق سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية مقابل وصول القاضي والدبلوماسي السابق نواف سلام لرئاسة الحكومة مع برنامج إصلاحي وضمانات قدمها فرنجية إلى باريس عند زيارته الأخيرة لها. ورغم الاعتراضات على الخيار المذكور التي نقلت إلى الخلية الدبلوماسية في قصر الإليزيه مباشرة، أو عبر السفيرة غريو، آخرها من النائب سامي الجميل، رئيس “حزب الكتائب”، وقبله من أركان المعارضة اللبنانية ومن نواب مستقلين، فإن المصادر المشار إليها تؤكد أن الجانب الفرنسي “ماض في خياره”، وأن الأسماء “البديلة” التي نقلت إليه ووجهت بحجج متنوعة مختلفة، أبرزها أن “حزب الله”، “غير قابل بها”، أو أن هذا أو ذاك من البدائل “غير معروف”، أو “لا يتمتع ببروفايل رئاسي”.

وذهب أحد المصادر إلى تأكيد أن الجانب الفرنسي “لا يريد الاستماع لأي اسم آخر غير الاسم الذي يقترحونه”، وهو مرشح “الثنائي الشيعي”، ويرون فيه الطريق للخروج من الفراغ، ووقف التدهور متعدد الأوجه في لبنان.

وأصبحت اليوم معروفة وواضحة الحجج الرئيسية التي تستند إليها المقاربة الفرنسية، أولها أن “حزب الله” هو الجهة القادرة على إطالة الفراغ إلى أي أمد يرتئيه، والدليل على ذلك ما قام به في عام 2016. ولذا، من وجهة النظر الفرنسية، فإن أي مرشح لا يقبله “حزب الله” سيكون وصوله إلى قصر بعبدا “مستحيلاً”.

بيد أن المصدر المذكور يرى سبباً آخر لـ”التعنت” الفرنسي، وهو أن باريس “لا تستطيع بين ليلة وضحاها الانقلاب على السياسة التي انتهجتها منذ شهور”، لأن ذلك سيعني افتقارها للجدية. وليس سراً أن باريس سعت للترويج لفرنجية من خلال نقل “الضمانات” التي تعهد بها إلى “الأطراف الأربعة” التي تشكل مع فرنسا “المجموعة الخماسية” (فرنسا والولايات المتحدة ومصر والسعودية وقطر) التي أخذت على عاتقها “مساعدة” اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية، ووضع حد لمسلسل الانهيارات المتلاحقة.

وقال مصدر نيابي لبناني لـ”الشرق الأوسط”، إن الجواب الذي عاد به المستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل، من الخليج، هو أن السياسة التي يمكن أن تتبع إزاء فرنجية “مرتبطة بالسياسات التي سيسير على هديها في لبنان إذا وصل إلى الرئاسة في موضوع السيادة والإصلاحات والعلاقة مع حزب الله وسوريا”.

والترجمة المباشرة لهذا الموقف يعني أن “لا رفض مبدئياً أو مطلقاً لفرنجية، والأمور مرهونة بأوقاتها وسيتعين النظر فيما إذا كان فرنجية سينفذ الالتزامات” التي نقلتها باريس. بالمقابل، فإن مصدراً آخر يقول إن المعلومات التي في حوزته تفيد بأن “التحفظات” على انتخاب فرنجية ما زالت على حالها.

أصبح واضحاً اليوم أن الطرح الفرنسي يواجه ليس فقط تحفظات بل رفضاً قوياً. وعمد “المعارضون”، منهم سامي الجميل، إلى تفنيد “الضمانات” التي يعتبر الجانب الفرنسي أن انتخاب فرنجية يوفرها. الجميل يرفض المقايضة بين رئيس منتخب لست سنوات ورئيس حكومة يمكن أن يطاح به في أي لحظة، والدليل على ذلك ما حصل مع الرئيس سعد الحريري عندما أسقط وهو يتأهب لدخول البيت الأبيض للاجتماع بالرئيس باراك أوباما. ويتساءل الجميل: “هل يتعين أن تصبح رئاسة الجمهورية من حصة حزب الله، فيأتي بمن يشاء ويرفض من لا يشاء؟”.

ويرى الجميل أن حزب الله يريد أن يكرس معادلة “نحن من يصنع رئيس الجمهورية” ولذا فإنه “لن يتخلى أبداً عن فرنجية”، لأنه إذا فعل فسوف سيكون الخاسر سياسياً، وأن شيئاً كهذا لن يحصل إلا في ظل ظروف إقليمية ودولية.

ويؤكد رئيس حزب الكتائب أنه “سيسعى لمنع اكتمال هذا المسار” بمرحلتين: توفير موازين قوى من شأنها تجميد الوضع ومنع انتخاب فرنجية، والطريق لذلك، كما يفهم، يمر عبر منع توفير النصاب لانعقاد مجلس النواب ما يفترض توافر الثلث البرلماني المعطل، ثم في المرحلة الثانية التفاهم على اسم المرشح البديل الذي يفترض به أن يكون متمكناً وصاحب رؤية لإيجاد حلول للمشكلات التي يعاني منها لبنان.

ومما يفترض توافره في “البديل” أن يسير بالإصلاحات الاقتصادية، وأن يعيد تمتين علاقات لبنان الخارجية، وأن يطرح موضوع سلاح حزب الله. والطرح العملي الذي يعرضه الجميل يقوم على التفاهم على سلة أسماء تكون وسطية ومقبولة من الطرفين، ثم يلتئم المجلس، وليفز من يحصل على الأصوات اللازمة. ويحرص الجميل على تأكيد أن لا مآخذ شخصية على سليمان فرنجية، بل تحفظات على سياسته. وتفيد تقديرات المعارضة بأن توفير الثلث المعطل ممكن، وأن الإشكالية ستدور حول اسم أو اسمين ليس إلا.

هكذا تبدو صورة المشهد السياسي من باريس اليوم. ثمة استعجال فرنسي بسبب التخوف من استمرار الفراغ ورغبة في طي الصفحة وتدارك ما حصل المرة الماضية. وبالمقابل، ثمة نوع من الخيبة من المسار الذي تسلكه باريس، ليس بسبب دفعها لفرنجية، بل لأنها لا تتفهم، كما يقول المعارضون، المخاوف والاعتراضات والفاتورة المرتفعة التي سيدفعها لبنان إذا كان العهد الجديد مستنسخاً عن “العهد السابق”، بحيث تكون الطريق إلى جهنم سالكة على كافة الخطوط”.

أحدث المقالات

بيروت: لقاء ثلاثة أجهزة مخابرات

بشكل متزامن، كانت بيروت مطلع الأسبوع، مسرحاً لوجود مخابراتي ثلاثي: فرنسي أميركي وإسرائيلي. والتفاصيل،...

ماذا لو أُرجئ بتّ مصير قائد الجيش إلى ما بعد الأعياد؟

بين مجلسَي النواب والوزراء يتجمّد بتّ مصير قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يبلغ...

تطبيق 1701: الحزب يرفض.. ويفاوض!!

في عام 2006 انتهت حرب تموز بإصدار القرار الأممي 1701 تحت الفصل السادس، لكن...

“الحزب” لن ينسحب: ثمن التفاوض لاستقرار الحدود ستدفعه إسرائيل

الاستعاضة عن الحرب في جنوب لبنان، يكون بالتوجه نحو اتفاق سياسي برعاية دولية إقليمية،...

المزيد من هذه الأخبار

مادة انتقاد “عونيّة” لقائد الجيش!

أضاف مسؤولون في «التيار الوطني الحر» أن إجراءات الجيش اللبناني لمكافحة تهريب الأفراد السوريين...

بو حبيب: فرنسا أقصتنا عن اجتماعات لأننا فشّلنا مبادراتها

عَقّد تجدّد الحرب الإسرائيلية على غزة المشهد إقليمياً ولبنانياً. عادت ساحة المواجهات بين «حزب...

تقويض القرار 1701… بتواطؤ دولي

يتعامل العالم مع جرائم هائلة تسحق أهل قطاع غزة وتبيدهم، بالكثير من البرود والتجاهل...

“تطابق” فرنسي-سعودي لبنانياً.. وتحذيرات حول مصير الجنوب

أصبحت الدوامة السياسية اللبنانية الداخلية “مضجرة” في كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الأساسية، لا سيما...

مهمة لودريان تبدَّلت من انتخاب الرئيس إلى السعي لتأجيل تسريح قائد الجيش

لم يعد خافياً أن الهدف الرئيس من زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيف...

لبنان بعد حرب غزّة… من يسأل عن قرار السلم والحرب؟

"لبنان ما بعد حرب غزة يشبه السؤال عن لبنان ما بعد الانتداب، ويشبه السؤال...

لودريان لم يطرح تعديلاً للـ1701… بل فرصة لتطبيقه

مع إعلان إسرائيل استئناف القتال ضدّ “حماس” سمحت أيام التبادل السبعة التي كانت واشنطن...

“ليونة” مستجدة بالملف الرئاسي.. وإصرار دولي على التمديد لعون

على وقع الزيارة الرابعة التي أجراها المبعوث الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان، تحدث...

بلى هُزمنا… والحلّ؟ فليحكم الحزب (1)

جرى هذا النقاش ضمن حلقة تفكير سياسي مناوئة للحزب ومرجعيّاته، في السياسة والأيديولوجيا والمنطلقات...

لبنان في مسار الحلّ من غزّة إلى واشنطن

عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان وإن كانت في شكلها لا تحمل أيّ مبادرة...

لودريان “دبلوماسيّ بلا قفازات”… ينفعل و”يَزعَل”

لكلّ حقبة سياسية مُعضلات وإشكاليات، تجذب معها وساطات ووفود خارجية، في مغامرة أشبه ببحث...

متى سيبدأ الدولار بالهبوط… 50 ألفاً أو أقلّ؟

قبل انتهاء ولاية رياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان، كان التوقّع العامّ السائد بين...

“تعديل” الـ1701 ومنطقة عازلة: التفاوض مع “الحزب” بنبرة نارية

يتنقّل لبنان في السجالات بين الملفات، من دون حسم أي منها. وقد أصبحت هذه...

دعم قوي من “الخماسية” لمهمّة لودريان… وقلقٌ أمميّ على لبنان

في ظل استمرار الهدوء الحذر الذي يخيم على المناطق الجنوبية، طالما أن الهدنة الممددة...

حراك دولي جدّي لكسر جليد الرئاسة وإطفاء جمر الحدود

على عادتهم، يبرع اللبنانيون في ضرب بعضهم البعض من تحت الحزام، بناء على حسابات...